على رغم احتضار الاقتصاد الإسباني منذ أكثر من سنتين، بات تبنّي التكنولوجيا الصناعية جداراً فاصلاً بين شركة إسبانية تُغلق أبوابها، وأخرى نجحت في زيادة مبيعاتها في شكل ملحوظ. وتمكّنت الشركات الإسبانية، التي يعتمد نموذجها التجاري على الإبداع التكنولوجي، من تطوير حركة أعمال سمحت لحكومة مدريد بتقليص العجز التجاري المسجل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة. لذا يُجمع خبراء، على أن الشركات التكنولوجية الإسبانية اعتمدت نموذجاً صناعياً سويسرياً يعوّل على التحديثات التكنولوجية للهروب من الانكماش التجاري الداخلي، الذي ما زال يضغط على البنية التحتية التجارية في مقدمها القطاع السياحي. ونمت العائدات الإجمالية للشركات الإسبانية العاملة في القطاع التكنولوجي، نحو 1.5 في المئة لتصل إلى 155 بليون يورو مقارنة بنمو رسا على نحو 2.3 في المئة لدى الشركات التكنولوجية السويسرية. ويحتضن القطاع التكنولوجي القطاعات الصيدلانية والفضائية وتلك المتعلقة بالطيران وصناعة المنتجات المعلوماتية والإلكترونية والضوئية. وعلى عكس الاقتصاد الإسباني الذي تراجع 1.4 في المئة، سارت القطاعات التكنولوجية الإسبانية، تماماً كما حصل مع السويسرية، إلى الأمام وفي شكل استثنائي. وعلى صعيد التوقعات، سيتراجع الناتج الإجمالي الإسباني 2 في المئة ما سينتج تداعيات تلقي بثقلها على الإنفاق في قطاعات البحوث والتطوير. وأشار الباحثون السويسريون، إلى أن إسبانيا وجدت مرة أخرى، القدرة على المنافسة وتصدير منتجاتها نتيجة تراجع تكاليف العمل التي استقرت في سويسرا. هكذا. ويُعزى ذلك إلى تفاقم موجة البطالة في إسبانيا لتصل إلى 25 في المئة أي نحو ستة ملايين عاطل من العمل. فيما بقي الوضع في سويسرا غير مقلق. وكلما ارتفع عدد العاطلين من العمل كلما تراجعت تكاليف العمل والمعاشات وفق معادلة اقتصادية سويسرية، ما يفسّر تحرك شركات إنتاج السيارات، مثل «فورد» و «رينو» و «نيسان» و «بيجو - سيتروين»، التي قررت نقل جزء من إنتاجها الأوروبي إلى إسبانيا بهدف قطع تكاليف العمل. ولاحظ مراقبون، أن إسبانيا باتت دولة أوروبية رخيصة الكلفة، ولا يخفي هؤلاء إعجابهم بالشركات التكنولوجية الاسبانية التي كانت قادرة على توظيف يد عاملة، على عكس الشركات السويسرية التي تراجعت حركة تجنيد الموظفين داخلها، فضلاً عن تعزيز حركة المبيعات للمنتجات التقنية الاسبانية.