في القرن العشرين لاحظ طبيب العيون السويدي هنريك سجوغرين أن عدداً لا بأس به من مريضاته يشكين دائماً من جفاف في العينين والفم يترافق مع آلام في المفاصل، وبعد البحث وجمع الملاحظات من هنا وهناك، وضع النقاط على حروف مرض عرف باسم متلازمة سجوغرين. ومن أشهر المصابين بهذه المتلازمة لاعبة كرة المضرب الأميركية فينوس ويليامس، التي استنزفت المتلازمة طاقتها وحالت دون وصولها إلى القمة، لكن هذا المرض كان حافزاً لشقيقتها سيرينا فجعلها تتحدى مصاب شقيقتها لتصل هي إلى القمة. ومتلازمة سجوغرين مرض مناعي ذاتي هوايته المفضلة ضرب الغدد المسؤولة عن الترطيب في الجسم، خصوصاً الغدد اللعابية والغدد الدمعية، من هنا شيوع المعاناة من عارضين رئيسين هما: جفاف الفم وجفاف العينين، لكن يمكن المتلازمة ضرب الغدد العرقية والغدد المخاطية الأنفية فيحدث الجفاف في الجلد والأنف. كما تصيب متلازمة سجوغرين الغدد التي تفرز الهرمونات والمفاصل والأعصاب والكلية والرئة والأوعية الدموية وجهاز الهضم، من هنا الشكوى من عوارض متنوعة. ما هو سبب متلازمة سجوغرين؟ في الواقع لا أحد يعرف السبب الحقيقي لمتلازمة سجوغرين، لكن هناك توجهاً إلى اتهام عوامل وراثية أو عوامل مناعية، إذ بدل أن يوجه الجهاز المناعي سهامه صوب الميكروبات يضرب الأنسجة السليمة في الجسم، خصوصاً الغدد المسؤولة عن الترطيب في الفم والعينين. كيف يتظاهر المرض؟ إن العارضين الأبرز حدوثاً في متلازمة سجوغرين هما جفاف الفم وجفاف العينين، وهذان العارضان قد يكونان الوحيدين، وهنا يسمى المرض بمتلازمة سجوغرين الأولية. أما إذا أصيبت مواقع أخرى في الجسم مثل الجلد والعظام والمفاصل وجهاز الهضم والكليتين والرئتين والأوعية الدموية والأعصاب، فإن عوارض أخرى تبرز إلى السطح لتنضوي تحت لواء ما يعرف بمتلازمة سجوغرين الثانوية، التي تسبب إضافة إلى جفاف العينين والفم، العوارض الآتية: - صعوبة في المضغ والبلع والتكلم. - التهابات وقروح في اللسان. - اضطراب حاسة التذوق. - جفاف الجلد والحلق. - جفاف المهبل الذي يسبب ألماً خلال الجماع. - السعال الجاف والمزمن. - التنميل في الذراعين والرجلين. - أوجاع في العضلات والمفاصل، خصوصاً في المفاصل الصغيرة. - مشاكل في الغدة الدرقية. - اندفاعات جلدية. - تعب غير مبرر. - مشاكل على صعيد الأسنان. - مشاكل قلبية. - مشاكل عصبية. ويمكن أن يعاني بعض المرضى من تغير اللون في نهايات الأطراف بعد التعرض للبرودة. ويسبب المرض لدى قلة من المرضى تضخماً في الغدد اللمفاوية، أو التهابات في الشرايين، أو إصابات في الرئة أو في الكبد أو في الكلى أو في الأعصاب. وفي نسبة بسيطة من المرضى تنشأ أورام سرطانية في الغدد اللمفاوية. وتتميز عوارض متلازمة سجوغرين بالتذبذب من مريض إلى آخر، فهناك مصابون يعانون من عوارض طفيفة، وهناك من يهدهم التعب، وهناك من يمرون بفترات متعاقبة بين الصحة الجيدة والمرض الشديد. وقد يترتب على متلازمة سجوغرين حدوث اختلاطات مزعجة بسبب جفاف الفم المديد، من أهمها الإصابة المتكررة بفطور المبيضات، نتيجة نقص الإفراز اللعابي الذي يفتح المجال لتنامي هذه الزمرة طولاً وعرضاً. وتعتبر الإصابة بالمبيضات السبب الرئيس للألم والإزعاج والاحمرار الفموي في متلازمة سجوغرين. أما الاختلاط الثاني الأكثر خطورة، فهو الإصابة بالتهاب الغدة النكفية القيحي الذي يسبب انتفاخاً في الغدة الواقعة خلف الأذن وتحتها. كيف يجري تشخيص متلازمة سجوغرين؟ بعد إجراء جردة مفصلة للقصة المرضية والشكاوى، يقوم الطبيب بالفحص السريري، الذي قد تليه فحوص تساعد على وضع التشخيص، مثل فحص الدم، وفحص كمية الدمع في العينين، وقياس كمية اللعاب في الفم، وربما فحوص أخرى أكثر تعقيداً يراها الطبيب مناسبة للتأكد من التشخيص. والتشخيص الأكيد لمتلازمة سجوغرين يعتمد على توافر 4 معايير من أصل 6 معايير وضعتها الجمعيات الطبية الأوروبية والأميركية، وتشمل عوارض عينية وفموية واختبارات. وفي حال التثبت من إصابة المريض بمتلازمة سجوغرين يتم رسم الخطة العلاجية التي تختلف من مصاب إلى آخر. لكن لا علاج يشفي من هذه المتلازمة، من هنا فإن الهدف المنشود من الخطة العلاجية هو التخلص من العوارض المزعجة والعمل قدر المستطاع على إعادة مياه الغدد إلى مجاريها، خصوصاً اللعابية والعينية، من أجل تحسين جودة الحياة. وفي شكل عام يرتكز العلاج على الأسس الآتية: 1- مساعدة المريض على حل مشكلة جفاف العينين بوصف القطرات والمراهم والدموع الصناعية، وكذلك وصف الأدوية التي تساعد على الشفاء من الالتهابات العينية أو منعها، خصوصاً التهابات القرنية والملتحمة. وإذا لزم الأمر فقد يجري طبيب العيون جراحة خاصة لتوفير المزيد من الدمع في العينين. 2- التخلص من جفاف الفم أو التخفيف من وطأته، إما بمضغ علكة أو قطعة حلوى قاسية من حين إلى آخر، أو بأخذ رشفات متواصلة من الماء أو من سائل خال من السكر، أو بوصف دواء يحرض على إفراز اللعاب، أو بكل بساطة بوصف بدائل للعاب. 3- وصف غسولات للفم، لمنع حدوث الإصابات الفطرية أو الجرثومية، وعلاجها بصرامة في حال حصولها تفادياً لحدوث اختلاطات لا لزوم لها. 4- وصف مضادات الالتهاب غير السيروئيدية في حال وجود آلام مفصلية أو عضلية أو عظمية. 5- قد يوصي الطبيب بأدوية الكورتيزون أو العقاقير الكابحة لجهاز المناعة. 6- اتباع نمط حياة يخفف من وطأة متلازمة سجوغرين، وممارسة الرياضة والتمارين للحفاظ على ليونة العظام والعضلات والمفاصل. أرقام في العام 1933 كان طبيب العيون السويدي هنريك سجوغرين أول من وصف المتلازمة من هنا تسمية المرض بمتلازمة سجوغرين. - هناك نوعان من متلازمة سجوغرين: الأولية والثانوية، والأخيرة هي الأكثر مشاهدة. - تصيب متلازمة سجوغرين عادة الأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين. - 10 إلى 15 في المئة من المصابين بالتهاب المفاصل الرثياني يعانون من متلازمة سجوغرين. - تشاهد المتلازمة سجوغرين عند حوالى 30 في المئة من المرضى المصابين بداء الذئبة الحمامية. - 9 من أصل 10 مصابين بالمتلازمة هم من النساء. - نصف مليون شخص في بريطانيا مصابون بالمتلازمة. [email protected]