غادرت شركات صناعة الطائرات إمارة دبي بصفقات قياسية قيمتها 200 بليون دولار، بعدما أجبرت الأمطار الغزيرة منظمي «معرض دبي للطيران» على إلغاء اليوم الأخير منه، وهو الحدث الذي أظهر اعتماد تلك الشركات المتزايد على منطقة الخليج لدعم إنتاج الطائرات الكبيرة. وفازت شركة «بوينغ» الأميركية بسلسلة صفقات منحتها الدعم اللازم لإطلاق أحدث مشاريعها وهي الطائرة «777- إكس»، إذ حصلت على 250 طلبية بقيمة 100 بليون دولار، على ما ذكرت وكالة «رويترز» الأسبوع الماضي. وحصلت شركة «إرباص» الأوروبية المنافسة على الدعم الذي تحتاج إليه للطائرة «أي - 380» أكبر طائرة ركاب في العالم، بعدما طلبت شركة «طيران الإمارات» 50 طائرة إضافية من هذا الطراز، ليزيد نصيبها من الطلبيات الإجمالية للطائرة إلى النصف تقريباً. ومن المكاسب البارزة للمعرض الذي امتد من 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري حتى 21 منه، أن بعض العواصم الخليجية مثل أبو ظبي باتت تتوقع استثمارات في صناعات الطيران المحلية، ما يزيد المنافسة مع الموردين الغربيين ويخفض كلفة المكونات الجديدة. وفازت «بوينغ» بأكبر عدد من طلبيات الطائرات الجديدة من شركة «لوفتهانزا» الألمانية وثلاث شركات طيران خليجية، هي «طيران الإمارات» والخطوط القطرية و «الاتحاد للطيران»، لكنها تخلت بهدوء عن خطط لإشراك شركة طيران خامسة من آسيا. وأشارت مصادر في صناعة الطيران، إلى أن «بوينغ» لا تزال تجري محادثات مع شركة «كاثاي باسيفيك» ومقرها هونغ كونغ، التي يمكن أن تقرر طلب نحو 20 طائرة «777 - إكس» التي ستصمم لاستيعاب 400 راكب. وفازت «إرباص» بطلبيات جديدة للطائرة «أي 350 - 1000 التي تستوعب 350 راكباً، وتنافس «777 إكس» ويُنتظر إنتاجها عام 2017 أي قبل ثلاث سنوات من الموعد المتوقع لطائرة «بوينغ». وبالنسبة إلى الطائرات الخاصة المنخفضة الكلفة، فربما تكون خياراً بديلاً لكل مَن يعجز عن شراء طائرة «سوبرجامبو» من طراز «أي - 380 « وقيمتها 400 مليون دولار. وشهد الحدث العرض الأول للطائرات التي اعتبر منتجوها، أنها الطائرات الخاصة الأولى «المعاد تصنيعها» في العالم والمصممة للشخصيات بكلفة منخفضة. وتأخذ شركة «نكستانت آروسبيس» مقرها ولاية أوهايو الأميركية، الطائرات الخاصة الصغيرة التي يتراوح عمرها بين 10 و20 سنة وتوشك على التقاعد، وتفكّكها وتعيد بيعها بمكونات إلكترونية ومحركات وتصاميم داخلية جديدة. وأكد رئيس «نكستانت» شون مكجوف وهو يقف أمام طائرة من طراز «بيتش جيت 400» معاد تصنيعها ومعروضة للبيع كطائرة جديدة بسعر يبلغ نحو خمسة ملايين دولار، «العمل على حل مشكلة القطاع». ويُعدّ هذا المبلغ ضئيلاً إذا ما قورن ب 25 مليون دولار، يمكن الأثرياء إنفاقه بكل بساطة على التصميم الداخلي لبعض الطائرات الفارهة المعدلة التي عُرضت هذا الأسبوع. ولفت مكجوف في مقابلة مع «رويترز»، إلى «تراكم للمخزون (مخزون الطائرات القديمة) في السوق على مدى عام ونصف عام تقريباً»، مستبعداً «انتعاش عمليات بيع الطائرات الجديدة قبل بدء بيع هذا المخزون». وبعد مرور خمس سنوات على أزمة ائتمانية كبيرة ألحقت ضرراً شديداً بالقطاع، بات مصنعو الطائرات الخاصة الصغيرة يتحدثون الآن عن مؤشرات انتعاش جاء متأخراً كثيراً عن انتعاش أسواق الأسهم العالمية وسوق الإسكان الأميركية. وأوضح خبراء أن وفرة الطائرات المستعملة تعوّق الطلب على الطائرات الجديدة الخفيفة والمتوسطة، على عكس المنتجات الأكثر تطوراً المعروضة في دبي. وأعلن مدير عمليات الطيران الخاص في شركة «إمبراير» البرازيلية لصناعة الطائرات الخاصة ماركو توليو بيليغريني، أنها «سوق لها زبائنها والذين يشترون أذكياء». وأشار إلى أن «كثراً ينظرون إلى سوق (الطائرات) المستعملة بديلاً، ما يجبر المصنعين على زيادة الحسومات». وإعادة التصنيع هي عملية لإعادة المنتجات التي انتهى عمرها الافتراضي إلى حالتها الأصلية، وهو مجال تتزايد حصته في قطاع الصناعات التحويلية. وذكر تقرير تجاري أميركي صادر عام 2012، أن الطيران هو «أكبر قطاع في مجال إعادة التصنيع وتصل قيمته إلى 13 بليون دولار سنوياً، لكن ذلك كان قاصراً في الأساس على أجزاء الطائرات». وباعت «نكستانت» 36 طائرة خاصة معاد تصنيعها. وبعد فترة قضتها في إعادة تأهيل الطائرات باعت الشركة الطائرة مقابل 4.95 مليون دولار. وبلغ سعر أصغر طائرات شركة «بومباردييه» الكندية 8.1 مليون دولار، بينما وصل سعر أصغر طائرات «غلف ستريم» إلى 15.7 مليون دولار. وتوقع المنتجون إقبالاً على الطائرات الخاصة المنخفضة الكلفة حتى في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، انخفاض موازنات الشركات وانكماش ثروات الأفراد الأثرياء. وأعلنت «بومباردييه» أن شركات صناعة الطائرات الخاصة «ربما تسلم 9800 طائرة بقيمة 269 بليون دولار في السنوات العشر المقبلة».