إطلاق خارطة طريق بناء منظومة التقنيات العميقة في السعودية    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "هذه البلاد بناء شامخ علينا جميعاً العمل على أن يزداد شموخاً"    النصر يجهز رونالدو للقاء الأخدود    أمين الطائف يتابع جهود احتواء آثار الحالة المطرية وفرق السيول تباشر اعمالها    النائب العام يتفقد مركز حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    سعود بن نهار يزور مركزي"السيل والعطيف" ويقف على الأسكان التنموي والميقات    أمر وحيد يُبعد يوسف النصيري عن النصر    زراعة جهاز على البطين الأيسر يجدد خلايا القلب 6 أضعاف السليم    متحدث الأرصاد: شاهقة رابغ تعد الأقوى من نوعها ولامست الشاطئ لأول مرة    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا عند 12104 نقاط    المدينة المنورة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 49.2 ملم في الشفية بدر    تحطم مروحية في ولاية جوجارات الهندية ومقتل طاقمها    Yellow Door Energy تمكين مستقبل الطاقة الشمسية في المملكة    عبور 60 شاحنة إغاثية سعودية منفذ نصيب الحدودي تحمل مساعدات إنسانية متنوعة مقدمة للشعب السوري الشقيق    محافظ الأحساء: نقل مسار قطار البضائع خارج النطاق العمراني سيحسن جودة الحياة    جمعية رافد تطلق اللقاء الأول بعنوان المشاركة المجتمعية وأثرها في تمكين الأوقاف بجدة    أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية سيراليون المعيَّن حديثًا لدى المملكة    صندوق الاستثمارات العامة يحصل على أول تمويل بهيكلية المرابحة بقيمة 7 مليارات دولار    نائب أمير تبوك يثمن حصول هيئة الهلال الأحمر على عدد من الاعتمادات الدولية    أمانة الطائف تدعو المستثمرين لإنشاء "برج مغامرات"    أمير منطقة حائل يدشن مهرجان "حرفة"    التجارة : ارتفاع إجمالي السجلات المصدرة في الربع الرابع من 2024 ل 67%    السعودية تعتمد خطة الاقتراض لعام 2025    الرائد يخشى الجبلين.. والشباب في اختبار الفيحاء    ديربي الغضب ..سوبر وذهب    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسان بوفاة الشيخ فهد بن إبراهيم الحمري البلوي    2,000 سلة غذائية وحقيبة صحية للمحتاجين في جنديرس السورية    وزير الشؤون الاجتماعية في الإدارة السورية الجديدة يلتقي فريق مركز الملك سلمان للإغاثة    "محمد آل خريص" فقيد التربية والتعليم في وادي الدواسر    أمير الشرقية يستقبل السفير السوداني.. ومدير الجوازات    قطاع ومستشفى بلّحمر يُفعّل "شتاء صحي" و"التغطية الصحية الشاملة"    من ياسمين دمشق إلى غاز روسيا !    بيع سمكة تونة ب266 ألف دولار    آفاقٍ اقتصاديةٍ فضائية    رالي داكار السعودية 2025 : "الراجحي" يبدأ مشوار الصدارة في فئة السيارات .. و"دانية عقيل" تخطف المركز الرابع    اختتام معرض «وطن بلا مخالف»    الأهلي متورط !    في ختام الجولة ال15 من دوري" يلو".. أبها في ضيافة النجمة.. ونيوم يخشى الفيصلي الجريح    فقط.. لا أريد شيئاً!    مناسبات أفراح جازان ملتقيات شبابية    دعوة مفتوحة لاكتشاف جمال الربع الخالي    شتاء جازان يحتضن مواهب المستقبل مع أكاديمية روائع الموسيقية    من نجد إلى الشام    فنون شعبية    المنتخب بين المسؤولية والتبعات    غارات الاحتلال تودي بحياة عشرات الفلسطينيين في غزة    «سحر بحراوي: الجولة الثانية !»    ميزة من «واتساب» للتحكم بالملصقات المتحركة    أمير الشرقية يستقبل سفير السودان ومدير الجوازات    تقنية تفك تشفير الكلام    اليقطين يخفض مستوى الكوليسترول    المستشفيات بين التنظيم والوساطات    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة الشيخ فهد الحمري    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرسي اليونيسكو ... وتهويد القدس
نشر في الحياة يوم 21 - 09 - 2009

غداة انطلاق الدورة الأولى لانتخاب الأمين العام الجديد لمنظمة اليونيسكو في باريس، نشرت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية في صفحتها الأولى صورة كبيرة لوزير الثقافة المصري فاروق حسني، المرشح بقوة لهذا المنصب، وكتبت فوقها «الرجل الذي يريد إحراق الكتب». هذه البادرة النافرة التي لم يعهدها قرّاء هذه الصحيفة الليبرالية كانت خير دليل على شراسة الحملة التي تُشن في أوروبا ضد فاروق حسني والتي يقف وراءها علانية، مثقفون يهود وجهات صهيونية معروفة أو مجهولة. جعلت صحيفة «ليبراسيون» المحترمة من صفحتها الأولى «ملصقاً» يشبه الملصقات الحزبية، مستنكرة مسبقاً، وصول فاروق حسني الى منصب الأمانة العامة لليونيسكو، وكائلة له جهاراً، تهمة اللاسامية - يا لهذه التهمة - التي تعني هنا في ما تعنى حرق الكتب الاسرائيلية. هذه الطريقة في التشهير لا تمارس عادة إلا ضد السفاحين أو مجرمي الحروب وحارقي المكتبات... ومنهم النازيون والفاشيست والفرنكويون الذين لطخوا بالدم البريء تاريخ أوروبا العريقة.
