بالتأكيد كانت هناك طرق شبه مغلقة وأنفاق مسدودة بالكامل لامتلائها بالمياه، لكن الصور التي تناقلها الناس ليل السبت الماضي عند نزول الأمطار على الرياض كانت خليطاً من صور قديمة من أمطار سابقة، وبعضها تكرار للصورة نفسها من زوايا عدة، لكنها للموقع نفسه، والهدف بالطبع يختلف من فئة لأخرى. فئة الطلاب والطالبات ومعلميهم من الجنسين كانت تزيد الزخم للحصول على تعليق للدراسة كان ضرورياً جداً مع ظروف مواقع محددة في العاصمة التي لا تسمح بمرور اعتيادي، لكنه تأخر حتى قبيل منتصف الليل لأسباب غير معروفة. وفئة تجمع بقية الناس التي تجد مع كل سحابة قوية فرصة للاطلاع على مستويات الجودة والنزاهة والرقابة في تنفيذ المشاريع، وهي تبث مع الصور ومقاطع الفيديو انتقاداتها الصامتة أو تلك الساخرة، مؤملة أن يشكّل ذلك ضغطاً شعبياً يشدد الرقابة على المقبل من المشاريع، ويجعل ما يصرف من المال العام يؤتي أكله مشاريع طرق لا تغرق، وأنفاق لا تقفل، وتصريف سيول وأمطار مثل الذي يسمعون عنه ويتناقلونه في بعض الدول. حسناً، لدينا سببان يتكرران منذ أعوام، الأول أن كمية الأمطار كانت أكثر من المتوقع، ولم يسبق لها مثيل، وهذا سبب انتفى خلال الأعوام الأخيرة، كون الاضطرابات والتغيرات المناخية باتت واضحة للعيان، لكن وضوحها لم يؤد إلى تغيير مواصفات واشتراطات التنفيذ في ما يبدو، إما لعدم أخذها في الاعتبار من الأساس، أو لأن الجهة أو الجهات التي يفترض أن تقدم أبحاثاً علمية محكمة غير قادرة على ذلك وتظل ونظل معها نترقب، لعل التوقعات تخيب أو لعل السحب القوية تكون على الآكام وبطون الأودية وتسلم المدن الكبرى منها. السبب الثاني الذي اعتدناه أن المضخات أو غيرها من تجهيزات الأنفاق تعطلت أو كانت المياه فوق طاقتها، وهو عذر مردود أيضاً للسبب نفسه، فإذا عرفنا من تجارب سابقة أشهرها مخرج 13 منذ أكثر من عقد من الزمان أن المضخات والفتحات وما لا أعلم ولا تعلمون من التفاصيل الإنشائية الهندسية ليست مصممة لكميات أمطار كبيرة، فلماذا نظل نحتفظ بالمواصفات والأحجام نفسها؟ بل لماذا نظل نستخدم التقنيات «التصريفية» نفسها إذا كانت غير مجدية؟ المشهد من الناحية الاتصالية مليء بما يمكن تسميته الرأي العام «المطري»، كل يغني على مصالحه وأمانيه، أو يتحسر على حال الحي الذي يقطن، أو النفق الذي عليه عبوره، أو الشارع الذي لا بد منه في رحلاته اليومية. هل من الممكن أن يكون هناك تعمد أن تمتلئ الشوارع حتى يجلس الناس في بيوتهم، خصوصاً الشباب الذين يمارس بعضهم مغامرات غير محسوبة، جعلت الطرفة الأكثر تداولاً ليل السبت هي أن «الدفاع المدني» ترفض تعليق الدراسة قائلة: «نسعفهم في المدارس ولا نقعد نطرد وراهم في الشعبان»، والشعبان جمع شعيب، وهو الوادي الذي يقع بين أماكن مرتفعة. [email protected] mohamdalyami@