أوضح الباحث والكاتب شايع الوقيان أن فلاسفة مدرسة فرانكفورت كانوا نقاداً شرسين للتنوير، مشيراً إلى أن التنوير هو تحرير الإنسان من الخوف وجعله سيداً قوياً. وأكد أن الفرانفكورتيين لم يكونوا راضين عن التنوير كل الرضا، لأنه انحرف عن مساره المتنوع والثري إلى مسار وحيد، وهو توتاليتاري تحكمه النزعة النفعية ويهدف إلى الهيمنة والإنتاج. وتحدث الوقيان في ورقته: «مدرسة فرانكفورت وموقفها من التنوير»، التي قدمها أخيراً في الملتقى الثقافي الذي يشرف عليه الدكتور سعد البازعي ويقام في نادي الرياض الأدبي مرتين في الشهر، عن رواد مدرسة فرانكفورت وموقفها من التنوير، بدءاً من كتابات الجيل الأول وخصوصاً كتاب «جدل التنوير» لأدورنو وهوركهايمر، وتطرق الباحث إلى استفادة فلاسفة فرانكفورت في فهمهم وتحديداً في نقدهم لمفهوم التنوير، من مصادر عديدة أهمها نيتشه ونقده للحضارة الأوروبية، وهو سرول وهايدجر وموقفهما من العلم الوضعي والنزعة الرياضية، وماكس فيبر من خلال مفهومه للعقلنة والحداثة بوصفها فكاً للسحر عن العالم. وذكر الوقيان أن السيطرة أو الهيمنة هي الرغبة التي دفعت التنويريين إلى استخدام المنهج التجريبي والإحصائي، مشيراً إلى أن الفرانفكورتيين الأوائل يرون أن التنوير فشل في مهمته التي هي تحرير الإنسان وتطويره وإشاعة العقلانية والسلم الاجتماعي «وفشله هو ما أدى إلى ظهور اللاعقلانية أو الأسطورة بحسب تعبير صاحبي الجدل، والجواب الوحيد الذي اتفق عليه كل الفرانفكورتيين هو أن السبب يعود إلى أن التنوير اعتمد على ضرب وحيد من العقلانية، وهو العقلانية الأداتية». وفي المداخلات التي كانت كثيرة وأدلى بها عدد من الحضور، مثل رئيس تحرير مجلة «الحرس الوطني» حسن الخليل، وعبدالكريم المطلق وحمد الدريهم وعبدالله الغانم وسامي العريفي وعبدالعزيز الجديد ويزيد السنيد وخالد الهذلول، قال منسق الحلقة الفلسفية في نادي الرياض حمد الراشد، إن مدرسة فرانكفورت تثري التجارب النقدية، ولكنها في حاجة إلى النقد. واتفق معه الوقيان لناحية أن نظرتهم حادة ومتطرفة «وهذا يتفق معنا فيه هايبرماس، والسبب هو معاناتهم من النازية لدرجة أن أحد فلاسفة فرانكفورت وهو فالتر بنجامين انتحر على الحدود الإسبانية - الفرنسية حتى لا يقع بين أيدي الشرطة النازية! فعاشوا في رعب، ما أصابهم ببلبلة، فتساءلوا لماذا انتهى التنوير إلى هذه النهاية المأسوية التي راح ضحيتها البشر؟». وأوضح الدكتور سعد البازعي أنه في كتابه «المكون اليهودي» أفرد فصلاً لفرانكفورت لأنهم يهود، مشيراً إلى أن السبب في الاضطهاد الذي تعرضت له مدرسة فرانكفورت «لأنهم مؤثرون والنازية اضطهدتهم لأنهم يهود ببساطة فاتجهوا إلى أميركا، حتى أن جدل التنوير نشر في الولاياتالمتحدة فهم مثلهم مثل أنشتاين، فهم هدية هتلر للغرب، فهو أجبر حشداً من العلماء اليهود على الهجرة إليها، والذين لم تكن الولاياتالمتحدة لتحقق إنجازاتها اليوم لولاهم، ففي نظر النازية يكفي أن يكون لك جد يهودي لتحرق».