اليوم يبدأ شهر أبريل، الذي يسميه أهل الشام ولبنان «نيسان» وهي التسمية السريانية، ولتسجيل موقف «بيروتي» فإن أسماء الأشهر الميلادية عندهم «أملح»، وأسماء أخرى معها، واللبنانيون يقولون عندما تمطر «عم بتشتي الدني»، وهي الجملة الأولى التي سمعها صديقي «أبوالونات» في أول رحلة له إلى بيروت قبل أعوام، فأصبحت لازمته في الحديث عن الطقس هنا، وهناك، وعن نيسان لديهم مثل جميل يقول «شتوة نيسان بتحيي الإنسان». الأوروبيون يقولون: «أمطار أبريل تأتي بزهور مايو»، ونحن نقول عندما نسمع كذبة واسعة كبيرة من أحد المصرّحين للأعلام، أو أخيراً «المغردين» نقول: «يجيب الله مطر»، وهذا يعني أننا في عقلنا الباطن نوقن أننا مرتبطون بفكرة «كذبة أبريل» أو «قطشت نيسان»، وربما كنا ممن وضعوا التقويم «الجريغوري»، وبغض النظر كون اسم هذا الشهر أتى من الكلمة اللاتينية التي تعني التفتح، أو الكلمة التي تعني إله الحب «افروديت»، فنحن لنا فيه حقوق خاصة، فنحن نقول أيضاً تعزيزاً للمثل أعلاه: «يجيب الله ربيع» عندما يعدنا «مثلاً مثلاً» أحد الوزراء بحل إحدى المشكلات خلال العام المقبل. يبدو لي أن سبب اشتهار مطلع هذا الشهر بالكذبة هو أن اسمه كثير «اللف والدوران» على ثقافات كثيرة، فنيسان دخل على اللغة الآرامية من اللغة الأكادية، وأصل الكلمة سومري من اللغة السومرية وهي «نيسائك»، وتعني الباكورة أو أول الشيء، ولتقريب الصورة عربياً يبدو مطلعه وما فيه من مزاح كمشروع الوحدة الاقتصادية العربية، أو الوحدة النقدية الخليجية. نعرف لماذا يكذب الفاسدون والمرتشون وخائنو الأمانة، وبالطبع «المعددون» سواء أكانوا يعددون نساء، أو مواصفات المكنسة التي تخلصك من غبار الرياض «الرقيقة في آخر الليل»، ولعل السؤال لماذا يكذب الناس الآخرون؟ الباحث الإنكليزي جون شيمل، الذي شغل نفسه بالكذب وبالبحث عن أصوله ودوافعه ومسبباته يقول: «الكذب أصبح صفة يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات، ويستخدمونه في شتى مرافق الحياة واتصالاتهم العامة أو الخاصة، وكل الأدلة تثبت أن المرأة أكثر استخداماً للكذب من الرجل». ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين، أولهما عامل نفسي عاطفي، فالمرأة أكثر عاطفية من الرجل، والكذب حال نفسية ترتبط بالجانب العاطفي أكثر من ارتباطها بالجانب العقلاني، والعامل الثاني أن الكذب بصفة عامة هو سمة المستضعفين، ولأن المرأة خلقت أضعف من الرجل، وعاشت على مر العصور وفي مختلف المجتمعات البشرية تعاني الاضطهاد والقهر، فكان لا بد من أن تلجأ إلى الكذب». اجعل «نيسان» هذا العام مختلفاً، أنصف المرأة في حياتك إنصافاً لنفسك، استنشق عبير الربيع وبواكير الخير في هذا الشهر، غيّر نظرية الإنكليزي عنها، اجعلها زهرة «أبريل»، ووردة «نيسانك»، وغنّ لها «طلي بالأبيض طلي يا زهرة نيسان»، فالأبيض يليق بها، والبياض يليق ب«رجل». [email protected] mohamdalyami@