سيطرت قوات الرئيس بشار الأسد مدعومة بالميليشات على مدينة دير عطية في منطقة القلمون الاستراتيجية شمال دمشق مع بقاء الطريق الدولي التي تربط جنوب البلاد بشمالها مغلقة، في وقت أكد مسؤول أمني أن الأولوية هي للسيطرة على جنوب البلاد الذي يرتبط بالوسط والساحل في الغرب. وقُتل وجرح عشرات الأشخاص بسقوط صاروخ أرض - أرض على وسط مدينة الرقة في شمال شرقي البلاد. ويسعى النظام إلى خنق كامل لمعاقل المعارضة المسلحة في محيط دمشق وفي وسط البلاد، كون القلمون تصل بين منطقتي دمشق وحمص في وسط البلاد. وتخوض قوات النظام هذه المعركة التي بدأت قبل حوالى أسبوعين مدعومة من «حزب الله» اللبناني الذي أرسل آلاف المقاتلين إلى سورية ومقاتلين عراقيين شيعة. وبحسب خبراء، يسعى النظام إلى أن يكون في موقع قوة في مؤتمر «جنيف2» المحدد في 22 كانون الثاني (يناير) للتفاوض حول إنهاء الأزمة. وكانت القوات النظامية سيطرت في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) على مدينة قارة في القلمون، غير أن مقاتلي المعارضة سيطروا على دير عطية وجرت اشتباكات عنيفة أدت إلى قطع الطريق الدولية بين دمشق وحمص. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري اليوم أن وحدات من الجيش «أحكمت سيطرتها الكاملة على مدينة دير عطية بريف دمشق بعد القضاء على آخر تجمعات الإرهابيين فيها». وأوضح مسؤول أمني لوكالة «فرانس برس» أمس «أن عملية السيطرة استغرقت نحو أربعة أيام»، وأن «عمليات مطاردة الإرهابيين مستمرة في الأماكن المجاورة» لدير عطية الواقعة على بعد 88 كلم من دمشق والتي يقطنها حوالى عشرة آلاف شخص غالبيتهم من المسيحيين. إلا أنه أشار إلى استمرار إقفال طريق حمص - دمشق السريع بسبب رصاص القنص. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في بريد إلكتروني إن القوات النظامية تمكنت «من استعادة السيطرة بشكل شبه كامل على مدينة دير عطية بعد أسبوع من الاستيلاء عليها من جانب الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والكتيبة الخضراء وجبهة النصرة وكتائب أخرى». وأوضح مصدر أمني سوري آخر أن الجيش دخل أيضاً مدينة النبك في القلمون على بعد حوالى سبعين كيلومتراً من دمشق. وقال لوكالة «فرانس برس»: «إذا تمت السيطرة على النبك، الهدف التالي سيكون بلدة يبرود وبعض القرى المجاورة من أجل إقفال الحدود تماماً مع لبنان ومنع المسلحين من التنقل عبرها». وتعتبر منطقة القلمون استراتيجية لأنها تشكل قاعدة خلفية للمعارضة المسلحة يزودون منها معاقلهم في ريف دمشق وبعض المناطق المتبقية لهم في حمص بالسلاح والرجال. وقال المصدر الأمني إن الهدف التالي المرجح للنظام هو «استعادة جنوب البلاد، أما الشرق والشمال، فإلى مرحلة لاحقة». وكان مقاتلو المعارضة قاموا بهجوم مضاد لفك الطوق عنهم في الغوطة الشرقية شرق العاصمة، وأحرزوا تقدماً بسيطاً قبل أن يوقفهم الجيش النظامي مدعوماً من «حزب الله». وتحدثت المعارضة عن تقدم مقاتليها في بلدة العتيبة التي تعتبر ممراً رئيسياً للإمداد بين العاصمة وريفها. وقُتل في معركة القلمون الأربعاء ابن شقيق وزير الزراعة اللبناني حسين الحاج حسن المنتمي إلى «حزب الله»، بحسب ما ذكر سكان في قريته في شرق لبنان لوكالة «فرانس برس». وقال أحدهم: «قتل علي رضا فؤاد الحاج حسن، 22 سنة، وهو ابن شقيق الوزير حسين الحاج حسن» مع «ثلاثة مقاتلين آخرين من رفاقه في الحزب». ويعلن «حزب الله» بشكل منتظم عن تشييع «شهداء» من «المقاومة» سقطوا «أثناء قيامهم بواجبهم الشرعي»، من دون أن يذكر المكان والظرف الذي قتلوا فيه. وفي هذا المجال، أفادت «الهيئة العامة للثورة» أن مطار حميميم في القرداحة في ريف اللاذقية غرب البلاد استقبل صباح أمس «طائرة محملة بجثث قتلى قوات النظام من المنطقة؛ حيث تم نقل هذه الجثث من مناطق الاشتباكات في الغوطة والقلمون إلى العاصمة اللبنانية، بسبب قطع الثوار للطريق الدولية بين دمشق والساحل، وقدر أحد الناشطين عدد الجثث بنحو 94 جثة، نقلت على الفور إلى مستشفيي القرداحة وجبلة وسط تعتيم إعلامي». وتستمر المعارك على جبهات أخرى عدة في سورية. إذ قتل بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس ستة مواطنين بينهم سيدتان وأصيب أكثر من 30 آخرين بجروح وذلك اثر «سقوط صاروخ من نوع أرض - أرض أطلقته القوات النظامية على مدينة الرقة» في شمال شرقي البلاد، بحسب «المرصد». لكن «الهيئة العامة للثورة» أفادت أن «الصاروخ أدى إلى مقتل 30 شخصاً وجرح 100 آخرين على الأقل، إضافة إلى تدمير منطقة سوق الهال القديم والفرن السياحي والمؤسسة الاستهلاكية»، لافتاً إلى جرح عدد من المدنيين في مدينة الطبقة جراء استهداف قوات النظام لها بالقصف من الطيران الحربي». والرقة هي مركز المحافظة الوحيدة الذي تمكن مقاتلو المعارضة من طرد قوات النظام منها قبل أشهر. وفي ريف حلب شمالاً، قامت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بإعدام قائد «كتائب غرباء الشام» سابقاً حسن جزرة وستة مقاتلين آخرين من الكتيبة ذاتها بإطلاق النار عليهم، أمام مقر ل «الدولة الإسلامية» في بلدة الأتارب. وتسعى «الدولة الإسلامية» إلى تكريس نفسها كصاحبة السلطة الوحيدة في هذه المنطقة من خلال القضاء على الجماعات المتنافسة الصغيرة بسبب اتهامات بالفساد، ثم من خلال فتح جبهات مع كتائب أكبر. وبين دمشق وحدود الأردن، استهدف «الجيش الحر» أحد الأبنية التي يتحصن بها عناصر تابعة لقوات النظام على جبهة الأمن العسكري في مدينة نوى في ريف درعا جنوب البلاد «ما أدى إلى مقتل 5 منهم على الأقل، وجرح آخرين»، بحسب «الهيئة العامة للثورة» التي تحدثت عن قصف قوات النظام بالمدفعية الثقيلة حي طريق السد في درعا المحطة. وزادت: «أعلن الجيش السوري الحر عن سيطرته على معسكر أم حزيم التابع لقوات النظام في قرية الطليسية في ريف حماة في وسط البلاد ذلك إثر مواجهات عنيفة في المنطقة بالتزامن مع هجوم شنته كتائب تابعة للحر على حاجز الغربال العسكري الواقع بين بلدتي صوران ومورك في ريف حماة الشمالي».