تجنّب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الفصل في مشروع إنشاء منصب «مفتي الجمهورية» للمرة الأولى في تاريخ الجزائر المستقلة، على رغم أن وزير الشؤون الدينية بوعبدالله غلام الله حمل معه معالم المشروع إلى «جلسة استماع» مع رئيس الجمهورية، مساء أول من أمس. ويمدد هذا الإرجاء في الحسم الخلاف الواقع بين مؤسسات دينية رسمية ووزارة الشؤون الدينية، من جهة، وشخصيات إسلامية تطالب بتوحيد الفتوى، من جهة أخرى. وكانت شخصيات إسلامية فاعلة في الجزائر تنتظر أن يفصل الرئيس بوتفليقة في اسم الشخص المرشح لتولي منصب مفتي الجمهورية خلال اجتماعه مع وزير الشؤون الدينية والأوقاف بناء على تصريحات سابقة للوزير نفسه الذي قال إن المشروع جاهز وسيُعرض على الرئيس في شهر رمضان قبل إطلاقه. وتُعطي الوزارة للمشروع بُعداً يتمثل في قيام مؤسسة تتولى تنظيم صدور الفتاوى في البلاد وتكون واجهة للإسلام البعيد من التطرف، على خلفية «فوضى» شاملة أصابت الجهات التي تتولى إصدار الفتاوى في البلاد منذ سنوات. وسعت الحكومة في الفترة الماضية إلى إعادة «وضع اليد» على المساجد من خلال تنظيم عمل الأئمة ومراقبة خطب الجمعة والحلقات الدينية التي تحوّل بعضها إلى حلقات تشجّع على «الجهاد» إلى جانب بعض الجماعات المسلحة. وبررت وزارة الشؤون الدينية إصرارها على تحقيق المشروع بكون الفتاوى المنشورة في الصحف المحلية في السنوات الأخيرة غالباً ما تكون «منقولة عن كتب أجنبية وتحمل قنابل موقوتة ضد مصالح الجزائر». ولذلك، لجأت السلطات إلى فرض إجراءات غير مسبوقة على دور النشر والتوزيع في مسائل بيع الكتب المطبوعة في دول أجنبية، وحظّرت كتابات عديدة من المشاركة في معرض الكتاب الدولي الذي يُنظّم في خريف كل سنة. واقترحت الوزارة أيضاً تعيين شخصية دينية تتولى منصب المفتي الذي يساعده أمين عام ومديرون مركزيون ومجلس علمي، على أن «يكون المفتي من بين العلماء البارزين وأن يكون صاحب دراسات وبحوث أكاديمية ويتمتع بالكفاءة في الميدان الفقهي والشرعي». وقال مسؤول في الوزارة ل «الحياة» في شأن جلسة الاستماع التي جرت بين رئيس الجمهورية ووزير الشؤون الدينية: «الأمر أولاً وأخيراً في يد الرئيس بوتفليقة الذي يقرر مدى جاهزية المشروع (لإطلاقه)». وتابع: «صحيح أن المشروع كان مبرمجاً لشهر رمضان الجاري، لكن الواضح أن الصورة المطروح فيها لم تلق الموافقة بعد».