يواصل المخرج السوري علاء الدين كوكش في دمشق تصوير مسلسل «القربان» من إنتاج الشركة العامة للإنتاج الدرامي «الحكومية»، عن نص الكاتب الشاب رامي كوسا الذي اختار فترة ما قبل الأزمة ليسلط عليها الضوء، ويناقشها في مسلسله الأول على مستوى الدراما. وعن سبب اختياره لهذه الفترة الزمنية من سواها يقول كوسا ل «الحياة»: «التجارب السينمائية العالمية تؤكد أن صناعة منتج درامي عن راهن دموي مشتعل ليست تجربةً محمودة النتائج. الشارع السوري اليوم مستقطب ويتبادل اتهامات التخوين على ناصتي التطرف، وأي كلام في عمق الأزمة لن يحمل جديداً، وسيعاد تأويله وتصنيفه في اصطفافات لصالح هذا أو ذاك. بناءً على كل ما سبق وجدت نفسي في حضرة سؤال بسيط: لماذا وصلنا إلى هنا وكيف سقطنا إلى العمق القصي من درك الحياة؟ هذا السؤال بدا ملحاً في زمن الدم، وحاولت الإجابة عليه بصدق وحرية، فكان «القربان». ويضيف: «يحاول القربان الإجابة عن تساؤل متشعب المحتوى، كيف وصلنا إلى هنا؟ ما هي العوامل التي أدت إلى انجراف سورية إلى مستنقعها الأسود؟ هي لعنات الشرق إياها. كلها تتحول إلى طاعون يفتت أجساد الأمم حين يساء استخدامها، كتبت عن هذه العوامل انطلاقاً من جسد حكائي يتناسب والهوية العامة للعمل». وعن طريقة معالجته لخطوط العمل وتداخلها سياسياً ودرامياً أكد كوسا أنه عمل على عنصر التشويق، وقال: «الدراما التلفزيونية في نهاية المطاف وجدت لأجل غاية أساسية هي الترفيه. فالتسلية حاضرة لجهة تسارع الأحداث، والخط السياسي حاضر جداً، حتى أنه يشكل ركيزةً في الحكاية، خصوصاً أن انعدام الحياة السياسية في سورية قبل الأزمة كان سبباً رئيساً في تفسخ الجسد المثقف وضياع هوية النخبة الناظمة لضجيج الحركات الشعبوية المسحوقة. ولهذا فإن الصدق في تناول هذه الحقبة لا يحتمل تجاوز الكارثة السياسية التي كنا نعيش فيها... نعم السياسة حاضرة في المسلسل». وهل سيعرج في العمل على قضايا مرتبطة بالأحداث التي تشهدها سورية، يجيب كوسا: «كل القضايا في سورية مرتبطة بالأزمة، وكلها ساهمت في صناعة هذه الكارثة وترسيخها، في العمل، تتشابك الأحداث والخطوط الدرامية راسمةً تصوراً عاماً للأسباب التي قادتنا إلى لحظات الاختلاف الأول في آذار (مارس) 2011». ولكن ماذا يريد أن يقول كوسا من خلال مسلسل «القربان» ومن أين أتى هذا الاسم؟ يقول: «أحاول في «القربان» أن أصفع الوحش المستيقظ في نفوس بعض السوريين خلال عامين ونيف من عمر الأزمة. إنها مكاشفة مع الذات، تقضي بتحمل المسؤوليات الفردية قبل تقاذف اللوم وتهم الإقصاء. أحاول أن أعود بالذاكرة إلى مفترق لم نتعامل معه بالشكل الأمثل، هي فرصة للاعتراف بكتلة من الخطايا كنا ارتكبناها جميعاً بحق سورية الأم. أما عن عنوان العمل، فأترك تخمين فضائه الدلالي للمشاهدين على اختلاف انتماءاتهم الثقافية وتنوعاتهم واهتماماتهم وحجم التراكمات لدى كل منهم». و «القربان» من بطولة أمل عرفة، ندين تحسين بك، سامر إسماعيل، علا باشا، جهاد سعد، فايز قزق، شادي زيدان، وفاء موصلي، شادي مقرش، سامر عمران، وحسام الشاه.