كثير الحركة والنشاط على خط التماس، يصرخ في وجوه لاعبيه ويوجههم بحماسة لا تقل عما كان عليه حين كان لاعباً بالنادي والمنتخب الأرجنتيني أعوام التسعينات من القرن الماضي. شخصيته الكارزمية وحماسته الفياضة وقراءته التكتيكية الجيدة للمباريات أعطت النادي الثاني للعاصمة الإسبانية أتلتيكو مدريد وجهاً آخر غير الذي كان عليه قبل قدومه إليه صيف 2011. ولا يجد المدريديون غضاضة في نسبة الفضل إلى صاحبه والاعتراف بأن فريقهم بقيادة الأرجنتيني دييغو سيميوني أظهر روح المنافسة الشديدة والحماسة في أكثر من مباراة ومناسبة كان من بينها نهائي الدوري الأوروبي في الموسم الماضي أمام بلباو، ثم في كأس السوبر الأوروبي أمام تشيلسي الإنكليزي في بداية الموسم الجاري، ثم أمام ريال مدريد في نهائي كأس إسبانيا الموسم الماضي، ثم تصدره اللافت والمستحق لدوري الليغا الإسبانية بداية الموسم الجاري وتأهله عن جدارة للدور الثاني لدوري الأبطال الأوربية. والواقع أنه منذ أن توج أتليتيكو بثنائية دوري وكأس إسبانيا عام 1996، لم يتولَّ تدريب الفريق أي مدرب يمتلك الشخصية القوية التي يتمتع بها سيميوني الذي يسير في درب قد يرفعه مستقبلاً إلى مصاف أنجح المدربين الذين عملوا في الدوري الأسباني وذلك إذا واصل رحلة النجاح مع الفريق وخصوصاً بعد قراره تمديد عقده مع النادي حتى 2017. وقد بدأ الرجل بقطف أولى ثمار التألق بتتويجه أخيراً بجائزة أفضل مدرب بالدوري الإسباني في الاستفتاء الذي نظمته رابطة اللاعبين المحترفين الإسبانية للاعبين والمدربين والفرق الأفضل في الدوري الإسباني- الدرجة الأولى والثانية للموسم الماضي 2012-2013. ومنذ مجيء سيميوني (43 عاماً) إلى أتلتيكو الذي لعب له ثمانية مواسم من 1994 إلى 1997 ثم من 2003 إلى 2005، تغيرت أوضاع النادي من فريق يلعب الأدوار الثانوية إلى فريق ينافس قطبي الليغا الإسبانية (برشلونة والريال) قبل أن يمتد بريقه إلى خارج إسبانيا فارضاً نفسه لاعباً أساسياً بالدوري الأوربي ثم دوري أبطال أوروبا. وعزت صحيفة «ماركا» الإسبانية الرياضية «الوهج» الذي يعيشه أتلتيكو منذ عامين إلى المدرب الأرجنتيني الشاب دييغو سيميوني مؤكدة أن « سيميوني منح أتلتيكو روحاً جديداً كما منحه عقلية الفوز والانتصارت». يأتي ذلك على رغم خلوه عند مجيئه من نجومه الأولى على غرار فرناندو توريس والأرجنتيني سيرخيو أغويرو والأوروغوياني دييغو فورلان قبل أن يتبعهما لاحقاً لاعبون آخرون صنع نجوميتهم بنفسه على غرار الكولومبي فالكاو. ويقر لاعب وسط أتلتيكو كوكي الملقب بتشافي الجديد: «قبل قدوم سيميوني كنا مرتبكين لأن الأمور لم تكن جيدة. خرجنا من الكأس أمام الباسيتي (درجة ثانية). فجاء المدرب وغير العقلية تماماً. إذ أظهر لنا كيف تكون العقلية الإيجابية ومنذ ذلك الوقت تغيرت الأمور». في ممارسة الرجل إيمانه القوي بروح المجموعة التي تشكل الفريق بينما لا يصنع ذلك النجوم، بحسب رأيه. ولا غرابة بعدها أن يفرط في نجمه الكولومبي لمصلحة موناكو. إذ خسر النجم صاحب الأهداف الغزيرة بالدوري الإسباني الموسم الماضي لكنه كسب المجموعة التي بادلته الثقة فتألقت إلى حد منافسة برشلونة والريال على لقب الليغا وتأهلت للدور الثاني بدوري الأبطال الأوروبية. ما يؤكد ذلك الظهور اللافت لعدد من اللاعبين الشباب في صفوف أتلتيكو تحولوا خلال الموسم الجاري إلى لاعبين أساسيين بالمنتخب الإسباني على غرار كوكي وماريو سواريز. فيما شد إليه الأنظار البرازيلي دييغو كوستا الذي أحرز 16 هدفاً – حتى كتابة هذه السطور- ليصبح من أخطر المهاجمين في العالم ومحط صراع بين البرازيل بلده الأصلي وإسبانيا للعب في كأس العالم قبل أن يفضل الأخيرة. ويقول لاعب الوسط خوانفران: «نثق في مدربنا لأنه يعرف كيف يستخرج أفضل ما لدينا من طاقة. من الواضح أن أتلتيكو هو فريق كؤوس، فنظام خروج المغلوب يناسبنا. أنا من الذين يعتقدون أن الدوري الإسباني ما يزال الأفضل والأقوى والأكثر تنافسية، والفوز فيه قد يكون أصعب من دوري الأبطال». أما أسطورة كرة القدم الإسبانية لويس أراغونيس فامتدح كثيراً المدرب الحالي لأتلتيكو مدريد دييغو سيميوني معتبراً إياه «كلمة السر في الإنجازات التي يحققها الفريق في الوقت الحالي». وقال أراغونيس: أتلتيكو بدأ الموسم في شكل رائع، وسيميوني هو السبب في ذلك فهو يعمل في شكل مذهل، لكنني أعتقد أن النادي بأكمله كذلك». وعن إمكان فوز أتلتيكو مدريد بالدوري الإسباني قال أراغونيس: أعتقد أن الدوريات تنتهي في آخر ست جولات، لذا فإذا وصل الفريق إلى هذه المرحلة وهو يملك الفرصة فلم لا؟ من يدري؟». لكن دييغو سيميوني وحده العارف بسر نجاح فريقه في الموسمين الماضين، وتقديمه مستويات باهرة توجها بالفوز بلقب أوروبا ليغ، ومدى قدرته على المنافسة على لقب الليغا هذا الموسم. أجاب سيميوني عن سر نجاح فريقه مؤكداً: «نحن نلعب مباراة بمباراة، لا نفكر في المستقبل لأن تفكيرنا مقتصر على الحاضر وعلى المباراة المقبلة». وأضاف المدرب الأرجنتيني: «نحن نعلم أن الأمور يمكن أن تكون أصعب من الآن، لذلك نحن نلعب كل مباراة كأنها المباراة الأخيرة لنا». دييغو سيميوني.