يُقبل لبنان على السنة الجديدة وسط توقعات بتصاعد أزمته السياسية على نحو دراماتيكي بعد أن ودع عام 2013 بأحداث دموية وتفجيرات متتالية آخرها اغتيال أحد رموز قوى 14 آذار الوزير السابق محمد شطح قبل 5 أيام من نهايتها في تفجير سيارة مفخخة أودت بحياة 7 مواطنين آخرين، وهزّت لبنان وأطلقت اتهامات من هذه القوى طاولت «حزب الله» والنظام السوري بالمسؤولية عن الجريمة. وفيما رفعت تداعيات الجريمة التأزم السياسي في البلاد، والمفتوح على الصراع الإقليمي المحتدم، لا سيما في سورية، الى مرحلة جديدة، توحي مقومات الأيام المقبلة التي ينتظر أن تشهد ولادة حكومة مصغرة من شخصيات غير حزبية أو حيادية، لا ترضى عنها قوى 8 آذار و «حزب الله، الى ذروة جديدة من التعقيدات التي لا تحصى، نظراً الى ارتباطها باستحقاقات خارجية وداخلية مفصلية بدءاً بتمثيل لبنان في مؤتمر المانحين في الكويت لمساعدة الدول التي تستقبل مئات آلاف النازحين السوريين، في 15 كانون الثاني (يناير) الجاري، وصولاً الى عقد مؤتمر جنيف – 2 في 22 منه، مروراً بما سيشهده بدء المحاكمة الغيابية للمتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبينما واصلت عائلة الشهيد شطح وتيار «المستقبل» وقوى 14 آذار تقبل التعازي باستشهاده في مسقطه طرابلس، واستمرت عائلة التلميذ الشهيد محمد الشعار الذي أثارت وفاته جراء إصابته في الانفجار الذي استهدف شطح، تعاطفاً واسعاً، بتقبل التعازي في مسجد محمد الأمين في بيروت، انعكس الانقسام اللبناني وتشعباته الإقليمية على الموقف من المبادرة السعودية تمويل تجهيز وتسليح الجيش اللبناني من فرنسا بمبلغ 3 بلايين دولار وفق ما أعلنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وفي حين استمرت حملة الإعلام الموالي لقوى 8 آذار و «حزب الله» على هذا الإعلان، بطرح الشكوك حول الأهداف السياسية لما أعلنه الرئيس سليمان، قالت مصادر مقربة من الأخير ل «الحياة» إن «لا أحد من قادة 8 آذار يستطيع رفض دعم الجيش لأنهم لا يتوقفون عن اعتبار الجيش الملاذ الأخير لوحدة البلد وحماية الاستقرار فيه، على رغم توجسهم من مغزى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في سياق الصراع الإقليمي ونزعه الحجة من إصرار «حزب الله» على الاحتفاظ بسلاحه بحجة ضعف الجيش اللبناني». وأكدت هذه المصادر أن السبب الرئيس لتجنب قادة 8 آذار انتقاد المبادرة السعودية وما قام به سليمان من اتصالات ساهمت مع الرياض وباريس في إخراجها الى النور، هو أن «لا حجة منطقية عندهم كي يتصدروا هذه الحملة فتركوا الأمر لبعض وسائل الإعلام من باب الضغط، لأهداف لا علاقة لها بموضوع الجيش بقدر اتصالها بالصراع الإقليمي». وفي السياق نفسه، كان لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط موقف اعتبر فيه «التعاون السعودي – الفرنسي لدعم قدرات الجيش اللبناني لفتة كريمة ومشكورة في الوقت المناسب، لمواكبة المؤسسة العسكرية التي تؤدي مهماتها في ظروف بالغة التعقيد»، ودعا جنبلاط «كل مكونات المجتمع السياسي اللبناني الى تلقف هذه المبادرة بإيجابية، لأنها تصب في مصلحة مشروع الدولة التي تبقى المرجعية الوحيدة لجميع اللبنانيين». وقالت المصادر المقربة من الرئيس سليمان رداً على الملاحظات التي أثيرت في شأن المبادرة السعودية، إن أي هبة في تجهيز وتسليح الجيش ستمر حكماً في مجلس الوزراء وفق القوانين المرعية، ولذلك طلب سليمان من قائد الجيش