الراجحي: السعودية تضطلع بدور ريادي لدعم توجهات «العشرين»    الفيتو الروسي يحبط وقف إطلاق النار في السودان    إي اف جي هيرميس تكشف عن صندوق التعليم السعودي (SEF) بقيمة 300 مليون دولار وتستحوذ على محفظة استثمار برايتس للتعليم    أمير تبوك يدشن مشروعات تنموية واستثماريه بالمنطقة    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً أجابت عليها وزارة التعليم عن الرخصة المهنية    أمير حائل يطلع على مشروع التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم    علوان رئيساً تنفيذيّاً ل«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً ل«الأدب والنشر والترجمة»    وزير الاتصالات: ولي العهد رفع الطموح والتفاؤل والطاقات الإيجابية وصنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    أمين عام التحالف الإسلامي يستقبل وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري    مؤتمر ومعرض دولي للتمور    السعودية وعُمان.. أنموذج للتكامل والترابط وعلاقات تاريخية وطيدة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية ترتفع إلى مليار ريال    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    أمانة الشرقية تستثمر في الائتمان الكربوني دعما لسلامة المناخ    سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أعاصير تضرب المركب الألماني    الله عليه أخضر عنيد    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على الإرهاب في سورية
نشر في الحياة يوم 24 - 12 - 2013

لعبت بالطبع دول كثيرة على دعم «الجهاديين» تحت حجة دعم الثورة، وهلل الكثير من «المعارضين» لدفق «الجهاديين» الذين قدموا لكي يسقطوا السلطة، كي يتسلموها هم. وقد انهالت الأموال، وانهال السلاح على هؤلاء. وإذا بنا نلمس توسعاً كبيراً عليهم على حساب الكتائب الشعبية المسلحة و «الجيش الحر». ونلمس كيف تعمل «دولة العراق والشام» (داعش) على فرض «دولتها» عبر تصفية الكادرات الإعلامية والإغاثية والشعبية، والسعي الى تصفية الكتائب المسلحة و «الجيش الحر». ومن ثم تشكل جيش الإسلام، وأسست مجموعات أصولية الجبهة الإسلامية التي تهدف إلى إقامة «دولة الإسلام»، والتي أخذت تفعل كما تفعل داعش من خطف الناشطين إلى مهاجمة الجيش الحر والكتائب الشعبية المسلحة.
إذاً، كل هؤلاء يركزون على تصفية «المنافسين»، ومحاولة السيطرة على المناطق التي لا تقع تحت سيطرة السلطة. وبعضها يشتبك مع السلطة، لكنه ينسحب لكي تسيطر كذلك، في معادلة توازنات تهدف إلى بقائه القوة الوحيدة.
كل هذا الوضع أصبح يشكل خطراً على الثورة، وهو خطر كبير لا شك في ذلك. وقد عملت على تشكيله قوى عدة منها السلطة كما أشرنا، وكذلك قوى إقليمية ودولية، بهدف تدمير الثورة، لأن رأس الثورة هو المطلوب ليس فقط من جانب السلطة بل من جانب قوى إقليمية ودولية، تحسست خطر توسع الثورات في البلدان العربية في عالم يسمح بتوسع عالمي لها.
وعلى رغم إرهاب السلطة التي مارست كل أنواع القتل والتدمير بما يفرض أن تحاسب كونها مارست جرائم ضد الإنسانية، وعمدت إلى الإبادة الجماعية، من خلال استخدام كل أنواع الأسلحة، من قصف الطيران إلى البراميل المتفجرة إلى صواريخ سكود إلى الأسلحة الكيماوية، لم يلتفت «الغرب» سوى إلى وجود الإرهابيين، واستغلال استخدام الأسلحة الكيماوية لسحبها خدمة للدولة الصهيونية... وظل يشير إلى وجود الإرهابيين.
