شهدت ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل في جنوب السودان مواجهات دامية أمس، بين الجيش الموالي للرئيس سلفاكير ميارديت وقوات خصمه رياك مشار، ما خلف عدداً كبيراً من الضحايا والدمار والفوضى ونزوح للمدنيين، في وقت تسارعت الجهود الإقليمية والدولية لوقف القتال وتسوية الأزمة لتجنيب الدولة الحديثة حرباً أهلية. وأجرى الرئيس الكيني أوهورو كينياتا ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ميريام ديسالين محادثات في جوبا مع سلفاكير في محاولة لاحتواء العنف. وأعلن تلفزيون جنوب السودان أن سلفاكير تعهد أمام ضيفيه بحل سلمي للأزمة وإجراء مفاوضات مع مشار الأسبوع المقبل في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، برعاية دول شرق إفريقيا. وأشار التلفزيون الرسمي إلى أن سلفاكير تلقى دعوة من دول مجموعة التنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) لحضور قمتها في العاصمة الكينية نيروبي اليوم الجمعة. وتضم دول «إيغاد» كل من إثيوبيا وكينيا وإريتريا والسودان والصومال وجيبوتي. وأصدر الاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» بياناً مشتركاً حض على الحوار ووضع حد للصراع في جنوب السودان. وعبر البيان عن «قلق عميق إزاء التقارير الخاصة بتعبئة الميليشيات القبلية في جنوب السودان، والتي تهدد بمزيد من تصعيد النزاع وتحويله إلى عنف عرقي مدمر يعرّض وجود جنوب السودان للخطر». وأوفدت المنسقة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي أليكس روندوس إلى جوبا للمساعدة في إيجاد حل سياسي للصراع هناك والاتصال بالدول المجاورة. وقالت الناطقة باسم آشتون، مايا كوسيانيستش في بيان، إن «من الضروري أن يلتزم كل القادة السياسيين على الفور بإجراء حوار سياسي لحل خلافاتهم». كذلك أعلنت الحكومة الصينية إرسال مبعوثها الخاص إلى أفريقيا تشونغج يان هوا إلى جنوب السودان، لمحاولة للتوسط بين رئيس البلاد وخصومه السياسيين الذين يتهمهم بمحاولة الانقلاب على حكمه. وتعتبر الصين أكبر مستثمر في حقول النفط في جنوب السودان من خلال شركة النفط الصينية الوطنية العملاقة (سي إن بي سي) العاملة في حقول ولايتي الوحدة وأعالي النيل المضطربتين. وبدأ طرفا النزاع سلفاكير ومشار يستعدان لتسمية وفديهما إلى المحادثات بينهما، المقرر أن تستضيفها العاصمة الأثيوبية أديس أبابا الثلثاء المقبل، بوساطة أفريقية ودعم غربي ودولي. وقال زير خارجية جنوب السودان برنابا مريال بنجامين، أن ربيكا أرملة الزعيم الجنوبي الراحل جون قرنق، ستقود وفد التفاوض نيابة عن مشار ومجموعته. وأضاف: «سُمح لربيكا قرنق بمغادرة جوبا، ووصلت إلى نيروبي قبل يومين تمهيداً لمشاركتها كرئيسة لوفد التفاوض بالنيابة عن رياك مشار ومجموعته». ميدانياً، قال الناطق باسم جيش جنوب السودان فيليب أغوير ل «الحياة» هاتفياً أمس، إن ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل تشهد «قتالاً ضارياً بين الجيش والمتمردين وفوضى وحال نهب وسلب»، موضحاً أن المتمردين يسيطرون على الجزء الجنوبي من المدينة والجيش على شمالها وتوقع «استعادة الحكومة سيطرتها عليها في أي لحظة». وقال شهود إن آلافاً من مواطني ملكال، التي تُعتبر ثاني أكبر مدينة في جنوب السودان، نزحوا هرباً من القتال الذي أخذ طابعاً إثنياً. ولم يستطع أغوير تحديد عدد الضحايا المدنيين بسبب الفوضى التي ضربت وسط المدينة، مؤكداً أن حقول النفط في الولاية لا تزال بعيدة من القتال. وأضاف أن الجيش يحضّر هجوماً على بانتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية لاستعادتها من المتمردين. في غضون ذلك، طلبت الأممالمتحدة توفير أموال طارئة لمواجهة الوضع الإنساني الملح في جنوب السودان. وقال منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في جنوب السودان توبي لانزر، إن 90 ألف شخص على الأقل نزحوا خلال الأيام العشرة الماضية، من بينهم 58 ألفاً لجأوا إلى قواعد الأممالمتحدة في البلاد. ورجح أن يكون مئات آلاف فروا إلى الأدغال. وأعلنت الأممالمتحدة أن الوكالات الإنسانية تحتاج إلى 166 مليون دولار لتلبية الحاجات الملحة لسكان جنوب السودان حتى آذار (مارس) المقبل. وتتركز الحاجات على الجوانب الصحية والغذائية إضافةً إلى إدارة مراكز النازحين.