قال الائتلاف الوطني السوري المعارض أمس الخميس، إنه دعا مقاتلين إسلاميين لتأمين مستودعات أسلحته على الحدود التركية بعد هجوم لمتشددي «القاعدة». وعلّقت الولاياتالمتحدة وبريطانيا المساعدات غير المميتة لشمال سورية عقب تقارير عن استيلاء قوات «الجبهة الإسلامية» على مبان تابعة للمجلس العسكري الأعلى التابع للائتلاف في منطقة باب الهوى على الحدود مع تركيا. لكن «الائتلاف الوطني السوري» قال إن حقيقة الأمر هي أنه طلب من «الجبهة الإسلامية»، وهي تحالف لست جماعات معارضة رئيسية، الدفاع عن المنشآت في مواجهة مقاتلين من جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التابعة ل «القاعدة». وقال خالد صالح الناطق باسم «الائتلاف» في إسطنبول إن مقاتلي جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» اجتاحوا مخازن المجلس العسكري الأعلى، ونتيجة لذلك طلب اللواء سليم إدريس قائد المجلس من الجبهة الإسلامية حماية المخازن. وأضاف أن قوات الجبهة جاءت وتمكنت من طرد مقاتلي جماعة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وتنتظر وصول مقاتلي المجلس الأعلى لتولي السيطرة على المخازن. ولم يذكر صالح ما إذا كانت المخازن تحوي أسلحة. ويسلّط تعليق المساعدات الأميركية والبريطانية لشمال سورية الضوء على أزمة في قيادة المعارضة التي تسعى إلى نيل دعم دولي لتعزيز صدقيتها ومنع المقاتلين من الانضمام للجماعات المدعومة من تنظيم «القاعدة» والتي تتصدر حاليا الحرب ضد الرئيس بشار الأسد. وانكشف ضعف المجلس العسكري الأعلى بعد عجزه عن السيطرة على مخازنه دون مساعدة الجماعات الإسلامية. وقال لؤي مقداد المتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى، إن إدريس يجتمع مع زعماء «الجبهة الإسلامية» قرب الحدود لمحاولة حل المشكلة. وأكد أبو طلحة وهو أحد زعماء «الجبهة الإسلامية»، أن مقاتليه تحركوا استجابة لطلب المساعدة من المجلس. وقال لتلفزيون «الجزيرة» مشيراً إلى المجلس العسكري الأعلى: «وصلني اتصال من رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر سليم إدريس، أن هناك مجموعة مسلحة تحاول الهجوم على الكتيبة التابعة لهيئة الأركان وأن هناك تهديداً لمقر هيئة الأركان ومستودعات الأسلحة الموجودة في المنطقة. حقيقة كان الاتصال متأخراً وحاولنا قدر الإمكان الإسراع في عملية حفظ الأمن ومحاولة ضبط المسألة حيث يتم إزهاق للأرواح. عملية سرقة الأركان أو نهب الأركان تمت أكثر من مرة، وللأسف هيئة الأركان لا تمتلك القوة حتى الآن للدفاع عن مستودعات الأسلحة وما يتبع لها من مؤسسات». ويبحث زعماء المعارضة منذ شهور سبل إعادة هيكلة المجلس لتحويله إلى هيئة أكثر تنظيماً. لكن مصادر بالمعارضة قالت إن التقدم بطيء نظراً إلى الحاجة إلى التشاور مع مئات الكتائب، وإن المواجهة التي وقعت عند معبر باب الهوى تمثّل عقبة جديدة. وأشار «المرصد السوي لحقوق الإنسان»، من جهته، إلى أن «جبهة النصرة» الإسلامية المتطرفة التي لا تشكل جزءاً من «الجبهة الإسلامية» استولت على بعض الأسلحة من المخازن على معبر باب الهوى. على الأثر، أعلنت واشنطن «تعليق تسليم أي مساعدة غير فتاكة لشمال سورية»، موضحة أن القرار لا يشمل المساعدات الإنسانية، ثم أعلنت لندن بدورها أن «لا خطة لديها لتسليم أي معدات طالما بقي الوضع غير واضح». ويقول الباحث السويدي في الشؤون السورية آرون لوند لوكالة «فرانس برس»: «من الواضح أن هيئة الأركان في الجيش السوري الحر» المرتبطة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والمدعومة من الغرب، «تضعف أكثر فأكثر وتفقد من سلطتها». ويشير إلى