في كثير من الأحيان يشتكي المرضى من آلام متفرقة في الجسم وتكون لديهم فكرة أو اعتقاد بأنهم يعانون من مرض الروماتزم. والواقع هو أنه لايوجد شيء اسمه مرض الروماتزم. فكلمة روماتزم تعني مشكلة في المفاصل وهي ليست تشخيصاً أو مرضاً. وللأسف الشديد فإن كثيراً من الأطباء يطلقون اسم مرض الروماتزم على مجموعة كبيرة من أمراض والتهابات العظام والمفاصل مما يؤدي إلى انتشار هذا الاسم واعتقاد المريض بأنه يعاني من مرض الروماتزم. ويجب التفريق بين مرض الروماتزم ومرض الروماتويد (rheumatoid arthritis). وفي ما يلي سوف نستعرض مرض الروماتويد الذي هو مرض شائع ويصيب الكثير من الناس وتكون أعراضه غامضة لبعض الناس ولكثير من الأطباء وقد يتم الخلط بينه وبين أمراض أخرى. تحاليل الدم ذات أهمية كبرى في تشخيص هذا المرض ماهو مرض الروماتويد؟ إن مرض الروماتويد هو عبارة عن مرض مناعي ذاتي (autoimmune disease) يسبب التهاباً مزمناً في المفاصل. وقد يمتد الالتهاب ليشمل المناطق المحيطة بالمفاصل مثل الأربطة والأوتار بل قد يمتد ليشمل أجزاء أخرى من الجسم. ومعنى مرض مناعي في هذه الحالات يشير إلى أن المرض يحدث عندما لا يستطيع الجسم التفرقة بين أنسجته والأنسجة الخارجية مما يؤدي إلى ظهور ردة فعل مناعية ضد أغشية الجسم ويؤدي إلى حدوث هذه الالتهابات. فعندما يعتقد الجسم أن الأغشية غريبة عنه يبدأ بالهجوم عليها بكريات الدم البيضاء وغيرها من الأسلحة الذي يستخدمها الجسم كمناعة ضد الالتهابات والجراثيم. وهذا الهجوم يؤدي إلى ظهور الالتهابات في المفاصل والأجزاء الأخرى من الجسم. أما أسباب مرض الروماتويد فهي غير معروفة. وهناك الكثير من الأبحاث التي أجريت في السابق ولا تزال تجرى في محاولة لمعرفة السبب ولكن من غير دليل نهائي. وقد اعتقد العلماء في السابق أن هذا المرض قد يأتي نتيجية التهاب بفيروسات أوبكتيريا أو فطريات تؤدي إلى تحفيز الجهاز المناعي ومن ثم ظهور هذا المرض. كما أن بعض العلماء ربط المرض بالناحية الوراثية حيث إنه قد يظهر أكثر من شخص مصاب بهذا المرض في نفس العائلة. وفي أحيان أخرى تم ربط المرض بعوامل بيئية مثل التغير في المناخ أو حتى التدخين المزمن. وبغض النظر عن السبب وراء هذا المرض إلا أن المحصلة هو تحفيز جهاز المناعي للجسم بطريقة مرضية بحيث إنه يبدأ بمهاجمة أغشية الجسم المختلفة كما ذكرنا سابقاً. روماتيزم تعني مشكلة في المفاصل الأعراض أعراض مرض الروماتويد تكون مزمنة وتذهب وتأتي حسب تهيج الأغشية والتهابها نتيجة الخلل المناعي. وعندما تكون الأعراض شديدة والأغشية ملتهبة فإن المرض يكون في حالة هيجان أما عندما تقل الالتهابات فإن المرض يكون في حالة خمول. وحالة الخمول قد تستمر لأسابيع أو أشهر أو سنين. وفي حالة الخمول يشعر المريض بأنه طبيعي. ولكن عندما تعود الأعراض فإنه يبدأ في الشعور بالأعراض المختلفة لهذا المرض. والأعراض عادةً ماتتلخص في الشعور بالخمول العام وفقدان للطاقة وفقدان للشهية وارتفاع خفيف في درجة حرارة الجسم وآلام في العضلات والمفاصل وتيبس فيها. وعادةً ما يحدث الألم والتيبس في المفاصل بعد فترات الراحة وليست بعد فترات النشاط فالمريض أو المريضة قد يشتكي من الألم في الأصابع عند الاستيقاظ من النوم. كما أن المفاصل تصبح متورمة ومؤلمة ومحمرة. وهذه الأعراض كلها بسبب التهاب الأغشية المحيطة بالمفاصل نتيجة الهجوم عليها من قبل