فاجأ مهرجان المسرح العماني متابعيه عندما منح جائزة أفضل عرض مسرحي لمسرحية «بازار» لفرقة الدن، في حفلة ختام نسخته الخامسة التي اختار لإقامتها وللمرة الأولى مدينة البريمي على بعد أكثر من 200 كيلومتر من العاصمة مسقط، في توجه رسمي بنقل المهرجانات الثقافية والفنية إلى محافظات السلطنة. وردّت فرقة الدن بقوة على منتقديها عندما خرجت خالية الوفاض من مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية الذي استضافته السلطنة قبل أكثر من عام، لتعود وتكرر فوزها بجائزة أفضل عرض في المهرجان المحلي للمرة الثانية، بعدما فازت به قبل عامين وهي القادمة من قرية صغيرة في إحدى ولايات المنطقة الداخلية. وكان لافتاً أن عرض «بازار» الذي انتُقد في الندوة التطبيقية التي تعقد بعد كل عرض، نال رضا لجنة التحكيم الذي منحت مخرجه ادريس النبهاني جائزة أفضل إخراج، على رغم أنه يخوض تجربة الإخراج للمرة الأولى في دورات المهرجان، وقد كان في الدورة الماضية بطل عرض مسرحية «البئر». وتشكلت لجنة التحكيم من المصرية فردوس عبدالحميد واللبناني جان داوود والعراقي فاضل الجاف، إضافة إلى فنانين من عُمان هما الممثل إبراهيم الزدجالي والمذيعة رشا البلوشي. وفي حفلة الختام برعاية رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عبدالله الحراصي ليل الجمعة - السبت، حصدت فرقة الدن أيضاً جائزة السينوغرافيا التي ذهبت لأسعد السيابي، فيما نالت فرقة «مسرح مسقط الحر» جائزة ثاني أفضل عرض متكامل عن «النيزرو»، وفرقة «الأصايل» جائزة ثالث أفضل عرض عن «حرب الجراد». أما الجوائز الفردية، فقد فاز بها بدر الحمداني عن فئة أفضل نص لمسرحية «فكرة» التي قدمتها فرقة الطموح، وعن فئة الممثلين فاز ممدوح المرهون من فرقة صلالة (ممثل دور ثان) وشيماء البريكي من فرقة الرستاق (ممثلة دور ثان) ووفاء البلوشي من فرقة مزون (ممثلة دور أول) وخالد الضوياني من فرقة الرستاق (ممثل دور أول). نص «بازار» الذي كتبه الإماراتي محمد صالح محمد ثيمة شعبية، يتحدث عن مجموعة من الناس يعيشون في قرية، وتقودهم ظروف إلى البحث عن إجابة عن سؤال «من حفر البئر؟». في هذا السياق يدور خلاف بين مجموعتين، كل مجموعة تنسب فعل الحفر لنفسها وتصر على أحقيتها في استغلال مياه البئر، فيتحول الخلاف إلى صراع ينتج منه محاولة لإقحام أشخاص آخرين لفك اللغز. وفي مقابل هذه الرؤية المباشرة يقدم العمل إسقاطات ثقافية واجتماعية وسياسية اجتهد المخرج إدريس النبهاني لمواءمتها مع رؤيته مختاراً منها ما يناسبه، مشتغلاً على أفق سينوغرافي يختلف عن البعد المكاني الذي حدده الكاتب، ومستكشفاً لنفسه بعداً مكانياً آخر وهو يطرح مفهوم الصراع بين الخير والشر. واشتغل المخرج على الموروث الموسيقي المحلي من خلال توظيفه فنوناً عمانية كالأغاني والأهازيج المعروفة المرتبطة بطبلين شهيرين هما الكاسر والرحماني، مع توظيف الزي العماني والعصا كدلالة على الارتباط بالمكان. يذكر أن عشر فرق تنافست للمشاركة في الدورة الخامسة لمهرجان المسرح العماني، وشاركت ثماني فرق قدمت عروضها على مدار ثمانية أيام من أيام المهرجان العشرة، سعت للتغلب على مطبات التنظيم وأبرزها غياب الخشبة الممتلكة لأدوات العرض الفنية حيث أقيمت العروض على مسرح مدرسي تابع لوزارة التربية والتعليم العُمانية.