أن هيئة الأركان العليا «لطالما كانت محط اتهامات المجموعات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بأنها قوة رمزية غير قادرة على القيام بدورها كما يجب على صعيد تنسيق وتوزيع الأسلحة على المقاتلين على الأرض». لكن رئيس قيادة هذه الأركان اللواء سليم إدريس «لا يمكنه اليوم حتى أن يدّعي أنه يمثّل هذه القوى» بعد انسحاب أكبر الألوية والكتائب من هيئة الأركان. وتشكلت «الجبهة الإسلامية» في 22 تشرين الثاني (نوفمبر)، وهي أكبر تجمع للقوى الإسلامية المسلحة في سورية. وأعلنت الجبهة في الثالث من كانون الأول (ديسمبر) انسحابها من هيئة الأركان بسبب «تبعية» هذه الأخيرة للائتلاف الوطني وعدم تمثيليتها. ومنذ أيام، أعلن عن تشكيل جديد أطلق عليه «جبهة ثوار سورية» ضم مجموعة من الكتائب الصغيرة، ليزيد انشقاقاً على انقسامات لم تعد تحصى وتتغير باستمرار. ويقر قائد لواء الشام سليم الحجازي بتراجع موقف هيئة الأركان، علماً أن لواءه الذي يقاتل خصوصاً في منطقة دمشق، لا يزال منضويا تحت لواء الجيش الحر. ويقول عبر «سكايب» إن «الدعم انقطع عن الجيش الحر بشكل كامل»، مستدركاً «منذ البداية، كان معروفاً أن الكتائب التي تحمل طابعاً اسلامياً هي التي تحصل على الدعم الأكبر، وهو دعم لم تحصل عليه الأركان». الثوار يقتحمون عدرا على الصعيد الميداني، أعلنت مواقع المعارضة السورية أن مقاتليها تمكنوا أمس من «تحرير مدينة عدرا العمالية (في الغوطة الشرقية على بعد 20 كلم شمال شرقي دمشق) والسيطرة على المطاحن والجمارك والمدينة الصناعية والمنطقة الحرة وحاجز جسر بغداد الذي يُعد بمثابة كتيبة أو أكثر». لكن «رويترز» نقلت من بيروت عن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المؤيد للمعارضة، أن مسلحين إسلاميين قتلوا ما لا يقل عن 15 مدنياً من أبناء الأقليتين العلوية والدرزية في بلدة عدرا يومي الأربعاء والخميس. وأضاف «المرصد» أن شخصا آخر قُتل كان من المقاتلين الموالين للحكومة. وأصبحت معظم المدن في سورية مقسمة على أسس طائفية، لكن عدرا بقيت بعيدة من ذلك الى حد بعيد. وللبلدة أهمية استراتيجية لمقاتلي المعارضة لأنها من بين الطرق القليلة الموصلة إلى دمشق. واتهم نشطاء وشهود والإعلام الرسمي السوري «الجبهة الإسلامية» و «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بتنفيذ الهجمات. وقالت امرأة من عدرا منعها الخوف عن الإفصاح حتى عن الطائفة التي تنتمي اليها ل «رويترز»، إن مسلحين من الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة دخلوا منزل أسرتها في نحو الثالثة من صباح أمس الخميس وأخذوا ابنها. وأضافت أن المسلحين قالوا إن ابنها سيعود لكنه كان لا يزال مفقودا حتى بعد ظهر الخميس. ويقطن عدرا نحو مئة ألف شخص بينهم علويون ودروز ومسيحيون وسنة. وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إن بعض السكان فروا من المدينة بينما اختبأ آخرون في أقبية منازلهم. وأنحى البعض باللوم في الهجوم على «جيش الإسلام» وهو من جماعات «الجبهة الإسلامية» ويقوده زهران علوش. وقال آخرون إن عدد القتلى يصل إلى 40 لكن لم يتسن التحقق من هذه التقارير بطريقة مستقلة. وقال ناشط من ضواحي دمشق ل «رويترز»: «زهران علوش ارتكب مجزرة». وقالت وكالة الأنباء العربية السورية إن الجيش أرسل قوات «لإعادة الأمن» في البلدة. وأضافت الوكالة «تسللت مجموعات إرهابية مسلحة تابعة لجبهة النصرة إلى مدينة عدرا العمالية السكنية بريف دمشق... قام الإرهابيون بالاعتداء على السكان المدنيين العزل في منازلهم، حيث وردت معلومات تفيد بأن الإرهابيين ارتكبوا مجزرة بحق المدنيين».