يتشبث اليمن بمزيد من الأمل في عامه الجديد للمضي لطي ملفات الصراع التي هيمنت على أعوامه الثلاثة الماضية منذ اندلاع الاحتجاجات العارمة ضد النظام السابق، وفي سياق مساعيه نحو إنجاز باقي الخطوات المطلوبة لخريطة الانتقال السلمي للسلطة التي كانت رسمتها اتفاقية الرياض الموقعة من غالبية القوى المتصارعة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 والمعروفة ب «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة». وكسابقيه جاء حصاد عام 2013 حافلاً بالأحداث والتطورات على شتى الأصعدة، غير أن أبرز عناوينه سياسياً طغى عليه صخب مؤتمر الحوار الوطني الذي ظل عالقاً في الخلافات حتى نهايته، إلى جانب إحكام الرئيس عبد ربه منصور هادي قبضته على أهم مفاصل الدولة وتمكنه من توحيد الجيش عبر إعادة هيكلته وإطاحة كبار قادته المتصارعين. وتنامي نشاط تنظيم «القاعدة» وتصاعد انفلات الأمن وتواصل مسلسل الاغتيالات والاختطافات والهجمات المتكررة على المصالح الحيوية، وتفاقم الصدام الطائفي الضاري شمال البلاد بين الحوثيين والسلفيين واتسعت رقعته إلى مناطق جديدة. هادي يحكم قبضته على الجيش تمكن الرئيس عبدربه منصور هادي في 2013 من إنهاء آخر مظاهر الانقسام في صفوف الجيش، إذ أصدر في 10نيسان (أبريل) حزمة قرارات رئاسية ضمن مشروع إعادة الهيكلة، وصفها المراقبون ب «التاريخية»، لما أحدثته من تغيير جذري في قيادات الجيش، بدءاً من الإطاحة بنجل الرئيس السابق العميد أحمد علي صالح قائد ما كان يعرف ب «الحرس الجمهوري» واللواء علي محسن الأحمر، قائد ما كان يسمى ب «الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية». وأعادت قرارات هادي تقسيم المسرح العملياتي للجيش إلى سبع مناطق عسكرية واستحدثت منصب المفتش العام، ولقيت ترحيباً محلياً ودولياً واسعاً، باعتبارها خطوة مهمة على طريق إنجاز العملية الانتقالية والتهيئة لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني، واستكمالاً لخطة إعادة هيكلة الجيش، التي كان تم الإعلان عنها في كانون الأول (ديسمبر) 2012، وتم التوصل إليها بمساعدة خبراء عسكريين أميركيين وأردنيين. وأعاد هادي تعيين القائد العسكري البارز الذي انشق عن نظام صالح في 2011، اللواء الأحمر مستشاراً عسكرياً لشؤون الأمن والدفاع، كما عين النجل الأكبر للرئيس السابق، سفيراً لليمن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى تعيين ابني عمه طارق وعمار ملحقين عسكريين في سفارة اليمن لدى ألمانيا وجيبوتي. وأعادت هذه القرارات تقسيم المناطق العسكرية وفق مسرح عملياتي جديد، إلى سبع مناطق عسكرية، ملغية مسميات المناطق وفقاً للجهة الجغرافية، فيما أقرت لها تسميات رقمية، كما قضت بتحويل معسكر ما كان يسمى ب «الفرقة الأولى مدرع» في صنعاء إلى حديقة عامة، تسمى «حديقة 21 آذار (مارس)، وهو التاريخ الذي يصادف انشقاق اللواء علي محسن الأحمر عن نظام صالح وإعلانه الانضمام إلى حركة المحتجين السلميين» عام 2011. وعين قادة عسكريين على رأس عدد من ألوية الجيش التي كانت تتبع سابقاً الحرس الجمهوري، أو الفرقة الأولى مدرع، منهياً حالة الاستقطاب السياسي التي كانت ماثلة في صفوف القادة ما بين موال للنظام السابق، أو مؤيد لخصومه، كما استحدث منصب المفتش العام للجيش وعين نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة، وأربعة مساعدين لوزير الدفاع، وفقاً لخريطة الهيكلة. ويقول مراقبون سياسيون ل «الحياة» إن قرارات هادي في شأن إعادة