استكمل مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي) الأميركي أمس اجتماعاً للنظر في السياسة النقدية كان موضع ترقّب شديد في أسواق العالم أجمع، فالاجتماع كان مخصصاً للنظر في ما إن كان الوقت حان أم لا لتقليص المساعدة النقدية الاستثنائية التي يقدمها المصرف إلى الاقتصاد. وكان مرتقباً أن تعلن لجنة السياسة النقدية لمجلس الاحتياط الفيديرالي التي بدأت أعمالها أول من أمس، قرارها في وقت متقدم، وكذلك توقعاتها الاقتصادية الجديدة. وترقب المتعاملون في أسواق المال آخر مؤتمر صحافي لرئيس المجلس بن برنانكي هذا العام الذي يصادف الذكري المئوية لتأسيس المجلس. وسيترأس برنانكي ايضاً اجتماع لجنة السياسة النقدية للاحتياط الفيديرالي في أواخر كانون الثاني (يناير) قبل أن يسلم منصبه إلى جانيت يلين التي ستخلفه لكن تعيينها ما زال يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ. ومجلس الاحتياط الفيديرالي الذي يبقي معدلات الفائدة الرئيسة قريبة من الصفر منذ نهاية 2008، يشتري كل شهر منذ 14 شهراً ما قيمته 85 بليون دولار سندات خزينة وأسهماً مرتبطة بديون الرهن العقاري. وتهدف هذه التدابير الاستثنائية إلى إبقاء معدلات الفائدة عند مستوى متدن لدعم النمو. وخلال اجتماعهم السابق أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، اكتفى أعضاء لجنة السياسة المالية بتوقع تغيير في التوجه «في الأشهر المقبلة» بحسب محضر اللقاء. إلا أن المحللين ينقسمون إلى حد كبير لجهة معرفة ما إذا كان الاحتياط الفيديرالي سيبدأ بالتخلي عن عمليات ضخ السيولة في السوق، لكن يبدو أن غالبية ضئيلة تعتقد أن المؤسسة ستتريث لمزيد من الوقت. ويشير تحقيق أجراه فريق بحوث في مؤسسة «نومورا» وشمل نحو مئة من الزبائن المستثمرين إلى الذين يتوقعون تراجعاً لحوافز الاحتياط الفيديرالي، يزيدون بنسبة 37 في المئة عن أولئك الذين يتوقعون خفضاً في كانون الثاني أو آذار (مارس). وأظهر استطلاع آخر أجراه «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» وشمل مسؤولين عن إدارة أموال، أن 11 في المئة فقط يتوقعون أن يبدأ الاحتياط الفيديرالي تراجعه الآن. وصدرت عن الاقتصاد الأميركي إشارات تحسن متواصلة حتى وإن كان النمو لا يزال «متواضعاً إلى معتدل» بحسب التقرير الأخير للبنك المركزي الأميركي المعروف ب «الكتاب البيج». فمعدل البطالة تراجع في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات (7 في المئة) فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تقدماً بنسبة 3.6 في المئة بالوتيرة السنوية في الفصل الثالث، ما يعني تسارعاً واضحاً قياساً إلى الأشهر الثلاثة السابقة. والشكوك المحيطة بالموازنة في الولاياتالمتحدة في طريقها إلى الحل جزئياً مع إبرام اتفاق في الكونغرس يبعد شبح شلل جديد للحكومة. أما النقطة السوداء الوحيدة فتتعلق ببقاء التضخم منخفضاً دون الهدف الذي حدده الاحتياط الفيديرالي ب 2 في المئة. واظهر مؤشر الأسعار الاستهلاكية الذي نشر أول من أمس أن الأسعار لم تتحرك في تشرين الثاني ولم تتقدم على مدى سنة سوى بنسبة 1.2 في المئة. وبالنسبة إلى مؤشر الأسعار المرتبط بنفقات الاستهلاك، وهو قياس آخر يعتمده الاحتياط الفيديرالي لم يسجل معدل التضخم سوى 0.7 في المئة على مدى 12 شهراً. وقال كيم فريزر الخبير الاقتصادي لدى مجموعة «بي بي في اي ريسرتش»: «وفي هذه الظروف نتوقع أن تهيمن الهواجس في شأن التضخم على محادثات لجنة السياسة المالية للاحتياط الفيديرالي».