يتعرض الرئيس محمود عباس الى ضغوط خارجية، خصوصاً اميركية، للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في الاممالمتحدة الاسبوع الجاري، كما يتعرض الى ضغوط داخلية لعدم لقائه. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الادارة الاميركية ترى في لقاء عباس - نتانياهو كسراً للجليد القائم بين الرجلين منذ تولي الاول رئاسة الحكومة في اسرائيل مطلع العام الحالي.وبذلت الادارة الاميركية في الاشهر السبعة الاخيرة جهوداً حثيثة لاطلاق المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية المتوقفة منذ نهاية العام الماضي، لكن هذه الجهود اصطدمت بعقبة رفض الحكومة الاسرائيلية تجميد الاستيطان الذي شكل العائق الرئيس امام نجاح المفاوضات الفلسطينية - الاسرائبلية منذ انطلاقها عقب اتفاق اوسلو عام 1993. وأدى تواصل الاستيطان الذي تضاعف مرات منذ ذلك الحين الى تفجر الانتفاضة الثانية في أيلول (سبتمبر) عام 2000. وأظهرت الادارة الاميركية منذ تولي الرئيس باراك اوباما منصبه مطلع العام الحالي، اهتماماً خاصاً بوقف الاستيطان باعتباره العقبة الرئيسة امام انطلاق مفاوضات حقيقية مثمرة بين الجانبين. لكن الحكومة الاسرائيلية المؤلفة من احزاب اليمين والمركز، رفضت التجميد الكلي للاستيطان وعرضت بدلاً من ذلك تجميداً جزئياً موقتاً في المستوطنات الواقعة في قلب الضفة الغربية من دون القدس والكتل الاستيطانية الكبرى التي لا تخفي اسرائيل نيتها ضمها في اي حل سياسي مقبل. وأمام رفض حكومة نتانياهو تجميد الاستيطان تحت ذريعة الوضع الداخلي الاسرائيلي، يجد الرئيس عباس نفسه امام ضغوط داخلية واسعة لعدم لقاء نتانياهو. اذ طلبت اللجنة المركزية لحركة «فتح» وعدد من المسؤولين في السلطة وفي منظمة التحرير من الرئيس الفلسطيني عدم لقاء نتانياهو. وقال مسؤول فلسطيني رفيع فضل عدم ذكر اسمه ل «الحياة» ان لقاء الرئيس عباس مع نتانياهو في الاممالمتحدة، في حال حدوثه في ظل تواصل الاستيطان، سيُقرأ كإشارة ضعف في الموقفين الفلسطيني والاميركي. وأضاف ان «الشارع الفلسطيني سيرى في اللقاء تراجعاً عن موقفنا المطالب بوقف الاستيطان». وتابع: «الاستيطان يبتلع الارض خصوصاً القدس، وأمامنا الآن مهمة واحدة هي تجنيد ضغط دولي على اسرائيل من اجل وقف هذا النهب المتواصل الذي لم يبق من الارض ما يصلح لاقامة دولة فلسطينية». وزاد: «اذا نظرنا الى وجهة الاستيطان الحالية، فانه يبتلع قلب القدس، ويبتلع امتداد المدينة الى البحر الميت ونهر الاردن، ما يعيق اي تواصل بين جزئي الضفة الشمالي والجنوبي». ويحظى الموقف الفلسطيني من الاستيطان بدعم اميركي وأوروبي. وقال مسؤولون فلسطينيون ان الاتحاد الاوروبي بات يتحرك باتجاه دعم الفلسطينيين لاعلان دولة مستقلة من خلال الاممالمتحدة في غضون عامين في حال فشل المفاوضات. وأضافوا ان هذا الاتجاه يحظى ايضاً بتفهم اميركي، مشيراً الى ان ادارة اوباما ابلغت الفلسطينيين ان المفاوضات يجب ان تكون بسقف زمني لا يزيد على عامين، يصار بعده الى اتخاذ اجراءات وخطوات اخرى من اجل تحقيق السلام. وأوضح المسؤول الفلسطيني الرفيع ان الاجراءات التي اتخذتها السلطة في العامين الأخيرين حظيت بإشادة دولية اميركية وأوروبية، وان الجانبين الاميركي والاوروبي يريان في الحكومة الاسرائيلية عقبة امام السلام. وكان المبعوث الاميركي للسلام جورج ميتشل ابلغ الرئيس الفلسطيني في لقائهما اول من امس فشل جولته الاخيرة في حمل اسرائيل على وقف الاستيطان، لكنه قال له ان فشل هذه الجولة لا يعني نهاية المطاف، وانه سيواصل اتصالاته مع نتانياهو اثناء وجود الاخير في مقر الاممالمتحدة هذا الاسبوع، وبعد انتهاء اجتماعات الاممالمتحدة، من اجل اقناعه بوقف الاستيطان وبدء المفاوضات. وتلقى عباس ايضاً نصائح مصرية بلقاء نتانياهو، وقال مسؤول فلسطيني ان الجانب المصري لا يرى في لقاء عباس مع نتانياهو في الاممالمتحدة اي تراجع عن الموقف الفلسطيني، وانما وسيلة أخرى لنقل المطلب الفلسطيني بصورة مباشرة لرئيس الحكومة الاسرائيلية. وتوقع بعض المسؤولين ان يحدث لقاء شكلي بين الرجلين في حال اصرار الجانب الاميركي على حدوثه. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الدكتور صائب عريقات ان اي لقاء بين عباس ونتانياهو لن يعني استئناف المفاوضات، مؤكداً تمسك الجانب الفلسطيني بمطلب وقف الاستيطان بصورة كلية، بما فيه النمو الطبيعي، قبل استئناف المفاوضات.