هيكلة الجيش وإزاحة أطراف الصراع من صفوفه «تاريخية»، بالإضافة إلى كونها «انتصاراً له مكنه من السيطرة الكلية على زمام الأمور في البلاد». حصاد الحوار الوطني العاثر في 18 آذار 2013 انطلق مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بعد تحضيرات ومخاضات كانت استمرت نحو ثمانية أشهر، وذلك لجهة البحث عن حلول لمشكلات البلاد المستعصية وكتابة دستور جديد ينظم شكل الدولة ونظام الحكم ويحسم طبيعة العلاقة بين جنوب البلاد وشمالها، وبما يكفل إنهاء مطالب الانفصال المتنامية في الشارع الجنوبي. وضم المؤتمر الذي رأسه هادي وحظي بدعم دولي وإقليمي غير مسبوق 565 عضواً يمثلون مختلف المكونات السياسية والقوى المجتمعية، كما وافق جناح في «الحراك الجنوبي» على المشاركة، وتم تقسيم الأعضاء إلى تسع فرق عمل أهمها الفريقان المعنيان ببحث مشكلتي الجنوب وصعدة، إلى جانب فرق بناء الدولة والعدالة الانتقالية والحقوق والحريات والحكم الرشيد. واستطاعت غالبية فرق الحوار إنجاز تقاريرها مع نهاية المدة المقررة للمؤتمر في 18 أيلول (سبتمبر) في حين تعثر فريق «القضية الجنوبية» لجهة الخلافات التي نشبت حول عدد الأقاليم في الدولة الاتحادية المرتقبة، وبسبب الانسحابات المتكررة للمشاركين بخاصة أعضاء مكون «الحراك الجنوبي» الذي يطالب بإقليمين شمالي وجنوبي. وسط هذه الخلافات أقنع مستشار الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر الأطراف المتحاورة بتشكيل لجنة مصغرة من فريق «القضية الجنوبية» بالتساوي بين الشمال والجنوب عرفت بلجنة (8+8) إلا أن الخلافات داخلها ظلت ماثلة عند عقبة عدد الأقاليم، إضافة إلى الخلافات التي نشبت داخل مكون «الحراك الجنوبي» نفسه والتي قادت أخيراً إلى تشققه وانسحاب جناح يتزعمه رئيس فريق «القضية الجنوبية» والقيادي الجنوبي محمد علي أحمد من الحوار نهائياً، فيما استمر جناح الغالبية بقيادة ياسين مكاوي ومحمد علي الشدادي في المشاركة. ومع استئناف النقاشات لحسم هذا الملف وصلت الأطراف مجدداً إلى طريق مسدود قبل أيام من نهاية عام 2013، ما جعل المبعوث الأممي جمال بنعمر يتقدم بمقترح عرف لاحقاً (بوثيقة بنعمر) تضمن خريطة طريق لحسم الخلافات ووضع حلول لمشكلات الجنوب، ووافقت على المقترح ووقعت عليه غالبية المكونات في جلسة رعاها الرئيس هادي في ال23 من كانون الأول فيما رفضته مكونات وأحزاب أخرى وسط مخاوفها من أن يؤدي إلى تفتيت البلاد. تضمنت الوثيقة جملة من المبادئ الدستورية والضمانات أهمها قيام دولة اتحادية، كما تركت تحديد عدد الأقاليم بعد تعذر التوافق عليه للجنة يشكلها هادي لاحقاً برئاسته وبتفويض من مؤتمر الحوار ويكون قرارها نافذاً بعد أن تفاضل بين خيار الإقليمين الذي يطالب به «الحراك الجنوبي» والحزب الاشتراكي، وخيار الستة أقاليم الذي يدعمه هادي وقوى سياسية أخرى. ونصت على إعطاء الجنوبيين نصف المقاعد في مؤسسات الدولة في فترة ما بعد الحوار وإزالة المظالم التي لحقت بهم في الماضي وتعويضهم وتقديم ضمانات دستورية تكفل عدم الانفراد بالقرار المصيري من دون موافقتهم. ووسط تطلعات اليمنيين والمجتمع الدولي إلى انعقاد جلسة الحوار الأخيرة وإقرار وثيقته النهائية قبل نهاية عام 2013 تمهيداً لتشكيل لجنة كتابة الدستور ومواصلة إنجاز بقية متطلبات العملية الانتقالية، كانت الأطراف المشاركة في الحوار وافقت على تمديد العملية الانتقالية عامين آخرين برئاسة هادي نظراً إلى عدم استكمال الخطوات المنصوص عليها في اتفاق «المبادرة الخليجية