اتخذت تداعيات فضيحة الفساد في تركيا منحى جديداً، إذ قدّم الجيش التركي للمرة الأولى شكوى إلى مكتب المدعي العام في أنقرة، ضد إدانة مئات الضباط في قضايا انقلابية. واستند في الشكوى إلى حديث أبرز مستشاري رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عن «مؤامرة» ضد مؤسسات رسمية، بينها الجيش، في إشارة إلى جماعة الداعية فتح الله غولن. وأوردت صحيفة «حرييت» أن الشكوى التي قدمتها رئاسة أركان الجيش في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تشدد على أن ثمة أدلة ملفقة ومتلاعباً بها، في إدانة مئات الضباط في قضيتي «أرغينيكون» و «المطرقة» الانقلابيتين. وورد في الشكوى أن «ضباطاً في الشرطة القضائية ومدعين عامين وقضاة في المحاكمات التي قاضت ضباطاً في الخدمة وآخرين متقاعدين، تجاهلوا مناشدات من محامي الدفاع، وتلاعبوا بأدلة جنائية». ويأتي الإعلان عن الشكوى، بعد يومين على دعوة أحزاب معارِضة إلى إعادة محاكمة المدانين في القضيتين، إثر مقال نشره في صحيفة «ستار»، يالشين أكدوغان، أبرز مستشاري أردوغان، ورد فيه أن «الجميع يعلم أولئك الذين تآمروا ضد جيش بلادهم، و(جهاز) الاستخبارات، وبنك (خلق) والحكم المدني» في البلاد. كما أتت الشكوى بعدما قدّم الرئيس السابق للأركان الجنرال إلكر باشبوغ طلباً لإطلاقه، إثر حديث أردوغان عن «عصابات داخل الدولة» تعمل ضده في قضية الفساد. إلى ذلك، أوردت صحيفة «حرييت» أن حكومة أردوغان تُعِدّ ل «تقليم أظافر» القضاء، خصوصاً «المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين»، من خلال «إعادة هيكلة»، في محاولة ل «الإفلات» من التحقيق في فضيحة الفساد. وأشارت إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد نحو ثلاث سنوات على استفتاء أدخل تغييرات كبرى في النظام القضائي، شملت «المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين» ومحكمة الاستئناف العليا و «مجلس الدولة»، في إطار إصلاحات اقترحتها الحكومة. ونفى بشير أتالاي، نائب رئيس الوزراء التركي، معلومات أوردها النائب عن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برهان كوزو، تفيد بأن جهاز الاستخبارات التركي سلّم أردوغان قائمة بأسماء ألفي شخص يشكّلون «تنظيماً موازياً داخل الدولة». وتشمل القائمة ضباط شرطة بارزين وباحثين وبيروقراطيين وقضاة ومدعين عامين وإعلاميين ورجال أعمال. وكان أردوغان اعتبر التحقيق في فضيحة الفساد «محاولة اغتيال مخفية داخل رزمة فساد»، مضيفاً انه «يستهدف حكومة الشعب والإرادة الوطنية وصندوق الاقتراع والديموقراطية». وشدد في كلمة لمناسبة رأس السنة، على أن «التاريخ لن يغفر لمن تورطوا بهذه اللعبة»، داعياً مواطنيه إلى أن «يكونوا صفاً واحداً في مواجهة هذه الهجمات القبيحة على بلدنا». لكنه طمأن الأتراك إلى أن بلادهم في «أيدٍ أمينة وتواصل مسيرتها الظافرة نحو المستقبل». ورفضت محكمة في إسطنبول طلبات لإطلاق 10 مشبوهين في الفضيحة، بينهم نجل وزير الداخلية السابق معمر غولر ورئيس مجلس إدارة «بنك خلق» المملوك للدولة سليمان أصلان. وثمة طلب لإطلاق رجل الأعمال الأذري– الإيراني رضا زراب، المتهم باستخدام البنك في عمليات غير قانونية لبيع ذهب «تركي» إلى إيران، اعتُبرت التفافاً على العقوبات الغربية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي. واعتقلت السلطات الإيرانية رجل الأعمال البليونير بابك زنجاني المتهم أيضاً بالتورط بهذه القضية، علماً أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يزور تركيا غداً. إلى ذلك، سجلت الليرة التركية تراجعاً تاريخياً، إذ انخفضت إلى 2.1778 ليرة في مقابل الدولار، و2.9879 في مقابل اليورو. لكن علي باباجان، نائب رئيس الوزراء المكلف ملف الاقتصاد، حاول طمأنة الأسواق، قائلاً أمام منظمة لأرباب العمل: «هذا وضع موقت، يرتبط باعتبارات سياسية».