إمام يقرأ في جميع الصلوات الجهرية لإنهاء القرآن، وآخر يقرأ مقتطفات من القرآن، وما إن تبدأ العشر إلا ويقفز إلى الأجزاء الأخيرة، وإمام يقرأ القرآن في التراويح ويكمل بينه وبين نفسه، وفي اليوم التالي يقرأ من عندما انتهت إليه قراءته وليس من عندما توقفت إليه قراءته في التراويح. هذه بعض من طرق أئمة المساجد لختم القرآن، إذ يبدو هاجس «الختم» حاضراً في الأذهان، وربما مجاراة لما تريده جماعة المسجد، حتى لو كان ذلك على حساب الخشوع، إذ تتعذر القراءة بهدوء وخشوع وعدم إثقال على الناس، وفي الوقت ذاته ختم القرآن في صلاة التراويح. ما إن ينتهي الإمام من جزء عمّ بعد أن ختم القرآن في التراويح ربما إيحائياً، ويشعر جماعة مسجده بأنه أنهى القرآن إلا ويسافر إلى مكةالمكرمة لأخذ عمرة رمضانية تكون مسك ختام الشهر، على رغم تشديد الوزارة على عدم السماح بالسفر وإنابة أحد في ذلك. بعض هذه المساجد استطاع أن يسبق أئمة الحرم المكي في قراءته للقرآن، على رغم أن الحرم المكي يصلي 24 ركعة، في حين يصلي مسجد «الرحمة» بحي السويدي 11 ركعة، إلا أن نصيب الركعة من قراءة القرآن عالٍ لدى إمام المسجد، إذ تصل إلى «ثمن» (صفحتان ونصف الصفحة تقريباً)، وفي التسليمة الواحدة ينهي 5 صفحات من القرآن. منهجية إمام مسجد «الرحمة»، تستدعي تأخراً في انتهاء التراويح، إضافة إلى قلة في مرتادي المسجد، إذ تصل صفوف المصلين معه في أول رمضان إلى صفين كحد أقصى، كما يتطلب منه أن يصل القراءة في صلوات الفجر والمغرب والعشاء، ليسابق الوقت لينهي القرآن، ويتوقع المصلون معه أن ينهي ختم القرآن قبل اليوم ال 25 من رمضان، في حين عرف أن الحرم المكي ينهي ختم القرآن ليلة ال 29. الإمام الذي يقرأ جزءاً من القرآن على جماعة مسجده، وجزءاً بينه وبين نفسه، يذكر للناس أنه ليس حاضراً في ذهنه مسألة إسماع جماعة المسجد القرآن بشكل صحيح، إذ يرى أن العبرة قراءة ما تيسر من القرآن مستدلاً بقوله تعالى: «فاقرأوا ما تيسر منه»، وليس بالضرورة أن يسمع جماعة مسجد القرآن بشكل مرتب، كما لا يجد حرجاً شرعياً أو دليلاً يجعله يتوقف عن ذلك. أما من ينتقي مقتطفات من القرآن، فإن إمام المسجد يحرص على الآيات التي تلامس مشاعر الناس وتؤثر فيهم، إضافة إلى جودته في أدائها، وقوة حفظه لها، فبعض المقاطع القرآنية يجيد أئمة المساجد ترتيلها بشكل متقن، في حين يصعب أداء بعض الآيات بالجودة ذاتها، وهذا ما يجعل الأئمة ينتقون الآيات التي يجيدونها، وتبقى مسألة الخشوع مسألة نسبية، يسعى كل الأئمة لتحقيقها لأنفسهم ولجماعة مسجدهم، إذ تتفاوت الأرواح وتختلف الأنفس في تدبرها لكتاب ربها.