الآن، تعتقد السلطة السورية أنها وصلت إلى ما أرادت، فقد ظهر أن من يحاربها هم الإرهابيون، وهم فعلاً إرهابيون وليس كما كانت تدّعي بداية الثورة. ولهذا تطرح معادلة «الحرب على الإرهاب»، المنظور الذي اخترعته أميركا، والذي عبأت له منذ سنوات، وبات يشكل خطاً أحمر لسياساتها. بالتالي بات المطروح هو تحقيق التحالف ضد الإرهاب، بين السلطة و «الغرب» من جهة، ومع «المعارضة الوطنية» من جهة أخرى. مجموعة الثماني ركزت في لقائها الأخير في لندن على «أولوية محاربة الإرهاب»، وهذا يعني أنها باتت أقرب إلى السلطة السورية التي تطرح الأمر ذاته.
انقلب الأمر، إذاً، من أن ما يجري هو ثورة إلى سلطة تحارب الإرهاب. ويبدو أن الحشد نحو جنيف يراد له أن يسير في مسار التحالف ضد الإرهاب، أو على الأقل السلطة تريد ذلك. فهذا الأمر هو وحده ما ينقذها ويثبّت وجودها. ولا شك في أن وجود داعش والنصرة والجبهة الإسلامية يشكّل خطراً، على الثورة وعلى سورية عموماً. فهي قوى ليست قادرة على بناء دولة إذا تجاوزنا طابع الدولة التي يطرحون إقامتها (وهي دولة تفرض مجتمعاً متخلقاً قروسطياً، بدائياً، من دون إنتاج أو اقتصاد عموماً، ولا دولة، بل عصابات تمارس القمع «الأخلاقي»، وفرض الصلاة بالقوة)، حيث ستقام إمارات لأمراء «جهلة» (بالمعنى التاريخي والثقافي والحضاري). ومنذ وجدت اشتبكت مع الشعب الثائر، وبات الشعب في صراع متعدد، من جهة مع السلطة، ومن جهة ثانية مع هذه القوى. ومن ثم لا بد من أن تواجه، لأنها في كل الأحوال تواجه الشعب.
لكن تشكيل تحالف مع السلطة لمواجهتها هو أمر آخر، حيث إن السبب الأساس هو السلطة التي فرض وجودها انفجار الثورة، ولا يغيّر من ذلك نشوء تناقض مع طرف آخر. فالثورات تشهد صراعات متعددة في الآن ذاته، والتاريخ يتطور عبر الصراعات المتعددة، وأحادية الصراع هي تبسيط فظ نتج من «جهل ماركسي». لكن لا شك في صعوبة الوضع، حيث يواجه الشعب قوى متعددة تمتلك السلاح والمال، وهو أعزل ومن دون دعم، ويواجه موقفاً ملتبساً أو سلبياً من قوى كان يجب أن تقف معه (أمثال قطاع كبير من اليسار). المحور هنا هو السلطة، حيث أفرز عنفها، ومخططاتها، وتواطؤ دول إقليمية ودولية، نشوء هذه القوى التي تصنف على أنها إرهابية. وساعد صراع الشعب ضدها، ومواجهته لوحشيتها على تغلغل هذه القوى، وانخراط شباب ثوري يريد إسقاط النظام في صفوفها لأسباب كثيرة، منها الحاجة إلى السلاح والمال، ومنها فوضوية الكتائب المسلحة وهشاشتها. لهذا، ولكي تضعف ويمكن مواجهتها لا بد من تحويل وضعية الصراع ذاته. وهذا لا يتحقق إلا بإزاحة الأسد وكل المجموعة التي ارتبطت به. فذلك هو ما يجعل قطاعاً كبيراً من الشعب يقبل الحل، ويوافق على التغيير، وينخرط في هذا المسار جزء مهم من الكتائب المسلحة، لتصبح تلك القوى الأصولية ضعيفة ومحاصرة. في المقابل، إن إزاحة الأسد ستسمح بتحرر قطاعات مهمة من الجيش هي محيدة الآن، ومن ثم انخراطها في الصراع ضد الأصوليين ولفرض النظام.
هذا هو مسار محاربة الإرهاب، لكنه في الأساس مسار الخروج من الاستعصاء القائم، والانتقال إلى مسار جديد، من دون عنف وبلا دموية. هل يقود «جنيف 2» إلى ذلك؟ ربما، لكن لا بد من التشديد على أن «الحلقة المركزية» تتمثل في إزاحة الأسد وزبانيته. وبالتالي، فإن ما أرادته السلطة لن يتحقق إلا على جثتها.
* كاتب سوري / فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.