تتراجع حركة الاستثمارات في قطاع البحوث الصحية في أوروبا في شكل ملحوظ، بعدما انتعشت على مدى عشرات السنوات. ويبدو أن الأزمة المالية والقيود المفروضة على آليات تمويل التكنولوجيا الإبداعية في مجال البحوث الصحية، تضطلع بدور في كبح تدفق رؤوس الأموال الخاصة نحو تحديث قطاع الرعاية الصحية. وأشار خبراء أوروبيون وسويسريون استناداً إلى إحصاءاتهم الأخيرة، إلى انخفاض قيمة الاستثمارات الخاصة هذه السنة أكثر من 8.5 في المئة، بالغة 29 بليون يورو. فيما تراجعت قيمة الاستثمارات الحكومية واحداً في المئة لتصل إلى 18 بليون يورو. وأوضح الخبراء السويسريون أن الاستثمارات الأوروبية الحكومية في قطاع البحوث والتطوير الخاص بالرعاية الصحية، تقلّ ثلاث مرات عن تلك التي تقودها أوروبا في الولاياتالمتحدة. وسجلت الاستثمارات في هذا القطاع الأميركي تراجعاً أقوى من ذلك المحقق في القارة القديمة. لكن، يبقى مستوى هذه الاستثمارات في أميركا معقولاً جداً، لأنّ تلك الخاصة بلغت حوالى 50 بليون يورو والحكومية 42 بليوناً. أما في أوروبا، فبلغ مجموع الاستثمارات الخاصة والحكومية 47 بليون يورو، وساهم القطاع الخاص بنسبة 60 في المئة منها، والاتحاد الأوروبي وحكومة برن بنسبة 40 في المئة. وتستأثر هذه الاستثمارات في قطاع البحوث والتطوير بحوالى 3 في المئة فقط مما تنفقه أوروبا على حاجات قطاع الرعاية الصحية، الذي وصل مجموعه إلى 1.4 تريليون يورو في الأشهر العشرة الأولى من السنة. وتقود ألمانيا قائمة الدول الأوروبية التي استثمرت أكثر من غيرها في قطاع البحوث والتطوير الصحي، إذ بلغت 9.4 بليون يورو، تلتها فرنسا في المرتبة الثانية باستثمارات قيمتها 8.3 بليون يورو، ثم بريطانيا بقيمة 7.4 بليون يورو. في حين تحتل سويسرا المركز الرابع، إذ وصل مجموع استثمارات القطاعين العام والخاص إلى 5.3 بليون يورو، تبعتها إيطاليا في المركز الخامس بقيمة 2.4 بليون يورو. في سياق متصل، اعتبر مراقبون سويسريون أن العجز في الموازنات العامة للاتحاد الأوروبي سيستمر في تأثيره السلبي في هذه الاستثمارات، المتوقع توقفها شبه الكامل للأعوام السبعة المقبلة. فيما تمضي سويسرا مع الشركات الصيدلانية الكبرى في مخططات الاستثمار بوتيرة مقبولة نسبياً. ورأى خبراء في القطاع الصحي السويسري، أن الإنفاق على القطاع أوروبياً وسويسرياً، سيرتفع حوالى 5 في المئة حتى عام 2030. وسيعادل هذا الإنفاق الضخم نسبة تتراوح بين 12 و15 في المئة من الناتج القومي للقارة القديمة. لذا، شدد الخبراء على ضرورة تعزيز الاستثمارات في قطاع البحوث والتطوير الصحي، لتحسين نوعية الخدمات الصحية التي تعول اليوم كثيراً، على تكنولوجيا إبداعية باهظة الثمن.