لا يمكن الفصل بين هذا «الملصق» الذي خرجت به الصحيفة غداة الدورة الانتخابية الأولى والحملة الشعواء التي قام بها كتّاب يهود - يا لهذه الصفة - معروفون في فرنسا وألمانيا والنمسا وسواها، وفي مقدمهم برنار هنري ليفي «النجم» اليهودي الساطع وايلي فيزيل الفائز بجائزة نوبل للسلام - يا لهذا السلام. إنها حملة منظمة ومدروسة بدقة، غايتها عرقلة وصول مثقف عربي الى المنصب الأرفع في اليونيسكو، سواء ان كان هذا المثقف فاروق حسني أم سواه، أو إن كان مصرياً أو لبنانياً أو سورياً أو سعودياً... الحملة ليست موجهة ضد فاروق حسني شخصياً بل ضد هويته العربية وضد ما يحمل من أفكار أو مبادئ لا تقرّ بها اسرائيل ولا أبناؤها في العالم.
كل الذين كتبوا ضد فاروق حسني وهجوه وألقوا عليه تهمة اللاسامية وحرق الكتب يعلمون جيداً أن هذا الوزير الفنان ليس من هواة خوض المعارك الهوائية ولا من هواة معاداة السامية وحرق الكتب الاسرائيلية. يعلم هؤلاء جيداً أن هذا الوزير هو من دعاة السلام الذي ارتأته الدولة التي ينتمي اليها وأن الجملة التي تفوّه بها في البرلمان المصري لم تكن إلا من قبيل «المزايدة» على الأصوليين المصريين الذين ألقوا عليه تبعة الكتب الاسرائيلية المنتشرة في القاهرة وهذه تهمة ملفقة حتماً. فاروق حسني لا يجرؤ على حرق كتاب أياً كان هذا الكتاب. هذا الفنان ليس من طينة السياسيين الحزبيين والايديولوجيين المغلقين والقصيري النظر. وزير هو فنان قبل أن يكون وزيراً وقبل أن ينخرط في العمل السياسي.
لعل المثقفين المصريين الذين احتجوا على «سياسة» فاروق حسني قد يكونون على حق، وكذلك الذين استنكروا بقاءه في الوزارة طوال هذه الأعوام وانسياقه في لعبة النظام الرسمي. هذه مسألة تحتمل النقاش، فالوزير الذي أُخذ عليه ما أُخذ من مساوئ، يملك أيضاً خصالاً يُحمد عليها. لكن الحملة الصهيونية التي قامت ضده منذ أن رشح اسمه لمنصب اليونيسكو كانت كافية وحدها لارجاء النقاش الداخلي بين الوزير وخصومه وتأجيله الى ما بعد معركة اليونيسكو. لكن ما يدعو الى العجب أن تقام حملة مصرية «داخلية» ضد فاروق حسني في اللحظة التي يخوض فيها أعنف معركة داخل المنظمة الدولية، مع أعداء وليس مع خصوم، مع دول وأحزاب تكنّ له الكراهية ليس لأنه مصري بل لأنه عربي.
بدا واضحاً تمام الوضوح أن المعركة التي شُنّت ضد فاروق حسني لم تكن إلا معركة «تهويد» القدس. ليس في مقدور اسرائيل أن تتصور شخصاً عربياً يحتل كرسي اليونيسكو، هذه المنظمة المعنية بذاكرة الشعوب وثقافاتها وهوياتها وآثارها التاريخية. لا تريد اسرائيل أن يصل الى هذا المنصب شخص يقول بالصوت العالي: لا لتهويد القدس. فهذا «التهويد» الذي طالما حلمت اسرائيل به وسعت الى تحقيقه بلغ في الآونة الأخيرة مرحلة من مراحل الذروة، لا سيما بعد زحف المستوطنات الى تلال القدس، ناهيك بما أنجزت الدولة العبرية «مجازر» ضد الذاكرة الفلسطينية، تاريخياً وجغرافياً.
قد يخطئ مَن يظن أن معركة اليونيسكو هي معركة بين فاروق حسني والمثقفين اليهود، إنها معركة اسرائيلية ضد شخص عربي يمكنه أن يفضح مشروع تهويد القدس، ويعارض، انطلاقاً من موقعه العالمي، الحملة الاسرائيلية الهادفة الى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم كما من ذاكرتهم وتاريخهم.
مبروك فاروق حسني، لقد ربحت المعركة معنوياً قبل أن تربحها على الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.