قال وزراء بارزون في الحكومة الأردنية ل «الحياة» إن جماعة «الإخوان المسلمين» المرخصة في الأردن منذ عام 1945، لن يطاولها قرار الحظر على غرار ما جرى لجماعتها الأم في مصر. لكن مصادر رسمية رفيعة المستوى أكدت ل «الحياة» أيضا أن التعامل مع التنظيم السياسي الأكبر في البلاد سيبقى محصوراً ب «القناة الأمنية فقط». وقال وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة رداً على سؤال ل «الحياة» في خصوص الموقف الرسمي من قرار السلطات المصرية اعتبار «الإخوان» في مصر منظمة إرهابية، بأنه «شأن مصري داخلي». وأضاف: «ليس مطروحاً تماماً داخل مطبخ القرار تصنيف جماعة الإخوان الأردنية على أنها تنظيم إرهابي أو التوجه إلى حظرها. إنها مجموعة مرخصة تعمل تحت مظلة القانون». لكن الكلالدة، وهو صاحب ميول يسارية، أكد أن السلطات «ستتعامل مع الجماعة وفق أحكام القانون، وسيتم التعامل مع التجاوزات، إن حصلت، وفق الأسس المرعية». وتابع: «نتعامل مع جماعة الإخوان وغيرها من الكيانات والأحزاب وفق منظور سياسي، والجهات الأمنية لا يعنيها التعامل مع الأحزاب والجماعات، لكن الحس الأمني متوافر، والإجراءات الأمنية أثبتت نجاعتها طيلة الفترة الماضية». في هذا السياق، علمت «الحياة» أن التعامل مع جماعة «الإخوان» الأردنية «سيبقى محصوراً في القناة الأمنية فقط». وأكدت هذه المعلومة أجندة مطبخ القرار على مستوى القصر والحكومة، الفارغة تماماً من أي توجهات إلى فتح قنوات اتصال سياسية مع «الإخوان»، وأن أي اتصال في هذا الخصوص لن يمر إلا عبر المؤسسة الأمنية. والمؤكد أن لقاء نادراً كان يفترض أن يعقد قبل أشهر بين مسؤولين أمنيين وقيادات تتبع «الإخوان» لبحث تفاهمات جديدة في شأن خريطة الإصلاح. لكن زعامات «إخوانية» وأخرى رسمية أجهضت اللقاء قبل أن يبدأ، فيما تمسكت الجماعة بعقد لقاء آخر اشترطت أن يمر عبر قناة الديوان الملكي. وعلق نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان» زكي بني أرشيد على المعلومات الرسمية الأخيرة، بالقول إن ملف الجماعة «لن يكون حالة فريدة، فالأردن كله يدار وفق النهج والرؤية الأمنية». وأضاف أن «جميع الاتصالات بيننا وبين السلطة بات مقطوعاً تماماً». واعتبر أن قرار تصنيف الجماعة الأم على أنها منظمة إرهابية «هو إفلاس جديد يسجل لمصلحة النظام المصري الانقلابي، لكن هذا القرار لن يؤثر سلباً على إخوان الأردن». وتنتظر السلطة في الأردن مبادرة جديدة للحوار تطرحها جماعة «الإخوان» شرط ابتعادها عن المطالب الإصلاحية القديمة، خصوصاً تلك الخاصة بتقويض صلاحيات النظام. وقال مصدر رفيع ل «الحياة» إن المملكة لن تقدم أي تنازلات جوهرية لمصلحة «الإخوان»، وأن أي حوار مفترض خلال الفترة المقبلة لن يتعدى سقفه بحث قانون الانتخاب. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، الناطق باسم الحكومة محمد المومني ل «الحياة» إن «الإخوان جزء من نسيج المجتمع الأردني، لكن الحكومة ستتعامل مع تحركاتهم وسلوكهم وفق أحكام القانون». وثمة توجهات متباينة داخل مطبخ القرار في خصوص الموقف من «الإخوان» الأردنيين، منها توجه تمثله أطراف حكومية، ويدعو إلى الانفتاح حالياً على الجماعة على اعتبار أنه لن يكون مكلفاً على الدولة هذه المرة، إذ يعاني «الإخوان» ضعفاً عاماً لن يمكنهم الميل إلى الاشتراط أو الضغط. أما التوجه الثاني الذي يمثله تيار محافظ داخل الدولة، فيرى أن من غير المقبول الانفتاح على الإسلاميين حالياً، وأنه يتوجب تحجيمهم واعتبارهم ملفاً أمنياً، من دون إعلان حال الحرب، وهو التوجه القوي هذه الأيام. غير أن التوجه الثالث الذي يمثله التيار الرسمي الأكثر تشدداً، دفع خلال لقاءات غير معلنة نحو إجراءات قاسية ضد الجماعة وصلت الى حد تجريمها قانونياً وقضائياً، وهو توجه رفض جملة وتفصيلاً من العاهل الأردني وبعض القريبين منه.