وآليتها» في وقتها وتعذر إجراء انتخابات شباط (فبراير) 2014 في موعدها المقرر. وفي ظل الصعوبات والعوائق الكثيرة التي اعترضت طريق الحوار الشاقة كان دور المجتمع الدولي حاسماً وداعماً قوياً، سواء في ما يتعلق بسفراء دول (مجموعة العشر) في صنعاء أو ما يتصل بدور المبعوث الأممي ورحلاته المكوكية بين صنعاء ونيويورك التي قدم خلالها نحو 25 تقريراً لمجلس الأمن الدولي منذ 2011، أو لجهة بيانات المجلس المتتالية في شأن اليمن، فضلاً عن قيام المجلس بكامل أعضائه في 27 كانون الثاني (يناير) بزيارة إلى صنعاء في بادرة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، دعماً لهادي وتشجيعاً لليمنيين على إنجاح الحوار والمضي في إكمال عملية نقل السلطة. كما استمر الدور الخليجي حاضراً بقوة، سواء من خلال مواقف الأمين العام لدول مجلس التعاون عبداللطيف الزياني أو عبر زياراته التي شكلت داعماً قوياً لإنجاح الحوار وتأييد قرارات هادي. حصاد المواجهة مع الإرهاب على رغم انكسار تنظيم «القاعدة» عام 2012 وتمكن الجيش اليمني المسنود بميليشيا «اللجان الشعبية» من استعادة مدن أبين وشبوة في جنوب البلاد من قبضته، إلا أن التنظيم واصل عملياته في عام 2013 بوتيرة عالية سواء عبر استمرار مسلسل الاغتيالات لضباط الأمن والاستخبارات والجيش واستهداف مليشيا «اللجان الشعبية»، أو تنفيذ الهجمات المباغتة والانتحارية على المواقع العسكرية والأمنية، أو من خلال السعي للسيطرة على مناطق على الأرض. وأحصت «الحياة» منذ مطلع العام 80 عملية اغتيال في عموم مناطق اليمن سقط جراءها العشرات، من ضمنهم أكثر من 30 ضابطاً كبيراً برتبتي العميد والعقيد، في حين تنوع الأسلوب المتبع في تنفيذ هذه الاغتيالات بين إطلاق الرصاص من على متن دراجة نارية وبين زرع عبوة ناسفة، ونصب أكمنة، إلا أن أغلبها جاء باستخدام الدراجات، بينما سجلت حضرموت (شرق) أعلى نسبة من حيث عدد الحوادث وتلتها العاصمة صنعاء. وشن التنظيم عشرات الهجمات المباغتة منذ بداية العام على حواجز أمنية ونقاط تفتيش ومقرات أمنية وعسكرية معظمها في محافظات حضرموت وشبوة وأبين ومأرب والبيضاء وسقط فيها قرابة 900 قتيل وجريح. استهدفت إحدى الهجمات في 20 أيلول معسكراً للأمن وموقعاً للجيش في شبوة وأسقطت 25 قتيلاً و30 جريحاً وتمكن التنظيم من أسر نحو 15 جندياً، في حين جاءت أوسع هذه الهجمات وأكثرها جرأة بعد عشرة أيام فقط مستهدفة مقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية في مدينة المكلا كبرى مدن حضرموت، إذ تمكن المسلحون من احتلال المقر العسكري لثلاثة أيام قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة، فيما أدى الهجوم الذي قاده 15 مسلحاً إلى مقتل حوالى 20 ضابطاً وجندياً وجرح 30 آخرين. أما أخطر هذه الهجمات وأكثرها شراسة ووحشية فكانت في الخامس من كانون الأول على مجمع وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء، وأسفرت عن مقتل 65 شخصاً وإصابة أكثر من 200، وشارك فيها 12 مسلحاً بينهم سبعة سعوديين اقتحموا المكان وفجروا سيارة مفخخة بالقرب من مستشفى داخل أسوار المجمع، قبل أن يقدم أحد المهاجمين على قتل الأطباء والممرضات والمرضى بدم بارد كما أظهرته لاحقاً تسجيلات كاميرات المراقبة. وقتل قريب للرئيس هادي في الهجوم، واستغرق تحرير مباني الوزارة نحو عشرين ساعة، وأعلن التنظيم في تسجيل مصور لقائده العسكري قاسم الريمي بعد نحو أسبوعين مسؤوليته عن الهجوم واعترف في سابقة من نوعها بخطئه، عارضاً