تجاذب رائد فضاء ياباني ورجل آلي أطراف الحديث في محطة الفضاء الدولية التي تسبح في مدار حول كوكب الأرض، للمرة الأولى في التاريخ. وقال رائد الفضاء كويشي واكاتا الذي وصل إلى المحطة المدارية مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي متوجهاً بالحديث إلى الرجل الآلي الذي يدعى «كيروبو»: «هل أتيت وحيداً إلى هنا؟ إنه أمر مذهل». فأجاب الرجل الآلي وهو يحاول أن يقف في ظروف انعدام الجاذبية: «طبعاً، لأنني رجل آلي». وكان الروبوت قد وصل إلى محطة الفضاء الدولية قبل أشهر، بعدما انطلق من الأرض في صاروخ فضائي ياباني من طراز «أتش 2 بي»، حمله إلى جانب معدات ومؤن نقلت إلى المحطة التي يتناوب على الإقامة الدائمة فيها ستة رواد فضاء. ثم سأل الرائد الياباني: «كيف كان الأمر حين أقلع بك الصاروخ من الأرض؟». فأجاب: «كان مثيراً». استغرق هذا الحديث دقائق عدة، والأسئلة التي طرحها الرائد على الرجل الآلي لم تكن مبرمجة مسبقاً. وحصل هذا الحوار بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يتمتع به الروبوت «كيروبو»، وهو رجل آلي ذو قدمين، طوله 34 سنتيمتراً ولا يزيد وزنه على كيلوغرام واحد، ومصمم لاكتساب المعارف من خلال التجارب. كما يتمتع بقدرات تمكنه من المشي والتعرف إلى الوجوه، وهو يسجل الصور، ويتكلم، ويتحرك في ظروف انعدام الجاذبية. وقال مصممه توموتاكا تاكاشاني الذي يعمل لحساب شركة «روبوت غاراج» التي نفّذت هذا المشروع بالتعاون مع جامعة طوكيو وشركة «دنتسو» الإعلانية ومجموعة «تويوتا»: «كانت برمجته معقدة جداً حتى أصبح قادراً على إجراء محادثة بشكل طبيعي». وأضاف: «عندما يقيم شخصان علاقة بينهما، تكون عبارة عن تراكم أشياء قد تكون أحياناً غير مهمة». ويندرج تصميم هذا الرجل الآلي الفضائي ضمن مشروع كبير يرمي إلى درس مدى التأثير الإيجابي الذي قد ينتج من وجود مرافق آلي مع الأشخاص الذين يتعرضون لعزلة طويلة، لا سيما رواد الفضاء الذين يبقون في مركبات فضائية وقتاً طويلاً. حتى الآن، جرى الحوار بين الرائد الياباني والرجل الآلي بشكل جيّد، وكانت نتائجه أفضل من ذلك الذي تخيله مخرج فيلم «أوديسا الفضاء 2001» بين رائد فضاء ورجل آلي سرعان ما تدهورت العلاقة بينهما. فذلك الفيلم الخيالي الذي أخرجه الأميركي ستانلي كوبريك في عام 1968، يصور الهذيان الذي يصاب به رجل آلي مكلف الإشراف على رحلة إلى كوكب المشتري، دافعاً رائد الفضاء إلى فصله عن التيار الكهربائي حتى يتمكن من إعادة الإمساك بزمام الأمور.