فاجأت فرقة «الدن» العُمانية جمهور المسرح في السلطنة، وخطفت جائزة أفضل عرض في الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العماني الذي اختتم أخيراً. وأجمعت لجنة التحكيم على استحقاق عرض «البئر» للجائزة، إضافة إلى جائزة أفضل إخراج (محمد الهنائي) وجائزتي تمثيل نالتها الفرقة التي ستمثل السلطنة بهذا العرض في مهرجان المسرح الخليجي في مدينة صلالة العمانية أواخر 2012. وحصلت فرقة الفن الحديث على الجائزة الثانية لأفضل عرض عن مسرحيتها «الكهف»، فيما نالت فرقة مزون الجائزة الثالثة عن عرض «الخوصة والزور» وحصل مخرجها يوسف البلوشي على جائزة أفضل سينوغرافيا. ووقف الجمهور طويلاً محيياً أبطال مسرحية «البئر» خصوصاً المخرج الذي لم يستعمل في الديكور سوى قطعة قماش تتغير وظيفتها بحسب المشهد، إذ تكون مرة حبل غسيل ومرة مشنقة، ثم بحراً يتماوج وقارباً يجذّف فيه البطل. واستطاعت النجمة حنان العجمية خطف جائزة أفضل ممثلة (دور أول) على رغم الانتقادات التي طاولتها في الندوة التطبيقية بعد عرض مسرحية «صباح الخير» لفرقة صلالة المسرحية، واعتراف المؤلف والمخرج عماد الشنفري بأن العجمية لم تقدم إلا القليل من إمكاناتها لدخولها البروفات قبل 10 أيام فقط من العرض بسبب انسحاب بطلة العرض السابقة. ونال الممثل الشاب أحمد السيباني جائزة أفضل ممثل أول على عكس التوقعات لأدائه دور الابن المجنون في مسرحية «البئر»، كما نالت زميلته في الفرقة غالية السيابية جائزة أفضل ممثلة عن دور ثانٍ. وخرجت فرقة «مسقط الحر» من السباق خالية الوفاض بعد ترجيحات حصولها على أكثر من جائزة عن مسرحية «الرزحة» التي قدّمتها في الدورة الماضية، ورفضت تقديمها في أول عروض المهرجان إذ احتجت على التجهيزات الفنية للمسرح (قاعة مدرسة خاصة). وخلا العرض من الجماليات الفنية المتوقعة فلم ينل سوى جائزة أفضل نص. وخسر المخرج والفنان المعروف في السلطنة جاسم البطاشي رهانه على «الرزحة» التي اقتربت كثيراً من التاريخ العماني من خلال المقاومة ضد الاستعمار البرتغالي محاذراً الوقوع في مطب النص الذي ركز كثيراً على حالات الشذوذ لدى القادة البرتغاليين وتصويرها كأنها سبب خسارة المستعمر حربه. وأنقذت الأعمال المسرحية الثلاثة الأخيرة المهرجان من الرتابة والتكرار اللذين طبعا غالبية عروضه الخمسة الأولى باستثناء عرضي «الخوصة» و «الزور»، وبدأت بشائر الانفراج في أمسيات المسرح مع عرض «الكهف» للمؤلف والمخرج جلال عبدالكريم جواد الذي أخرج العروض من كآبة البكائيات المستمرة كل ليلة. وأدى قاسم الريامي دوراً كوميدياً لسكير نال عنه جائزة أفضل ممثل دور ثانٍ. وللمرة الأولى تقدم شخصيات كالوزير والوكيل بصورة سلبي، فتناولت مسرحية «صباح الخير» الشراكة المادية بين الحكومة والشركات الاستثمارية إذ يُجبر مواطن على ترك بيته وهدمه لإقامة مشروع سياحي على رغم أنه رفض كل العروض المالية التي قُدمت إليه متمسكاً ببيته وأرضه. وتأهلت ثماني فرق مسرحية لأيام المهرجان العشرة (ثماني أمسيات مسرحية ويومان للافتتاح والختام) أمام جماهير غصت بها قاعة مسرح الكلية التقنية العليا، وجلس الجمهور في درج القاعة وبقي بعضهم وقوفاً فيما منع المنظمون دخول آخرين لم يستوعبهم المكان. وفي مبادرة داعمة ومشجعة على الحضور، أعلنت وزارة التراث والثقافة دعمها للفرق الثلاث الفائزة بالمراكز الأولى لتقدم عروضها لمدة أسبوع في محافظاتها مجاناً. وكان لافتاً امتلاء قاعة الندوات التطبيقية بمئات الحاضرين من الجمهور المنتظر الحوارات بعد كل عرض. وشارك ضيوف المهرجان في ندوات مختصة حول المسارح في بلدانهم من خلال عرض تجارب في ندوات مثل «المسرح في مصر والمغرب العربي»، و «المسرح في بلاد الشام»، و «المسرح في الخليج العربي». وشهدت الحفلة الختامية تكريم عدد من المسرحيين العمانيين، وهم سميرة الوهيبي التي عادت من السعودية حيث تتولى إخراج عمل مسرحي فيها، وعلي عوض البوسعيدي وخليفة بن عثمان الرئيسي ومحمد بن عبدالله المردوف والراحل جمعة الخصيبي. وضمت لجنة التحكيم هذا العام 5 أسماء يرأسها المغربي عبدالرحمن بن زيدان وعضوية اللبنانية شادية زيتون والسعودي أحمد الهذيل والعمانيين سعيد السيابي وفخرية خميس. ولم يسلم المهرجان من الانتقادات، وأبرزها غياب خشبة مسرح مجهزة للعروض المسرحية في مسقط، ما جعل رئيس اللجنة المنظمة ووكيل وزارة التراث والثقافة حمد المعمري يعد بتأمين أكثر من مسرح في مجمع عمان الثقافي، إضافة إلى مسارح ضمن مراكز ثقافية في ثلاث محافظات عمانية تبصر النور بعد سنتين.