صحافية وكاتبة كويتية، درست الديكور لتصنع الجمال حولها كما تقول، تحب اسمها على رغم أنها عانت منه، فلم تجد منه إلا الحد الأدنى من الاهتمام وبقيت دائماً في المنطقة الحيادية، تقول عن تجربتها الكتابية إنها «صوتي ضد الظلم الذي يقع على الأنثى في مجتمعاتنا»، مشيرة إلى أن الإعلام لا يهتم بفكر وقضايا المرأة بل يهمه الربح المادي عبر استغلال جسدها وجمالها، وعن الدراما الكويتية قالت إنها تبحث عن الربح المادي عبر الاستسهال والاسترخاص الذي ينتج مسلسلات تافهة، وتؤكد أن مجتمعاتنا في حقبة الستينات والسبعينات كانت أكثر انفتاحاً وقبولاً وتسامحاً مما هي عليه الآن، وتوضح أن «تويتر» لم يشوهنا ولكنه فضح تشوهاتنا المخفية، نرجو أن تستمتعوا بحوارنا معها.. بداية مع اسمك.. هل وجدت معه نصيبك من الدلع؟ - بالعكس تماماً.. أنا الوسطى بين 5 إخوة، أي لا الكبرى لأحظى بالاهتمام ولا الصغرى لأشبع دلالاً ودلعاً، هذا الترتيب أبقاني في المنطقة الحيادية وبالتالي في الحد الأدنى من الميزات، لكن هذا لا يمنع أني أحب اسمي مع أني عانيت منه كثيراً. هندسة الديكور تخصصاً دراسياً، هل كان اختياراً بملء الإرادة؟ وماذا منحك؟ - نعم كنت وما زلت أهوى الفن بأنواعه، هندسة الديكور كانت بالنسبة لي فرصة لتجميل العالم: بيتي، محيطي. والدراسة الأكاديمية منحتني المعرفة والوسيلة لأفعل ذلك، مع أني لم أمارس الهندسة كمهنة إلا مدة قصيرة. تجربة الكويت الديموقراطية بدأت باكراً بالنسبة لدول الخليج، ما الذي أفرزته هذه التجربة؟ - على صعيد الخليج كانت الكويت سباقة في الكثير من الأمور وهو أمر نفخر به جميعاً، فالكويت كانت رائدة في مجالات التعليم والصحة والفن والأهم الديمقراطية، بل إن أول دستور وضع في المنطقة كان كويتياً بجهود الشيخ الراحل عبدالله السالم الصباح الذي يرجع إليه الفضل في نهضة الكويت. الدستور نظم العلاقة بين الشعب والسلطة، بين الحاكم والمحكوم، ووضع أسس الديمقراطية والحرية السياسية في الكويت «مما يزعج بعض الأشقاء». لماذا المرأة الخليجية في المناصب الدولية تجد احتفاء يليق بها، ولا تجده في وطنها؟ - «لا كرامة لنبيّ في وطنه» قالوها ونقولها. حال التجاهل وعدم التقدير لا تقتصر على المرأة فالكثير من الرجال من الذين يتم تقديرهم عالمياً يواجهون التجاهل في أوطانهم، الأمر هو انعكاس لعدم الثقة بقدراتنا وإمكاناتنا الشخصية والتي يتم التعامل معها بهذا القدر من الإهمال، والدكتورة سامية العمودي أكبر مثال. البدون.. منسيون «البدون» ألا ترين أن حق الجنسية لهم منتهك في دول الخليج؟ هل غابت عن الأنظمة الخليجية الحكمة في معالجة قضيتهم؟ - غابت وتغيب، هناك ظلم قاسٍ ويومي يقع عليهم حين تسلب منهم أبسط حقوقهم الإنسانية، أن يحرم الإنسان من جنسية بلد ولد وعاش وكبر ومات فيه لهو أظلم من الظلم. والمشكلة أن السلطات ما زالت تتلكأ في حل هذه المشكلة التي لا تصغر بل ما زالت يوماً بعد يوم تكبر وتتفاقم. نسمع كثيراً عن الوحدة العربية والخليجية، كيف نستطيع منح الثقة لهذه الشعارات ونحن لم نستطع التضامن مع مواطنين بيننا من دون جنسية؟ - تلك الشعارات لم تعد تؤثر في الإنسان العربي.. فلقد خُذل. المواطن العربي فقد الثقة بعروبته وبقوميته وبدمه وبلغته.. فعلى ماذا يستطيع أن يتكئ بعد الآن؟ علينا أن نؤسس لجيل يؤمن بالإنسان والإنسانية أولاً، ويستطيع تقبل الآخر بغض النظر عن جنسيته أو لونه أو مذهبه أو أصله، بعدها يمكننا غرس أي من القيم الأخرى، فقبل الدم واللغة والجنسية والدين والمذهب.. كان الإنسان. «كويتيون لأجل البدون» هل حققت هذه المبادرة الهدف منها، وهل حققت تضامناً حقيقياً في الكويت؟ - البدون مسألة شائكة في الكويت وفي الكثير من الدول العربية. للعلم ليست الكويت وحدها من تعاني من هذه المشكلة، فالكثير من الدول العربية عندها فئة غير محددة الهوية، أما في الكويت فالمسألة مسألة وقت. لا بد أن تحل، فالسكوت عنها وتجاهلها يفاقمها ويضخمها، فالظلم مهما طال لا بد أن يهزم. أما عن المبادرة فهي أسمعت أصوات المهمشين وأوضحت مطالباتهم وفصّلت القوانين التي يجب أن تحميهم. المبادرة أيضاً خرجت خارج الكويت، وأوصلت صوت المظلومين إلى جمعيات حقوق الإنسان في الخارج، وما زالت تعمل لإيصال مطالب البدون إلى القيادات، علّهم يجدون لها حلاً عما قريب. الميادين الرئيسة في العواصم العربية هل أقضت مهاجع الحكام لدرجة إلغائها، وهل تتوقعين أن إلغاء المكان سيلغي الإرادة؟ - الجغرافيا لا يمكن أن تنتصر على المطالب الإنسانية، الميادين مجرد مكان وما أكثر الأمكنة. وفي حال اختفت الميادين سيجد الشباب لهم مخرجاً ومنطقة بديلة ليجتمعوا فيها ويعبروا عما يريدون حتى لو فوق الأسطح. حق جنسية الأم لأطفالها ما الذي يجعل معظم الدول العربية تتحفظ عليه؟ - لا أعرف الحكمة من ذلك، لكني صدقاً لا أفهم هذا «البخل» الحكومي حتى بالنسبة للأطفال، فمن أحق بالطفل أليست أمه؟ لكن للأسف ما زالت عقلية مشرّعينا تعمل وفق المنطق الذكوري الذي يعود بكل أمر إلى الرجل فقط. الفتاوى الدينية ظهور فتاوى دينية ليس لها أساس فقهي خاصة بالمرأة، من يسمح بها وماذا يريدون من ورائها؟ - هذا أمر يثير «جنوني»، فشيوخ الفضائيات ومفتي الموضة يسرقون الاهتمام الإعلامي، ويغطون بآرائهم الجهبذية على منطق الشيوخ المعتدلين وعلماء الدين الحقيقيين، وذلك لكثرة وجودهم على الشاشات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. هم يصلون إلى الناس بسهولة وسرعة، وهنا الطامة الكبرى. يخيطون ويفصلون فتاوى ما أنزل الله بها سلطان، والمصيبة أن بعض العامة يصدقونهم ويتبعونهم. ولاحظي أن التركيز الأكبر يكون على الفتاوى التي تتعلق بالمرأة أو بالأصح التي تقمع المرأة وتشيّئها. كل التشريعات الدينية والقانونية تحمي المرأة، ولكن الضغوط تمارس عليها بعدم تفعيل هذه الحقوق، لماذا يجب أن تبقى المرأة الحلقة الأضعف؟ - بكل بساطة، حتى يتم السيطرة عليها. ما الذي يخيف الرجل من المرأة المستقلة اقتصادياً؟ - عدم اعتمادها عليه، هو أكثر ما يخيف الرجل من المرأة، فأساس حرية المرأة هو تعليمها ووعيها واستقلالها المادي. وعندما تملك تلك الأدوات تصبح مصدر إزعاج لبعض الرجال الذين يفضلون اتكالية المرأة عليهم كلياً للمحافظة على فوقيتهم وغرورهم وهشاشتهم. المرأة العربية دائماً في قلب الحراك والمطالبة بالعدالة والديمقراطية، ولكنها في النهاية تحصل على نصيب من التهميش السياسي، لماذا في رأيك؟ - هذا هو حال المجتمع الذكوري.. لا يتوانى عن الاستعانة بالمرأة وبصوتها وبسواعدها إن احتاج، لكن عندما تنتهي المعركة يهمشها ويستبعدها ويتبوأ مركز القيادة. في كل الثورات العربية وقفت المرأة بجانب الرجل وأحياناً أمامه، لكن حين تم الانتصار.. أزاحوها عن الصورة ليتولوا الرئاسة كما العادة. صورة المرأة الخليجية في الدراما هل تعكس واقعها الفعلي؟ - بالطبع لا يوجد دخان من دون نار، والنماذج المستقاة من الواقع كشخصيات درامية من المؤكد أنها موجودة في كل المجتمعات وليس الخليجية فقط، لكن المشكلة حين تتحول هذه الصورة تحديداً إلى نمطية وحيدة تمثل حال المرأة الخليجية. لا أدري لماذا لا تظهر المرأة المثقفة والمتحضرة والوزيرة والسفيرة في مسلسلاتنا، ولا نرى سوى تلك النماذج المريضة! الصورة النمطية للمرأة في الإعلام، كيف يمكن أن نقضي عليها، أو نغيرها كأضعف الإيمان؟ - إعلامنا يا سيدتي لا يملك هدفاً نبيلاً يسعى إليه، ولا يهمه سوى الربح المادي عبر استغلال جسد المرأة وجمالها. الإعلام لا يهتم بفكر المرأة ولا بقضاياها، وما الأغاني التي تبث على القنوات الفضائية سوى مثال على ما أقصد. الدراما الكويتية هل تطرح قضايا المرأة والمجتمع الكويتي الحقيقية؟ أم تتبع سياسة «الجمهور عايز كدا»؟ الدراما الكويتية مثلها مثل البقية تبحث عن الربح، والقضايا التي تجذب المشاهد هي تلك التي تدر المال. مع العلم أنه بقليل من الذكاء يمكنهم أن يقدموا القضايا التي تهم المجتمع وفي الوقت نفسه يحققوا الربح، لكنه الاستسهال والاسترخاص والاستعجال الذي ينتج مسلسلات تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع. التسلط الذكوري على المرأة، ألا ترين أنه الآن ضدها أكبر مما كان في الستينات والسبعينات الميلادية؟ - مجتمعاتنا في تلك الفترة كانت أكثر انفتاحاً وقبولاً وتسامحاً مما هي عليه الآن. كانت تخرج إلى الضوء وتحتك بالعالم وتحاول النهوض بنفسها. بعد التشدد والتطرف الذي ابتلينا به أصبحت مجتمعاتنا منغلقة ومتشددة ومتطرفة، تخاف الآخر والأهم تخاف التغيير، والضحية الأولى هي المرأة. قضايا المرأة الخليجية، هل كشفت عن الوعي الزائف للرجل؟ أعوام طويلة من فصل عالم الرجل عن المرأة خلقت حالاً من سوء الفهم، وأحياناً عدم الرغبة في الفهم. اعتاد الرجل على التفرد وعلى أن يحصل على ما يريده من دون أن يفكر في الطرف الآخر، وسيظل هذا الوضع قائماً حتى تقف المرأة أمامه وتقول له بوضوح: اسمعني.. افهمني. شبان وفتيات الخليج مستبعدون من المشاركة السياسية، هل أطروحات الأجيال الجديدة تقض مضاجع الأنظمة حالياً؟ - ليس الآن.. قبل الثورات العربية بالفعل كانت شريحة الشباب مستبعدة لكنها في الوقت الحالي في لب الحدث وأصواتهم تصدح في كل العواصم الخليجية، لم يعد هناك فرصة لتجاهلهم وأكبر مثال هو مجلس الأمة الكويتي عندنا نواب شباب وللمرة الأولى في تاريخه أصبح رئيس المجلس من فئة الشباب. هل توافقين على أننا نعيش حالاً من التردي الأخلاقي؟ هل بدأت تنتهي القيم النبيلة من المجتمع العربي؟ - لا أعتقد.. إنها متغيرات تحصل في كل المجتمعات. نعم هناك تغيير لكن من قال إنه إلى الأسوأ، علينا أن نفهم أن العادات والتقاليد تتغير مع تغير الزمن فهي ليست مقدسة والناس تتغير وتتغير معها عاداتها، والتغيير ضروري بل مطلوب وفق أبجدية التطور لكن من المهم تأسيس جيل جديد مسلح بالوعي ثم لنتركه يشق طريقه بنفسه. تجربتك الكتابية كأنثى، هل تحمل رسالة معينة تريدين إيصالها؟ - تجربتي هي خلاصة ما يحيط بي في هذا العالم، هي صوتي ضد الظلم الذي يقع على الأنثى في مجتمعاتنا، وضد الكيل بمكيالين تجاه المرأة الغربية والعربية، وضد حرمان الأم من أطفالها في حالات الطلاق، وضد تزويج القصر والذي أعده اغتصاباً، وضد عدم قبول الآخر المختلف عنا، وضد التطرف والتشدد في أي اتجاه. نواجه مشكلات كثيرة بعضها خلقه الترف وأخرى صنعها الفقر، هل عجزنا عن معادلة الأمور؟ - عجزنا عن الكثير من الأمور، وعدم تحقق العدالة الاجتماعية واحدة منها. التفاوت في المستوى بين غنًى فاحش وفقر مدقع جعل الطبقة الوسطى تكاد تكون معدومة، وخلّف أزمات نعاني منها. المثقف الخليجي برأيك.. هل ينفصل سلوك المثقف الخليجي عن نتاجه الثقافي؟ عند البعض نعم، فنحن نجد الكثير من المثقفين الخليجين، وأنا لا أعمم هنا، ممن ينادون بالحرية والديمقراطية والمساواة ويعلنون عن تحررهم وأفكارهم التقدمية، بينما على الصعيد الشخصي يقصون نساءهم عن المشهد العام بل ويخفونهم عن الأعين. هل لك تواصل مع مثقفات وإعلاميات سعوديات، وهل تحرصين على قراءة مقالاتهن؟ - أتابع بإعجاب الكثيرات من الإعلاميات السعوديات وأحرص على قراءة كتاباتهن وأتابع مسيرتهن الإعلامية والنضالية. أتابع أيضاً الهجوم الذي تتعرض له الإعلامية السعودية سواء في الإعلام أو على شبكات التواصل، إنه لشيء مؤلم أن تحارب بنات البلد على أيدي شبابها، فالمرأة السعودية تحارب على عدة جبهات إلا أن مواقفها تشرف المرأة العربية فحربها أشد وأقسى. هل قضت التقنية على المشاعر الرومانسية للبشر.. القلق، اللهفة، الشوق، الانتظار؟ - كتبت مقالاً يوماً بعنوان: «تباً للتكنولوجيا اشتقنا للشوق» مفاده أن كل شيء أصبح متاحاً بالصوت والصورة. فلمسة خفيفة كفيلة بأن يصبح من نريده تحت أنظارنا وأسماعنا تنقله لنا أجهزة التكنولوجيا الحديثة من دون تعب وأحياناً كثيرة من دون مصاريف.. هواتف نقالة، أجهزة كمبيوتر شخصية، رسائل الكترونية وأخرى هاتفية، كاميرات محادثة، «بي بي أم» وشات ومسنجر.. والذي منه، كلها اغتالت «الرومانسية» الزمن الجميل الذي مضى. من اغتال التلقائية والسلوك البريء في علاقة الرجل بالمرأة؟ - هي محصلة عامة بين إعلام يسوق الغرائز ومجتمع غارق في المادية، بحيث صرنا محاطون بسلوكيات مفتعلة وخالية من البراءة ومن الرومانسية. إلى متى وقصص الحب تشعر فتياتنا بالخيبة؟ - الخيبة تأتي نتيجة للكبت والتزمت أو نتيجة العادات الصارمة، فرض زواج معين والتزويج بمنطق الإقناع أو الغصب تحت عذر الأصل والفصل والفارق الاجتماعي ومنع الفتيات من حرية الاختيار هو الخيبة بعينها. ما الذي حققته وسائل التواصل والشبكات الاجتماعية وفشلت في تحقيقه السياسات العامة للمجتمع؟ - وسائل التواصل الاجتماعي أوصلت صوت من لا صوت له، جمعت بين العامة والنخبة، أسمعت نداءات وحاجات وشكاوى المواطن العادي، وفي الكثير من الأحيان هزت كراسي المسؤولين ومراكزهم. وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطراً على الكبار الآن.. فلا أحد معصوم من النقد. البعض يقول إن وسائل التواصل هي التي أطاحت برؤوس الديكتاتورية في الوطن العربي، إلا إنني أقول هي لم تكن سوى وسيلة ووسيلة ناجحة، الفضل يعود إلى ظلم وديكتاتورية أولئك الرؤساء، ثم إلى شباب الوطن العربي الذين لم يتحملوا ما تحملنا نحن.