خيّم هدوء حذر على جوبا، عاصمة جنوب السودان أمس، فيما انتقلت المواجهات بين قوات في الجيش موالية للرئيس سلفاكير ميارديت وأخرى تساند نائبه السابق رياك مشار، إلى ولايات خارج العاصمة واتخذت طابعاً قبلياً. ونفى مشار تدبير انقلاب واتهم سلفاكير باستغلال «سوء تفاهم» في الحرس الرئاسي لتصفية خصومه سياسياً. واعتبر مشار أن سلفاكير «لم يعد رئيساً شرعياً». وذلك قبل ان يعلن سلفاكير استعداده لاجراء حوار مع مشار. ودعا مجلس الأمن حكومة سلفاكير إلى محاورة خصومه، فيما اعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن ما يحصل في جنوب السودان «أزمة سياسية وهناك حاجة ملحة للتعامل معها بالحوار السياسي». وحذر بان من انتقال الاشتباكات إلى مناطق خارج العاصمة، بعدما حصدت في جوبا حوالى 1300 بين قتيل وجريح، منذ بدئها الأحد الماضي. وتحدثت تقارير امس، عن اشتباكات محدودة في واو عاصمة ولاية بحر الغزال وثاني كبرى مدن الجنوب، كما استولت قوة من قبيلة النوير التي يتحدر منها مشار، على مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي بعد طرد قوة من الجيش الموالي لسلفاكير من مقار عسكرية قرب المدينة التي تعتبر رمزاً خلال مرحلة الحرب الأهلية مع الشمال، كونها مسقط رأس زعيم ومؤسس «الحركة الشعبية» الراحل جون قرنق. واعتبرت الاشتباكات التي وقعت في حامية عسكرية في بور بين جنود في الجيش من أبناء «الدينكا»، كبرى قبائل الجنوب وآخرين من قبيلة النوير يقودهم الجنرال جيمس قديت، مؤشراً إلى أن الأحداث بدأت تنزلق إلى منحى عرقي يهدد بحرب أهلية. وتعززت مخاوف من انتقال الاشتباكات إلى ولاية الوحدة التي تجاور السودان حيث غالبية حقول النفط، خصوصاً أن معظم سكانها من قبيلة النوير، ما يؤدي إلى توقف المورد الوحيد لحكومة الجنوب. واعلن وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكوي اعتقال عدد من المتورطين في» محاولة الانقلاب» بينهم وزراء سابقون، مشيراً إلى أن مشار نجح مع آخرين في الفرار إلى منطقة تركاكا خارج العاصمة. وقال شهود في جوبا، إن قوة كبيرة دهمت ليل الثلثاء - الاربعاء منزل مشار ونهبت محتوياته، بعد مواجهات ضارية بين حراسه وقوة من الجيش. ونفى مشار ما أعلنه سلفاكير عن محاولة انقلاب ضده، وقال: «إنها محاولة غير ديموقراطية أخرى من قبل سلفاكير للتخلص من منتقديه في الحزب والحكومة. واعتبر أن سلفاكير «خرق الدستور مراراً وتكراراً ولم يعد رئيساً شرعياً». واتهم مشار سلفاكير بالتحريض على «مجازر استهدفت مجموعة عرقية واحدة في جوبا» خلال الأيام الثلاثة الماضية، في تلميح إلى أبناء قبيلته من النوير الذين احتمت أعداد كبيرة منهم بمقر الأممالمتحدة قرب مطار جوبا. وقال مبعوث الأممالمتحدة لعمليات حفظ السلام في جنوب السودان إيرفي لادسوس، إن عدد ضحايا الاشتباكات في جوبا رواح بين 400 و 500 قتيل، موضحاً أن هذا الإحصاء استند إلى تقريرين عن عدد الجثامين التي نقلت إلى المستشفيات في العاصمة الجنوبية. وأضاف لادسوس أمام مجلس الأمن أن 800 شخص آخرين جرحوا في الاشتباكات. وحذر مجلس الأمن من أن العنف في دولة جنوب السودان، والذي «يعتقد على نطاق واسع بأن له أبعاداً عرقية»، يمكن أن يتصاعد ليتحول إلى حرب أهلية. ودعا المجلس حكومة جنوب السودان إلى «الانخراط في حوار مع خصومها وحل الخلافات سلماً لتجنب أي انتشار للعنف»، مشدداً في بيان صدر بإجماع أعضائه على «وقف الأطراف الأعمال القتالية فوراً وممارسة ضبط النفس والامتناع عن العنف وسواه من الأعمال التي قد تزيد التوتر». وأكد المجلس في بيانه «استعداده لاتخاذ المزيد من الإجراءات وفق ما تتطلبه الحاجة». وشدد على «الضرورة الحيوية لحماية المدنيين». وأجرى الأمين العام للأمم المتحدة اتصالاً هاتفياً برئيس جنوب السودان ودعاه إلى «التقدم بطرح للحوار بما يكفل حل الخلافات سلمياً».