العماد جان قهوجي بعد مكالمته أول من أمس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، التنسيق مع الجانب الفرنسي حول احتياجات الجيش. أما لجهة التوقعات بتأليف الحكومة الجديدة بعد مضي 10 أشهر على استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، خلال الأيام الأولى من العام الجديد، فإن الوسط السياسي يتهيأ للتعاطي مع ما سيقدم عليه سليمان والرئيس المكلف تمام سلام، حيث تكثف قوى 8 آذار المشاورات بين قياداتها لتحديد الخطوات الاعتراضية التي ستسلكها بعد صدور المراسيم، خصوصاً أنها ستكون حكومة من غير الحزبيين، خلافاً لإصرارها على حكومة من 9+9+6، تتمثل فيها مباشرة، على أن تتساوى مع 14 آذار بالحصول على الثلث المعطل فيها. وكان معاونا رئيس البرلمان نبيه بري وزير الصحة علي حسن خليل والأمين العام ل «حزب الله» الحاج حسن الخليل، واصلا لقاءاتهما فاجتمعا أول من أمس مع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وأشارت مصادر 8 آذار الى أن الحكومة الجديدة التي قد ترى النور قبل 15 الجاري هي من 14 وزيراً، وأن من أهداف إعلانها المبكر الحؤول دون حضور وزير الخارجية الحالي عدنان منصور مؤتمر جنيف – 2. وتقول مصادر متصلة بقوى 8 آذار إن إعلان هذه الحكومة سيتبعه مطالبة حركة «أمل و «حزب الله» الوزراء الشيعة الثلاثة الذين يمثلون الطائفة فيها الانسحاب منها، تمهيداً لاعتبارها غير دستورية وغير ميثاقية. وسواء استجاب هؤلاء أم لم يستجيبوا فإن وزراء قوى 8 آذار وحلفاءهم في «التيار الوطني الحر» والأحزاب الأخرى سيمتنعون عن تسليم الوزارات التي يتبوأونها (18 حقيبة) للوزراء الجدد، ويحولون دون ذلك عبر تحرك ميداني واحتجاجات شعبية، بهدف إسقاط الحكومة من دون أن يدعو الرئيس بري الى جلسة نيابية للاستماع الى بيانها الوزاري ومناقشته ثم التصويت على الثقة بحجة أنها غير ميثاقية وغير دستورية لأنها تشكلت من دون موافقة قيادة طائفة رئيسة هي الطائفة الشيعية. وقالت المصادر إن حجة الرئيس بري بعدم الدعوة الى جلسة الثقة هي أنه سبق له أن امتنع عن عقد جلسة تشريعية للبرلمان يقاطعها تيار «المستقبل» (احتجاجاً على التشريع في ظل حكومة مستقيلة) الذي يمثل الأكثرية في الطائفة السنية وبالتالي هو سيطبّق القاعدة نفسها على رفض نواب «أمل» و «حزب الله» الذين يمثلون الطائفة الشيعية، خصوصاً أن الحركة والحزب سيمتنعان عن حضور أي جلسة للتصويت على الثقة بالحكومة. من جهة ثانية تقدمت إسرائيل بشكوى الى الأممالمتحدة، ضد لبنان، وذلك على خلفية إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية على شمال إسرائيل، أمس الأول، بحسب ما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية. وقالت الإذاعة أمس، إن «مندوب إسرائيل الدائم لدى الأممالمتحدة، رون بروس أور، تقدم مساء الإثنين، بالشكوى الى مجلس الأمن على خلفية إطلاق الصواريخ». وبحسب الإذاعة، فإن «أور طلب تدخل مجلس الأمن في ظل التصعيد بإطلاق القذائف الصاروخية من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل». وقال أور إن «منظمة حزب الله نشرت آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية في قلب التجمعات السكانية في جنوبلبنان، بهدف إطلاقها على إسرائيل خلافاً للقانون الدولي». وذكرت وكالة «يو بي آي» ليل أمس ان الجيش اللبناني اعتقل أمير «كتائب عبدالله عزام في بلاد الشام» ماجد الماجد المطلوب في دول عدة.