دفع تعويضات لعائلات القتلى ومعالجة الجرحى، ومؤكداً أن هدف الهجوم كان غرفة تحكم خاصة بالطائرات الأميركية من دون طيار. وشهد عام 2013 اعتراف التنظيم رسمياً بمقتل رجله الثاني السعودي الجنسية سعيد الشهري في ضربة جوية من دون أن يحدد زمانها ومكانها، كما شهد محاولته البحث عن موطئ قدم جديد له شرق البلاد بعد اندحاره من مناطق أبين وشبوة في الجنوب، إذ خطط للسيطرة على منطقتي غيل باوزير والشحر في حضرموت، قبل أن تقود السلطات عمليات واسعة لإفشال مخططه وملاحقة عناصره في البلدتين. وفي محافظة البيضاء (جنوبصنعاء) خاض مسلحو التنظيم القبليين مواجهات مع الجيش في أوقات متفرقة كان أشرسها في الشهرين الأولين من عام 2013 قبل أن تتوقف بناء على هدنة مع السلطات المحلية قادها وسطاء قبليون ورجال دين، في حين تمكنت طائرة من دون طيار في 30 آب (أغسطس) من قتل قائد التنظيم المحلي في المحافظة الزعيم القبلي قائد الذهب. وإزاء تنامي نشاط «القاعدة» أكد الرئيس هادي في أكثر من مناسبة استمرار بلاده في محاربة الإرهاب، فيما كانت واشنطن أعلنت مطلع آب نفيراً عالمياً محذرة من هجمات للتنظيم بعد رصدها اتصالات بين زعيمه العالمي أيمن الظواهري وزعيم فرع اليمن ناصر الوحيشي، ما جعلها تغلق سفارتها لأسبوعين في 18 دولة بينها اليمن، وتبعتها في إجرائها دول غربية عدة. وأعلنت السلطات في مناسبات عدة إحباط عمليات ل «القاعدة» ضد منشآت عسكرية وحيوية، في حين يقدر عدد من أوقفتهم من المشتبهين بانتمائهم للتنظيم خلال العام ب150 شخصاً، كما أخضعت للمحاكمة أكثر من 200 آخرين بينهم أجانب من مختلف الجنسيات، ومتهمون بالتخطيط لاغتيال هادي. وظل التعاون بين صنعاءوواشنطن في مجال الحرب على الإرهاب مزهراً خلال 2013، وكشف هادي عن مشاركة اليمن في ثلاث غرف عمليات دولية متخصصة في تحركات «القاعدة» تقع في البحرين وجيبوتي والولايات المتحدة، فيما واصلت الأخيرة عمليات طائراتها من دون طيار على الأراضي اليمنية ضد عناصر مفترضين من التنظيم، واستهدف أغلبها محافظات حضرموتومأرب وشبوة وأبين والجوف والبيضاء حيث ينشط مسلحو التنظيم. وأحصت «الحياة» من أول العام أكثر من 25 غارة جوية سقط فيها أكثر من 120 مسلحاً، في وقت استمرت حدة السخط الشعبي والسياسي محلياً جراء استمرار هذه الغارات التي تحصد من حين لآخر ضحايا مدنيين، كما هي الحال مع غارة استهدفت منطقة قبلية في محافظة البيضاء في كانون الأول وأصابت سيارة ضمن موكب زفاف ما أدى إلى مقتل 12 شخصاً وجرح 17 آخرين غالبيتهم لا صلة لهم بالتنظيم. ورصدت «الحياة» ندرة في ظهور قادة التنظيم إعلامياً، إذ ظهر زعيمه ناصر الوحيشي في تسجيل وحيد خلال 2013 توعد فيها بإطلاق عناصر «القاعدة» السجناء لدى السلطات، كما ظهر القائد العسكري للتنظيم قاسم الريمي في ثلاثة تسجيلات آخرها اعترف فيه بتبني الهجوم على وزارة الدفاع اليمنية. الاختطافات وتخريب المصالح الحيوية على رغم صدور قرار إعادة هيكلة أجهزة وزارة الداخلية وتغيير غالبية القادة الأمنيين في عام 2013 إلا أن انفلات الأمن عم كل المحافظات بشكل غير مسبوق، وساعد هذا الانفلات على استمرار مسلسل استهداف الأجانب وخطفهم، إلى جانب تواصل الهجمات القبلية على أنابيب تصدير النفط والغاز وشبكة الكهرباء وخطوط الإنترنت، وكذا قطع الطرقات الرئيسة، ونشاط شبكات تهريب السلاح والمخدرات. وأحبطت السلطات تهريب خمس شحنات من الأسلحة التركية قبالة شواطئها الجنوبية الغربية، كما اعترضت مطلع العام سفينة أسلحة إيرانية