الخلايا الدفاعية في الجسم. أما بالنسبة للمفاصل الأكثر إصابةً في هذا المرض فهي المفاصل الصغيرة لليد والرسغ. ولكن المفاصل الكبيرة مثل مفصل الركبة أو الورك أو مفاصل العمود الفقري في الفقرات العنقية كلها يمكن أن تصاب بهذا المرض. وبالإضافة إلى إصابة أعضاء الهيكل العظمي والمفاصل فإن أجزاء أخرى من الجسم قد تصاب بالالتهاب الذي يحدث في مرض الروماتويد مما يؤدي إلى أعراض في العينين مثل جفاف العينين وتورمهما وإحمرارهما كذلك جفاف في اللعاب والتهابات في الرئة أو حتى في الغشاء الذي يغلف القلب وحتى تضخم في الطحال أو التهابات في الأوعية الدموية. وبالنسبة للمفاصل فإن الالتهاب المزمن في الأنسجة المحيطة بها يؤدي إلى تآكل وخشونة في الغضاريف التي تكون المفصل. كيف يتم تشخيص مرض الروماتويد يتم التشخيص بعد الاستماع للتاريخ المرضي الذي يبين وجود الأعراض الذي ذكرناها سابقاً بالإضافة إلى الفحص السريري الذي يبين وجود الأعراض المرضية لهذا المرض وكذلك يمكن عمل الأشعات السينية التي تبين وجود التهاب المفاصل وخشونة المفاصل وتآكلها في المفاصل المريضة. بالإضافة إلى ذلك تحاليل الدم هي ذات أهمية كبرى في تشخيص هذا المرض كما يجب على الطبيب أن يقوم بفحص المريض كاملاً بما في ذلك العينين والفم والصدر والقلب والجلد لمعرفة مدى تأثر الجسم بهذا المرض. وعادةً ما يتم التشخيص عن طريق استشاري أمراض الروماتزم. وبالنسبة للأشعة السينية للمفاصل فهي تبين مدى حجم الضرر الناتج في هذه المفاصل مما يؤثر مستقبلاً على الخطة العلاجية. طريقة العلاج لايوجد حل نهائي وجذري لعلاج مرض الروماتويد. وحتى اليوم فإن الهدف من علاج هذه الحالات هو التحكم بالأعراض عن طريق التقليل من الالتهاب في المفاصل والأنحاء الأخرى من الجسم. وهذا كله يهدف إلى راحة المريض وإعادته لممارسة حياته بشكل يومي كما كان في السابق والتدخل المبكر بعد التشخيص لبدء الخطة العلاجية فهي مهم جداً لمنع الأعراض من التطور ومنع المرض من الانتشار في الجسم والتأثير على أجزاء أخرى من الجسم. وبالنسبة للخطة للعلاجية فهي تتكون من تجنب الإجهاد وأخذ أقساط من الراحة واستخدام العلاج الطبيعي واستخدام الأجهزة المساندة مثل العكاكيز الطبية والأحذية الطبية والأربطة الطبية. بالإضافة إلى ذلك فإن العلاج الدوائي مهم جداً في هذه الحالات وهو يتكون من أدوية الصف الأول كما تسمى أدوية الصف الثاني. أدوية الصف الأول تشمل أدوية مثل الأسبرين والكرتزون وهي تستخدم لتخفيف الالتهاب والتهيج الحاصل وبالتالي إلى تخفيف الآثار.أما أدوية الصف الثاني فتساعد على وضع المرض في الحالة الخاملة لفترات طويلة وبالتالي فهي تبطئ كثيراً أو توقف تطوره وآثارة المدمرة على الجسم. وفي بعض الحالات قد يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي وذلك في محاولة لإزالة الأغشية الملتهبة حول المفصل أو لعمل تثبيت للمفصل المريض المخلخل أو لعمل جراحة استبدال مفصل الورك أو الركبة في الحالات الشديدة التي يكون فيها المفصل مدمراً بسبب مرض الروماتويد. النصائح والتوصيات في الواقع فإن مرض الروماتويد هو مرض غير شائع جداً ولكنه موجود ويؤثر على حياة جزء كبير من الناس. والتشخيص قد يكون صعباً في البداية ولكن بعد أن يتم التشخيص يجب على المريض أن يحافظ على مراجعة الطبيب ومتابعة الخطة العلاجية. العلاج الدوائي مهم جداً في هذه الحالات