استضاف «مسرح الشهيد رفيق الحريري» في معهد العالم العربي في باريس المغنية التونسية سناء ساسي وفرقتها «صمصة» المستوحى اسمها من نوع حلويات شعبية في تونس، بقيادة الفنان اسكندر القنطاري. «رمشة عين» هي الأغنية التي اختارت ساسي أن تبدأ بها الأمسية، وهي أغنية باللهجة العامية التونسية تطغى عليها أجواء الحزن، وتتحدث عن ضرورة التمتع باللحظة واستثمار الحياة بإيجابية قبل فوات الأوان. واستمر الحزن في الأغنية الثانية «هايم» التي تشرح ضرورة توحد الإنسان مع الحب. وفي أغنية «عالم جديد» التي حملت عنوان ألبومها الذي أصدرته السنة الماضية، تبدلت الأجواء قليلاً، خصوصاً أنها تحاكي ما يدور من حولنا، وضرورة العيش المشترك بين مختلف الثقافات والحضارات والأديان. وتقول في أحد مقاطعها: «ديني ودينك يفتحو القلب». وتميزت الأغنيات التي قدمت في الأمسية بالاعتماد على اللغة العامية والحزن الذي يكتسب حزناً إضافياً من بحة صوت ساسي، إضافة إلى محاكاتها الهم السياسي ومساندتها قضايا المرأة وحقوقها. واستمتع الجمهور الذي كانت غالبيته من الجالية التونسية بالأغاني التراثية والفولكلورية التي قدمتها ساسي، بعد تصرفها قليلاً بالكلمات وبتوزيع موسيقي جديد. واللافت أن ساسي تعرف كيفية الوصول إلى أذن المستمع بنعومة تنتمي إلى شكل موسيقي يتناسب مع كافة الأجيال ولا تميل للتبسيط الساذج ولا تستهوي التصرفات والتنقلات الأكاديمية المرهقة لأذن المتلقي. وتعمل الفنانة التونسية مع فرقتها على تقديم موسيقى تمزج بين الموسيقى التونسية بشكليها المعاصر والتراثي وإدارة حوار مع الموسيقى الغربية خصوصاً الفرنسية منها، وهذا ما عززه تنوع الآلات بين الشرقية والغربية، فنجد القانون والكمان والبيانو والدف والدرامز والكونترباص وآلات أخرى، إضافة إلى تنوع جنسيات أفراد الفرقة بين التونسية والفرنسية. وهو تزاوج أثمر أغنيات تونسية في إطار هارمونية يغلب عليها الجاز ونفحات من الهيب هوب. وبدت الفرقة خلال العزف مع ساسي منسجمةً متنقلةً بين المقامات برشاقة وانسجام اكتمل مع تألق الفنانة عبر أدائها المرهف على رغم حزنه، وأداء استعراضي وتفاعل مدروس بعناية. وقالت ساسي بعد الحفلة ل «الحياة»: «كنت حريصة على إحياء هذه الحفلة قبل نهاية السنة بفترة قصيرة. إنه توقيت مناسب للتعبير موسيقياً عن المحبة والتسامح والشغف بالحياة التي يجب أن تجمع بين الناس كافةً بصرف النظر عن اختلافاتهم التي يجب أن تكون هامشية أمام جوهر الحب».