سبب فض الشرطة بالقوة تظاهرات احتجاجية امس على قانون التظاهر الجديد وعلى السماح بمحاكمة المدنيين عسكرياً في الدستور، أزمة حادة في لجنة الخمسين لتعديل الدستور، إذ أعلنت اللجنة تعليق عملها بعد تجميد 12 من أعضائها عضويتهم فيها احتجاجاً على اعتقال الشرطة عشرات الناشطين والصحافيين. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه والهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة أمام مقر نقابة الصحافيين لإحياء ذكرى مقتل الناشط جابر صلاح جيكا العام الماضي في مواجهات مع الشرطة، واعتقلت عدداً من المتظاهرين بينهم والده وناشطون معروفون، كما فضت في شكل أعنف تظاهرة أمام مجلس الشورى احتجاجاً على السماح في الدستور الجديد بمحاكمة المدنيين عسكرياً، واعتقلت 54 ناشطاً وصحافياً. وتدخل رئيس لجنة تعديل الدستور عمرو موسى لحل الأزمة، فرفع جلسة اللجنة واتصل بوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم ورئيس الوزراء حازم الببلاوي، قبل أن يعلن أن الأخير وعده بإطلاق الموقوفين مساء. لكن عدداً من أعضاء اللجنة عبروا عن غضبهم من طريقة تعامل الشرطة مع تظاهرات سلمية، فأعلنت اللجنة تعليق جلساتها «إلى حين الانتهاء من الأزمة والإفراج عن المتظاهرين». وكان موسى أعلن أن لجنة الخمسين انتهت من صياغة مشروع الدستور باستثناء «بعض التعديلات على بعض المواد الانتقالية والديباجة» من المقرر أن تنتهي اليوم، ليطرح المشروع على تصويت علني بين أعضائه يبدأ الأحد المقبل وينتهي الثلثاء. وفي وقت لاحق فضت الشرطة تظاهرة في ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة للاحتجاج على قانون التظاهر. وأطلقت قنابل الغاز صوب المتظاهرين، وطاردتهم في الشوارع الجانبية وأوقفت عدداً منهم. وعُلم أن عدد الموقوفين في محيط وسط القاهرة أمس وصل إلى أكثر من 60 شخصاً، بينهم الناشطات في حملة «لا للمحاكمات العسكرية» منى سيف ونازلي حسين وعايدة الكاشف وعدد كبير من الصحافيين. وأعلنت حركات وقوى ثورية اعتزامها التظاهر أمام مجلس الشورى غداً من دون الحصول على إذن، للاحتجاج على قانون التظاهر الجديد، ما ينذر بمواجهات جديدة بين الشرطة والمتظاهرين. وكان لافتاً عدم تعرض الشرطة لتظاهرات طلاب «الإخوان» امس، على رغم أن السلطة دافعت مراراً عن إصدارها قانون التظاهر المثير للجدل بدعوى التصدي للعنف في التظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي، حتى أن الشرطة لم تتدخل في كلية الدراسات العربية والإسلامية التابعة لجامعة الأزهر في حي مدينة نصر، حيث اقتحمت طالبات مؤيدات ل «الإخوان» مكتب عميدة الكلية وحطمن بعض محتوياته، احتجاجاً على التحقيق مع زميلات لهن. وقوبل قانون التظاهر بردود فعل دولية منددة، إذ عبرت الولاياتالمتحدة عن القلق إزاء القانون الذي «يقيد التظاهرات». وقالت إنها تتفق مع من يرون أن «القانون لا يفي بالمعايير الدولية ويعرقل تحرك البلاد نحو الديموقراطية»، وحضت الحكومة على «احترام حقوق الأفراد وعلى أن يحمي الدستور الجديد مثل هذه الحقوق». وانتقدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي القانون، معتبرة إياه «قانوناً معيباً ومن الواجب أن يتم تعديله». وحذرت في بيان من أن «القانون الجديد يمكن أن يؤدي إلى انتهاكات خطيرة للحق في حرية التجمع السلمي»، مشيرة إلى أنه يعطي صلاحيات واسعة النطاق لسلطات الأمن لحظر تلك التجمعات. وحضت السلطات المصرية على تعديل القانون أو إلغائه. لكن الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي قال إن بلاده «لا يمكن أن تقبل من أي طرف التدخل في شؤونها الداخلية». وأضاف في بيان أن «إصدار قوانين لتنظيم حق التظاهر أمر متعارف عليه في جميع الدول الديموقراطية... حق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي هو حق مكفول للجميع من دون تمييز ولا مساس به».