متقدمة في مياهها في البحر العربي وعلى متنها ثمانية بحارة يمنيين، كانت في طريقها إلى الفصائل الموالية لإيران. ورصدت «الحياة» عدداً من عمليات اختطاف الأجانب في 2013، منها اختطاف ديبلوماسي إيراني في تموز (يوليو)، وزوجين هولنديين في حزيران (يونيو)، وزوجين من جنوب أفريقيا في أيار (مايو)، وكذا اختطاف موظف لدى الأممالمتحدة من سيراليون، وفيما لا يزال مصير الأخير مع الديبلوماسي الإيراني والجنوب أفريقيين مجهولاً، أطلق سراح الهولنديين بعد دفع فدية مالية، كما أطلق قبلهما سراح زوجين فنلنديين وثالث نمساوي بذات الطريقة. ولم يعلن تنظيم «القاعدة» عن تبني هذه العمليات، في حين يعتقد أن مسلحي القبائل باتوا يجدون في محاكاة أسلوب «القاعدة» وخطف الأجانب ثم المطالبة بفدية عملاً مربحاً في ظل انفلات الأمن وضعف قبضة الدولة. ولقي حارس السفيرة الألمانية في صنعاء مصرعه أثناء محاولة لاختطافه من قبل مسلحين وتعرض ديبلوماسي ياباني في 15 كانون الأول لعدة طعنات بعد فشل اختطافه في صنعاء، وقتل قبل ذلك خبير بيلاروسي وأصيب مواطنه برصاص مسلحين في 26 تشرين الثاني. كما تواصلت الهجمات القبلية على المصالح الحيوية للبلاد طوال العام، وأحصت «الحياة» 38 تفجيراً لأنابيب تصدير النفط والغاز، وأكثر من 60 عملية تخريبية لخطوط الطاقة الرئيسية، ونحو 15 اعتداء على خطوط الإنترنت الرئيسة. وتمت غالبية هذه العمليات في محافظة مأرب (شرق صنعاء) على خلفية مطالب متنوعة لم تلبها الحكومة، وتمادى مرتكبوها المعروفون في الإقدام عليها كل مرة مستغلين ضعف الأمن وتحاشي الدولة الدخول في مواجهات واسعة مع مسلحي القبائل قبل انتهاء الحوار الوطني وإتمام العملية الانتقالية. وكبدت هذه الهجمات خزينة الدولة وفق تصريحات المسؤولين الحكوميين ما يعادل أكثر من ستة بلايين دولار أميركي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهو ما أدى إلى مضاعفة الأعباء الاقتصادية على الدولة التي تعتمد على عائدات بيع النفط والغاز لتغطية 70 في المئة من موازنتها. الصراع الطائفي في الشمال وعلى رغم انخراط الأطراف السياسية في مؤتمر الحوار الوطني بما فيها جماعة الحوثي التي تسيطر على محافظة صعدة ومناطق أخرى شمال البلاد، إلا أن الجماعة أخذت في التوسع على الأرض إلى مناطق أخرى في صعدة وفي المحافظات المجاورة، ما أدى إلى احتدام الصراع الدامي بينها وبين السلفيين والموالين لهم من مسلحي القبائل في أكثر من منطقة. وبدأ الصراع على هيئة اشتباكات متقطعة بين الحوثيين والسلفيين في بلدة دماج السلفية الواقعة في صعدة إلا أنه سرعان ما تحول إلى معارك طاحنة في الشهرين الأخيرين وامتد إلى أكثر من جبهة محيطة بصعدة بعدما أخفقت الوساطة الحكومية التي كلفها الرئيس هادي بإقناع الفريقين بوقف الصراع. وأبقت السلطات الجيش على الحياد خوفاً من انهيار الحوار الوطني الدائر في صنعاء، في حين تشير المصادر إلى سقوط مئات القتلى والجرحى منذ تجدد المعارك مطلع تشرين الثاني وسط تكتم الحوثيين على حجم خسائرهم. ويتهم السلفيون جماعة الحوثي بأنها تعتزم السيطرة على منطقة دماج التي تضم معهداً سلفياً منذ ثمانينات القرن الماضي ويؤمه مئات الطلاب اليمنيين والأجانب، معتمدة على قوة السلاح، في حين يرد الحوثيون بأن البلدة باتت ملاذاً للجماعات التكفيرية من جنسيات مختلفة ولا بد من إخراجهم. ومع اشتداد القتال في دماج تداعى مئات السلفيين المسلحين من عموم اليمن إلى مناطق «كتاف» و «حرض» و «حاشد» المحيطة بصعدة شمال البلاد