تصاعدت امس المعارك في جنوب السودان بين القوات الموالية للرئيس سلفاكير ميارديت وأخرى مساندة لنائبه السابق ريك مشار في مدينة بور، عاصمة ولاية جونقلي، وتعرضت طائرة أميركية لإطلاق نار فوق المدينة ما أدى إلى جرح أربعة جنود فيها. وفي حين تضاربت المعلومات عن مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، تابع الوسطاء الدوليون والأفارقة بذل الجهود لتجنيب الدولة الوليدة حرباً أهلية. وفيما كررت حكومة جنوب السودان، على موقعها الإلكتروني، أنها على استعداد للحوار مع ريك مشار وجميع المتمردين «بدون شروط» مسبقة من أجل وقف أعمال العنف التي اندلعت منذ الأحد الماضي، وباشر وزراء خارجية دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) التي تضم أثيوبياوكينياوأوغندا والسودان وجيبوتي، إجراء اتصالات مع مشار بعد أن تلقوا موافقة سلفاكير على مواصلة مهتمهم. في غضون ذلك، يُنتظر وصول المبعوث الرئاسي الأميركي دونالد بوث إلى جوبا، الأمر الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في محادثة هاتفية مع سلفاكير، طالبه فيها باتخاذ قرارات صعبة لتجنيب بلاده خطر الحرب الأهلية. كما طلب كيري من زعماء الجنوب السيطرة على المجموعات المسلحة، ووقف الهجمات على المدنيين وإنهاء العنف بين مختلف المجموعات الإثنية والسياسية. كما حذرت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس جنوب السودان من أن واشنطن مستعدة لإنهاء دعمها «التقليدي والمهم» في حال استمرار أعمال العنف. إلى ذلك، أكد الجيش الأميركي إصابة أربعة من جنوده في إطلاق نار على طائرة أميركية في جنوب السودان كانت في مهمة لإجلاء رعايا أميركيين من بور عاصمة جونقلي التي سيطر عليها أنصار نائب الرئيس السابق مشار. وتوجهت الطائرة الأميركية بعد تعرضها لإطلاق نار لدى اقترابها من المدرج، إلى عاصمة أوغندا، كمبالا لإسعاف الجنود الجرحى، وذلك غداة إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال 45 جندياً إلى جنوب السودان لحماية السفارة الأميركية وديبلوماسييها هناك. كما أعلنت كينيا أمس أنها سترسل قوات إلى جنوب السودان لإجلاء حوالى 1600 من مواطنيها تقطعت بهم السبل في بلدة بور. ميدانياً، أعلن الناطق باسم جيش الجنوب فيليب أغوير، عن تقدم قواته نحو مدينة بور التي تبعد 150 كيلومتراً شمال جوبا، موضحاً أن مروحيات عسكرية أغارت عليها. ونفى أغوير بشدة سيطرة قوات مشار على ولاية الوحدة التي تضم غالبية حقول النفط، مؤكداً أن كل ولايات الجنوب العشر تحت السيطرة، ما عدا ثلاث مناطق في ولاية جونقلي هي بور وأكوبو والبيبور. في المقابل، عيّنت القوات الموالية لمشار الجنرال كوني شول حاكماً على ولاية الوحدة. وذكرت مصادر معارضة في بانتيو أن الحاكم الجديد وجّه كلمة إلى المواطنين عبر إذاعة محلية دعا فيها إلى الحفاظ على الأمن واحترم الإثنيات وعدم الدخول في مواجهات قبلية. وقالت ان مجموعة من أبناء قبيلة النوير في الجيش في ولاية الوحدة، أعلنت تمردها على سلفاكير بعد سماع خطاب الحاكم شول. وقال وزير شؤون الرئاسة السابق، القيادي في حزب «الحركة الشعبية» الحاكم في الجنوب لوكا بيونق، إن مشار يسيطر الآن على ولاية جونقلي وهو موجود هناك، معتبراً ذلك مكسباً عسكرياً كبيراً له. وقال إن تركيز مشار للسيطرة على مناطق النفط في ولايتي أعالي النيل والوحدة، سيشل تدفق النفط، وسينعكس ذلك سلباً على الخرطوموجوبا. وأضاف بيونق أن مشار يملك قوات في ولاية شرق الاستوائية، وتفيد الأنباء الواردة من هناك أنها استولت على توريت عاصمة الولاية. ورأى أن «هذا يعني قطع جميع الإمدادات التي يمكن أن تأتي من أوغندا، كما أن القوات الموجودة في شمال العاصمة جوبا كلها في يده». وكان رئيس مجلس الأمن السفير الفرنسي جيرار آرو حذّر من انزلاق جنوب السودان الى حرب أهلية، فيما دعا المجلس في موقف موحد قادة جنوب السودان السياسيين والعسكريين إلى العمل فوراً على وقف كل أشكال العنف والشروع في حوار سياسي يقود إلى مصالحة وطنية. ودان مجلس الأمن في بيان صحافي صدر بإجماع أعضائه، أعمال العنف «ضد المدنيين وإتنيات محددة ومكونات أخرى» في جنوب السودان، فيما أعلنت الأممالمتحدة أن 500 مدني قُتلوا حتى الآن وأنها تؤوي نحو 35 ألف مدني هربوا من الاشتباكات. وشدد على دعم عمل القوة الدولية في جنوب السودان.