تتكثّف حملات التوعية في العالم لتعريف النساء على أعراض مرض سرطان الثدي، باعتبار أنّ هذا النوع يأتي في مقدّمة أنواع السرطان التي تصيبهن في مختلف الدول النامية أو المتقدّمة على حدّ سواء. لكن على رغم الاستراتيجيات الوقائية، لا يزال عدد المصابات بالمرض يزداد خصوصاً في الدول النامية، ما تعيده منظّمة الصحّة العالمية إلى ارتفاع متوسط العمر المأمول، التوسّع العمراني، اعتماد أنماط الحياة الغربية إضافة إلى عدم العمل بآليات الكشف المبكر للوقاية. لكن مواجهة مرض سرطان الثدي تتطلّب استمرار حملات التوعية والتوجّه نحو النساء من مختلف الأعمار، خصوصاً اللواتي تجاوزن سن ال40. ولهذا السبب، خصص المؤتمر السنوي الخامس لصحّة المرأة الذي ينظّمه مركز كليمنصو الطبّي في بيروت بالتعاون مع المركز الطبّي العالمي «جون هوبكنز إنترناشونال» لزيادة المعرفة والوعي حول صحّة الثدي، بحضور أطباء وخبراء على مستوى عالٍ من الخبرة في هذا المجال. وقد رأى الرئيس التنفيذي لمركز كليمنصو مونس قلعاوي في مستهل المؤتمر أنّ اجتماع المعرفة مع الخبرة يؤدي إلى تقديم أفضل نوعية من الرعاية للمرضى، وأنّ هذا المؤتمر السنوي بات المكان الذي يجتمع فيه الخبراء للمناقشة الأفكار وتبادلها حول التطوّرات الطبّية الجديدة خصوصاً في ما يتعلّق بالأمراض السرطانية. تطوّرات سبل التشخيص إنّ الاكتشاف المبكّر لسرطان الثدي هو الخطوة الأولى لتقليل عدد الوفيات وزيادة عدد الناجيات من المصابات، فكلّما اكتشف المرض مبكراً زادت فرص النجاة وتجنّب العلاج القاسي. لذا ركّز المؤتمر على موضوع التشخيص أولاً، حيث عرض الطبيب ناجي خوري المتخصّص في العلوم الإشعاعية لأبرز طرق التشخيص ومنها الصورة الشعاعية، الفحص بواسطة الأمواج فوق الصوتية والرنين المغناطيسي. وبحسب الأرقام، فإنّ المرأة التي تخضع للصورة الشعاعية بعد سن ال40، ستنجو بنسبة تصل إلى 75 في المئة، خصوصاً أنّ هذا النوع من الصور تطوّر وأصبح يعتمد على تقنيات أكثر دقة ووضوح. قد لفت خوري إلى أنّ 80 في المئة من النساء اللواتي يصبن بسرطان الثدي ليس لديهن أي عامل خطر مسبق مثل الوراثة، وبالتالي لا يجب أن تعتبر أي مرأة نفسها غير معنية بالموضوع أو أنّ المرض بعيد منها. وما يمكن أن تحقّقه الصور والكشف المبكر هو التقاط الورم السرطاني حين يكون صغيراً، ما يسهّل عملية التخلّص منه قبل أن يمتدّ إلى أعضاء أخرى. وبالتأكيد، فإنّ الطبيب الاختصاصي هو الذي يحدّد نوع الفحص الذي تحتاجه كلّ مرأة، لكن يمكن للفحص بواسطة الأمواج فوق الصوتية ألا يكون كافياً وحده ما يعني الحاجة إلى صورة شعاعية، فيما تُترك صورة الرنين المغناطيسي للحالات الأكثر خطورة. من جهة أخرى، هناك اختبار جيني بات يمكن إجراءه وقد شرح عنه الجرّاح ديفيد أوهوس، فهو يساعد في شكل فعّال على تحديد مدى تعرّض المرأة للإصابة بسرطان الثدي، ما يؤدي إلى اتّخاذ قرارات مستنيرة في شأن الوقاية أو العلاج المبكر من خلال إمكان استئصال الثدي قبل أن يُصاب. وهذه هي حالة الممثلّة أنجلينا جولي التي استأصلت ثدييها بعد الاختبار الذي بيّن لها وجود جين سرطاني يجعلها عرضة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 87 في المئة. وهذا الخيار يتّخذه الاختصاصي وفقاً لوجود تاريخ عائلي من الإصابة بهذا النوع من السرطان. عمليات الترميم ما كان لافتاً في المؤتمر الخامس حول صحّة المرأة ذهابه إلى أبعد من المحاضرات التقليدية، فمقاربة المرض كانت متعدّدة الاختصاصات. فحين نتحدّث عن مضاعفات سرطان الثدي، تبدو الصورة سوداوية بالنسبة للمريضات من ناحية حاجتهن إلى استئصال الثدي في حالات عدة، ما يؤثر سلباً في نفسيتهن. لكن من قال إنّ الحلول مسدودة بعد عملية الاستئصال؟ لقد حضر الطبيب جدج روسون، المدير المشارك لمركز شلل الوجه في «جونز هوبكنز» والأستاذ المشارك في جراحة التجميل ليعطي الأمل للنساء، بأنّ عمليات ترميم الثدي باتت على مستوى متقدّم من التطوّر. ويؤكد أنّه حين تكون العملية ناجحة، فإنّ الحالة النفسية للمرأة ستتحسّن في شكل مذهل بعد استئصال الثدي بما أنّها تشعر بأنوثتها مجدداً. وقد تطوّرت عملية الترميم إلى حدّ أنّ بعض الجرّاحين التجميليين باتوا يستطيعون الحفاظ على أنسجة الثدي غير المصابة ويعيدون ترميمه في شكل طبيعي جداً. ومن خلال تعاون الأطباء من مختلف الاختصاصات مع بعضهم بعضاً، أصبح التعامل مع سرطان الثدي أكثر فعالية، ما يمكن أن يخفّف من المضاعفات الخطرة للمرض خصوصاً في بعض الدول النامية حيث لا تزال التوعية والخدمات الصحّية غير متوافرة بالمستوى المطلوب.