أعلن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت أمس، إحباط محاولة انقلابية ضد نظامه دبرها نائبه السابق رياك مشار الذي أُقيل في تموز (يوليو) الماضي. وأكد سلفاكير سيطرة الجيش على الوضع واعتقال بعض عناصر القوة التي حاولت الاستيلاء على السلطة. وأمر بحظر تجول في العاصمة جوبا، في تطور يضعف منافسيه ويعزز قبضته على السلطة. وأكدت مصادر أمنية في جوبا ل «الحياة» أن السلطات اعتقلت رياك مشار نائب رئيس الحزب الحاكم، والأمين العام للحزب باقان أموم الذي كان يخضع لإقامة جبرية، ووزير شؤون الرئاسة السابق دينق ألور الذي أُقيل قبل أشهر لاتهامه بالفساد، إضافة إلى رئيس الاستخبارات السابق إدوارد لينو وأعضاء في البرلمان. وحذر مراقبون من هشاشة الأوضاع في جنوب السودان والتركيبة القبلية للجيش وضعف مؤسسات الدولة، ما يهدد بتماسك الدولة الوليدة. واندلعت اشتباكات في محيط ثكنتين عسكريتين ليل الأحد - الاثنين، بين قوة من الحرس الرئاسي من قبيلة «الدينكا» التي ينتمي إليها سلفاكير وأخرى من قبيلة النوير التي يتحدر منها مشار، بعد ساعات على اختتام اجتماعات ل «مجلس التحرير الوطني» (أعلى مؤسسة في حزب «الحركة الشعبية» الحاكم) كان هدفها البت في الخلافات القائمة بين مجموعتي سلفاكير ومشار. وامتد القتال إلى محيط وزارة الدفاع في محاولة للسيطرة على مستودعات الأسلحة، وسط أحياء سكنية، ما دفع المواطنين إلى النزوح. واحتمى مئات منهم في مقر البعثة الدولية لحفظ السلام قرب مطار جوبا. وانقطع الإرسال التلفزيوني والإذاعي الحكومي، فيما أُغلق مطار جوبا وتعطلت الاتصالات لساعات. وشهدت العاصمة انتشاراً عسكرياً كثيفاً وتحركاً للدبابات، وسط إطلاق نار متقطع أثار ذعراً لدى المدنيين. وأكد سلفاكير أن الجيش الشعبي تمكن من إحباط محاولة انقلاب، مشدداً على أن «زمن الانقلابات العسكرية ولّى». وقال، في مؤتمر صحافي ارتدى خلاله الزي العسكري وإلى جانبه عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، إن عدداً من المتورطين بمحاولة الانقلاب اعتُقلوا، متهماً جنوداً موالين لمشار ببدء القتال. ورأى أن إحباط المحاولة الانقلابية تم وفقاً للقانون، وتابع: «نريد تأسيس دولة القانون لا دولة الفوضى». وروى أن «شخصاً أطلق النار في الهواء قرب مقر الحزب الحاكم، وتلى ذلك هجوم على مقر قيادة الجيش قرب جامعة جوبا من جانب مجموعة من الجنود الموالين لمشار ليل الأحد، وتواصلت الاشتباكات حتى ساعات الصباح الأولى» أمس. وأضاف أن «قوات الحكومة تسيطر في شكل كامل على الأوضاع الأمنية في جوبا». وأجرى الرئيس السوداني عمر البشير أمس، اتصالاً هاتفياً بنظيره الجنوبي سلفاكير اطمأن خلاله إلى الأوضاع الأمنية. وأعلنت الرئاسة السودانية أن البشير شدد على أهمية استتباب الأمن والاستقرار في دولة جنوب السودان «لما فيه مصلحة شعبي البلدين». فيما اكد سلفاكير للبشير أن الأوضاع باتت تحت السيطرة. وتصاعدت التوترات في البلاد منذ أقال سلفاكير مشار من منصبه في تموز. وأعرب مشار لاحقاً عن استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2015، وقال: «من أجل أن تتوحد البلاد لا يمكن أن تقبل حكم الرجل الواحد، ولا تستطيع التسامح مع الديكتاتورية». وعقد «مجلس التحرير» في الحزب الحاكم قبل يومين، اجتماعاً لتسوية خلافات بين سلفاكير وقيادات منافسه له في الحزب، لكن مشار ومجموعته انسحبا من الاجتماع بسبب «غياب روح الحوار والمصالحة». واعتبر مشار أن كلمة سلفاكير عدائية، أغلقت الباب أمام فرص الحوار داخل الحزب. وكان سلفاكير بدأ في أيار (مايو) الماضي، عزل قيادات في الحكومة والحزب الحاكم، تُعتبر مراكز قوى لقربها من زعيم «الحركة الشعبية» الراحل جون قرنق. وعُرِفت هذه القوى بمواقفها الرافضة للتقارب مع الخرطوم ووقوفها وراء دعم المتمردين السودانيين، ما دفعها إلى التكتل في مواجهة سلفاكير.