لم ينجح اليمن في جذب الاستثمارات الكافية لإحداث التنمية المطلوبة خلال السنوات الماضية، وعلى رغم الجهود المتواضعة التي بذلت في مجال تحسين البيئة الاستثمارية إلا أنها لم تكن تُقنع أصحاب رؤوس الأموال بإنشاء مشاريع استثمارية نظراً إلى وجود صعوبات حقيقية. وأظهرت دراسة أعدها عضو مجلس أمناء مركز «منارات» محمد حمود الوذن وحملت عنوان «أهمية الاستثمارات الخارجية في إحداث تنمية حقيقية في اليمن»، أن انتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري، وعدم صدقية الجهود الرسمية المبذولة لتحسين بيئة الاستثمار والتركيز على التوظيف السياسي، والافتقار إلى رؤية اقتصادية تنموية متكاملة، وتعدد جهات الإشراف على المؤسسات الاقتصادية حدّت من جاذبية الاستثمار. وأشارت احصاءات «الهيئة العامة للاستثمار» اليمنية إلى أن «عدد المشاريع المسجّلة بين كانون الثاني (يناير) وأيلول (سبتمبر) الماضيين بلغ 99 مشروعاً بكلفة 56.3 بليون ريال (262.2 مليون دولار) وبموجودات ثابتة بلغت 18.5 بليون ريال». وتوزعت تلك المشاريع، التي يُفترض أن تخلق نحو 2545 فرصة عمل، على قطاعات الصناعة والخدمات والسياحة والزراعة. ولفتت الدراسة إلى أن النزاعات تُعتبر من أبرز معوقات الاستثمار في اليمن، وخصوصاً في المنطقة الحرة في عدن. وأكدت أن اليمن يحتاج بشدة إلى الاستثمارات الأجنبية بسبب غياب مؤسسات تمويل أو مصارف تنموية تموّل المشاريع الاستثمارية، وارتفاع معدل سعر الفائدة على القروض بسبب أذون الخزانة، وارتفاع نسبة الفقر، ما يحد من وجود مدخرات كافية، وانخفاض القدرة الاستيعابية للقروض والمساعدات، وهروب رأس المال الوطني. وأكدت أن مناطق استثمارية واعدة تتمثّل في العديد من المناطق الصناعية الخاصة في المواقع الحدودية التي تربط اليمن بدول الجوار، مشيرة إلى أن «منطقة الوديعة في حضرموت (جنوب شرق اليمن) تمتلك مقومات عديدة إذ أبدى العديد من المستثمرين السعوديين استعدادهم لتنفيذ مشاريع هناك، إضافة إلى منطقة حرض في محافظة حجة (شمال اليمن)، ومنطقة المزيونة في محافظة المهرة (شرق اليمن) حيث نفذ مستثمرون عمانيون بعض المشاريع. وواجهت البيئة الاستثمارية وبيئة أداء الأعمال في اليمن صدمة شديدة منذ عام 2011 نتيجة تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والتي انتقلت آثارها السلبية إلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي فقدت البيئة الاستثمارية جاذبيتها إذ توقفت معظم الأنشطة الاستثمارية وانخفضت نسبة المشاريع المسجّلة لدى هيئة الاستثمار نحو 41 في المئة. وأفادت الدراسة بأن وزارة الصناعة والتجارة حددت المواقع لثلاث مناطق صناعية في كل من عدن بمساحة 100 هكتار، والمكلا بمساحة 22.5 كيلومتر مربع، والحديدة بمساحة 42 كيلومتر مربع، منذ العام 2004، ووُضعت التصاميم ودراسات الجدوى، في حين تبحث الوزارة عن مستثمرين وفق نماذج أنظمة استثمارية معمول بها عالمياً، فضلاً عن المناطق الصناعية التابعة للمنطقة الحرة في عدن والمناطق الصناعية التابعة للقطاع الخاص وميناء الحاويات. وحضت الدراسة على اتباع إجراءات لجذب الاستثمارات، أبرزها وجود إرادة سياسية تؤمن بأهمية إحداث تنمية حقيقية، ووجود سياسات اقتصادية تضمن الانسجام والتكامل بين قطاعات الإنتاج والخدمات بما يحقق خطط التنمية، ومراجعة معوقات الاستثمار والعمل على إيجاد بيئة استثمارية ملائمة وفق برنامج زمني، وإشراك القطاع الخاص في تخطيط وتنفيذ البرامج الاستثمارية وتشجيعه على جذب الاستثمار الخارجي من خلال مشاريع مشتركة والابتعاد عن المبالغة في الترويج للنظام السياسي على حساب الاستثمار.