لا يخيب ظنُ المواطن السعودي في بعض الوكلاء التجاريين، فمن غير المستغرب اعتذار الوكيل التجاري عن القيام بالصيانة اللازمة أو توفير قطع الغيار، ويكاد يكون الأملُ مفقوداً في ضمان جودة الصنع. ولليأس الذي يبعثه الواقع في وجدان المواطن، يخيلُ للمرء أنه لا توجد أنظمة تردع أباطرة المال عن جشعهم، وأنهم من النفوذ بحيث لا سلطة تردع استغلالهم للمواطنين، أو ترغمهم على الوفاء بوعودهم التي يسوقون بها منتجاتهم، لكن الأمر بخلاف ذلك تماماً، فالنظام لم ينتظر يقظة ضمير التاجر. وبإطلالة سريعة على نظام الوكالات التجارية ولائحته التنفيذية، نجد أنهما يعالجان محورين أساسيين: أولاً تسجيل الوكالة التجارية والمستندات المطلوبة لذلك، وثانياً حقوق المستهلك وواجبات الوكيل تجاهه. لا معنى لوجود الوكيل التجاري بالنسبة للمستهلك، سوى اطمئنانه أن هناك من يراجعه عندما تتعطل فائدة البضاعة لعيب في الصناعة، أم لحاجتها لقطع الغيار، ومن غير المقبول أن تتساوى عند المستهلك قيمة البضاعة التي لها وكيل تجاري والتي لا وكيل لها. بمجرد شرائك من الوكيل التجاري وتسلمك للبضاعة وفاتورتها، تترتب على الوكيل التجاري الواجبات الآتية: أن يؤمّن بصفة دائمة وبأسعار معقولة قطع الغيار التي يطلبها المستهلكون عادة في شكل مستمر. وأن يؤمن قطع الغيار الأخرى ذات الطلب النادر خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ طلب المستهلك لها، وعليه تأمين الصيانة اللازمة للمنتجات بتكاليف مناسبة بلا مبالغة فيها، ويضمن الوكيل جودة الصنع. هذه الواجبات يُلزم بها الوكيل التجاري من دون اشتراط من المشتري بل بقوة النظام، ويسري هذا الإلزام على المستوردين ولو لم يكونوا وكلاء أو موزعين وعلى كل من اتخذ من عملية البيع مباشرة أو بالواسطة حرفة له بقصد الربح. لم يخلُ النظام من عقوبات رادعة إن فُعلّت، فهي تتضمن الغرامة والتشهير والحرمان من التجارة وترحيل المستثمر الأجنبي. خلاصة القول نحن أمام نظام يَسُر، والحال لا تَسُر، والحل في تحقيق أمنية كل مواطن: تطبيق النظام. *القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]