لإجبار الحوثيين على فك الحصار عن دماج، ما قاد إلى تفجر الوضع في هذه الجبهات التي يستخدم المقاتلون فيها كافة أنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة. ويقود الزعيم القبلي البارز حسين الأحمر وأشقاؤه المعارك ضد الحوثيين في مناطق حاشد القبلية حيث معقلهم الرئيس في محافظة عمران إلى جانب السلفيين خوفاً من سقوطها في يد الحوثيين، في حين تزداد المخاوف من امتداد الصراع الطائفي إلى مناطق أخرى بخاصة في ظل التوتر القائم بين الجانبين في ضواحي العاصمة صنعاء ومحافظة الجوف المتاخمة لصعدة. وكان الفريق المعني بالبحث في قضية صعدة في الحوار الوطني أقر جملة من الحلول بينها معالجة آثار الحروب السابقة بين الحوثيين والدولة في عهد النظام السابق، وضمان حرية المعتقد والفكر مقابل أن يتم تسليم السلاح الثقيل وتعود الدولة لبسط سيطرتها على المحافظة. الحصاد الجنوبي باستثناء موافقة عدة فصائل على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لم يشهد عام 2013 أي تغير جذري في موقف «الحراك الجنوبي» الداعي إلى انفصال الجنوب واستعادة الدولة التي كانت قائمة فيه قبل إعلان الوحدة مع الشمال في عام 1990. إذ استمرت الاحتجاجات في معظم مناطق الجنوب، ونظمت قوى «الحراك» الموالية للرئيس الجنوبي السابق المقيم في الخارج علي سالم البيض تظاهرات حاشدة في عدن (كبرى مدن الجنوب) أكثر من مرة مؤكدةً رفض الحوار الوطني الدائر والتمسك بمطلب استعادة الدولة. وفي حين أخفقت جهود المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر في إقناع القيادات الجنوبية المقيمة في الخارج بالالتحاق بالحوار، لم تستطع هذه القيادات أيضاً بلورة موقف موحد يعكس تماسكها إزاء التطورات التي تشهدها البلاد، وذلك بسبب الصراعات التاريخية في ما بينها. وجراء تنامي النزعة الانفصالية والجنوح إلى العنف أثناء الاحتجاجات سقط بامتداد العام عشرات القتلى والجرحى في مواجهات مع قوات الشرطة والجيش، وكانت آخر هذه الاحتجاجات تلك التي اندلعت في 20 كانون الأول تحت مسمى «الهبة الشعبية» منطلقة من حضرموت على خلفية مقتل زعيم قبلي حضرمي برصاص الأمن. وتصاعدت أحداثها مسفرة عن قتلى وجرحى بسبب محاولة «الحراك الجنوبي» ومسلحي القبائل السيطرة على مقرات الأمن ومعسكرات الجيش في حين حاول الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المنحدر من الجنوب أن يستميل الجنوبيين من خلال عدد من القرارات الرئاسية الرامية إلى إزالة المظالم التي لحقت بهم بعد حرب صيف 1994 التي انتصر فيها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وحلفاؤه ضد معسكر البيض الذي أعلن تراجعه عن الوحدة آنذاك. وقضت هذه القرارات بإنشاء لجنة من القضاة لإعادة المسرّحين من وظائفهم ومن أحيلوا على التقاعد تعسفاً من المدنيين والعسكريين إلى الخدمة وتعويضهم، إلى جانب لجنة أخرى لاستعادة الأراضي في الجنوب التي استولى عليها نافذون في عهد صالح. وأصدر هادي قراراً بإلغاء الاحتفال بالانتصار في تلك الحرب، وعين مئات القادة الجنوبيين في مناصب عسكرية وحكومية، كما قدمت الحكومة من جهتها اعتذاراً إلى الجنوبيين والحوثيين عن الحروب السابقة، بالتزامن مع عودة المئات من العسكريين إلى الخدمة. وفيما يتوقع عودة 80 ألف موظف مدني وعسكري إلى وظائفهم، أصدر هادي قرارات بإنشاء صندوقين الأول خاص بتعويض ضحايا الانتهاكات من «الحراك الجنوبي» ومن المحتجين ضد نظام صالح، والآخر خاص بتعويض الجنوبيين العائدين إلى وظائفهم.