دعت القمة الأوروبية إلى تنفيذ إصلاحات النظام المالي ووضع قواعد ملزمة من أجل تقييد مكافآت المضاربين في أسواق المال، وردعهم عن المخاطرة غير المحسوبة. ويمثل الموقف رسالة جماعية في اتجاه قمة مجموعة العشرين المرتقبة في بيتسبرغ في الولاياتالمتحده يومي 24 و25 الجاري. وأفادت مصادر القمة بأن الزعماء الأوروبيين أكدوا خلال الاجتماع الاستثنائي ليل الخميس - الجمعة في بروكسيل، على «ضرورة تنفيذ إصلاحات النظام المالي على الصعيد العالمي، منها مسائل مكافآت المتعاملين في أسواق المال». وسيعلن الاتحاد الأوروبي في منتصف الأسبوع المقبلة الهياكل الجديدة التي ستنشأ لمراقبة أسواق المال الأوروبية. وتخشى حكومات الدول من أن يؤدي تأخر تنفيذ الإصلاحات إلى استئناف المضاربين نشاطهم كأن شيئاً لم يكن. وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ، رئيس مجلس وزراء المال في منطقة اليورو، أن القمة الأوروبية «تسعى إلى إقناع الأصدقاء الأميركيين بالحاجة إلى وضع مدونة سلوك في الشؤون المالية». وشدد جان كلود يونكر على أهمية تنفيذ الإصلاحات وقال قبل بدء مباحثات القمة في بروكسيل: «إذا فشلت الجهود الجارية (تجاه الولاياتالمتحدة)، فانني أدعم بشدة فكرة أن تبادر أوروبا بتنفيذ الإصلاحات التي تراها مناسبة، بصرف النظر عن التزام الولاياتالمتحدة أو رفضها». ويقترح الأوروبيون «تأطير مكافآت المضاربين في القطاع المالي». وتشير مسودة البيان الذي عرض على قمة زعماء الدول ال 27 الأعضاء في الاتحاد، إلى ضرورة وضع «قواعد إلزامية» لتقييد المكافآت وربطها باحتمال «فرض عقوبات على المضارب على الصعيد الوطني» من أجل ردعه عن المخاطرة المفرطة، واشتراط ارتباطها «بأداء المصرف في الأمد البعيد» وإلغاء المكافأة في حال سجل المصرف نتائج سلبية. كما يقترح الأوروبيون ربط قيمة المكافأة «براتب المتعامل أو/و أرباح المصرف. وأشارت مصادر دبلوماسية الى «اتفاق سهل بين قادة دول الاتحاد» مهدته مشاورات مسبقة بين فرنسا وألمانيا بريطانيا والسويد. لكن الرسالة الأوروبية ستصطدم بمعارضة الولاياتالمتحدة في اجتماع مجموعة العشرين في منتصف الأسبوع المقبل. وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما أكد في كلمة أمام سوق المال «وول ستريت» الإثنين الماضي، معارضته تحديد سقف مكافآت المضاربين. وقال: نحن في بلد لا نملي فيه قيمة علاوات تتولى السوق تحديدها. ويتوقع أن تشهد قمة العشرين مواجهات حادة بين دعاة حرية أسواق المال، الولاياتالمتحدة وكندا، والمعسكر الأوروبي الداعي إلى إلزام السوق «أدنى الأخلاقيات». ويستند مشروع البيان الأوروبي إلى موقف مشترك كانت توصلت إليه فرنسا وألمانيا وبريطانيا في مطلع الشهر. وتثير المشكلة حساسية قطاعات واسعة من الرأي العام الذي يتابع بقلق من ناحية أخرى ارتفاع معدلات البطالة في شكل مخيف. وحذرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن عدد العاطلين من العمل سيتضاعف في الدول الأعضاء من 25 مليوناً في 2007 إلى 50 مليوناً في 2010. وتتزامن الاجتماعات مع بروز مؤشرات تحسن طفيف في بيانات النمو في الكثير من الدول الصناعية. وتوحي المؤشرات باحتمال بدء الاقتصاد العالمي مرحلة الخروج من الركود. وأكدت المفوضية الأوروبية أمس على أهمية «مواصلة حوافز إنعاش الاقتصاد وتنشيطه وإعداد استراتيجية الخروج من الأزمة». ويتوقع أن يسجل الاقتصاد الأوروبي بعض النمو في النصف الثاني من السنة الجارية. لكن الانهيار الذي اصاب الاقتصادات الأوروبية، سيجعل النتائج سلبية مثلما توقعها الخبراء. وسينخفض الناتج المحلي الخام 4 في المئة في منطقة اليورو وفي الاتحاد ككل. وتفسر المفوضية انعكاس البيانات بتحسن الآفاق العالمية حيث تسجل مناطق الاقتصادات الناشئة تقدماً يثير تفاؤلاً بخاصة في آسيا. كما تسعى الدول الأوروبية من جهة أخرى إلى إقناع الولاياتالمتحدة ودول الاقتصادات الناشئة، بتقديم تنازلات تضمن نجاح قمة تغير المناخ التي ستحتضنها كوبنهاغن في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقال رئيس وزراء السويد رئيس القمة الأوروبية فريدريك رينفيلدت: «هناك حاجة إلى إشارات واضحة من جانب الولاياتالمتحدة» حول خفض غازات ثاني اوكسيد الكربون. وذكر مشروع بيان القمة الأوروبية بوجوب أن «تعلن الدول التزامات طموحة عاجلة من أجل خفض انبعاث الغازات الملوثة».