احيا امس، المسلمون الشيعة في لبنان ذكرى العاشر من محرم بمسيرات شعبية حاشدة، اضخمها في ضاحية بيروت الجنوبية، وأكثرها «دموية» في النبطية، وسط سواد عارم اتشح به البشر والحجر وإجراءات امنية اغلقت مناطق سكنية بأسرها امام عبور السيارات اليها او حتى الاشخاص من دون تفتيش فائق الدقة، وفصلت اجراءات اخرى مناطق معرضة لحصول احتكاكات فيها على خلفية «مذهبية وحزبية». ونجحت القوى الامنية من جيش وقوى امن داخلي في اجتياز الامتحان الامني وخلفها في الداخل أمن «حزب الله» من دون تسجيل اي خلل. عمت المسيرات العاشورائية مختلف المناطق. وطغى حضور مناصري «حزب الله» على بقية المكونات الشيعية التي تحتفل تقليداً بالمناسبة. وكان الظهور المباشر والنادر للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله لليوم الثاني على التوالي امام الحشود في ملعب الراية، كفيلاً بإلهاب مشاعر المحتشدين الذين استمعوا مجدداً الى مواقف اطلقها نصر الله محورها «التمسّك بالمقاومة وجاهزيتها ومقدراتها وسلاحها وإمكاناتها، كطريق أساسي لحماية بلدنا وشعبنا وكرامة شعبنا وسيادة دولتنا وخيراتنا وثروات بلدنا». وشدد على انه طالما «أن سبب المقاومة موجود، طالما أن تهديد العدو ووعيده وأطماعه قائمة». وشدد على وجوب وقوف المسلمين «إلى جانب الشعب الفلسطيني في تضحياته وآلامه وعذاباته ليتمكن من تحرير الأرض والمقدسات بمساندة هذه الأمة»، وأكد «رفض كل مشاريع التقسيم والتجزئة في بلاد العرب وبلاد المسلمين ووجوب التمسّك بوحدة كل دولة وكل بلد وكل أرض مع معالجة القضايا الداخلية بالحوار والحكمة والحلول السياسية، من سورية إلى العراق والبحرين واليمن وليبيا وتونس ومصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية». كما شدد نصر الله على ان «وجود مقاتلينا ومجاهدينا على الأرض السورية، هو، وكما أعلنّا في أكثر من مناسبة، بهدف الدفاع عن لبنانوفلسطين والقضية الفلسطينية وسورية حضن المقاومة وسندها في مواجهة كل الأخطار التي تشكلها هذه الهجمة الدولية الإقليمية التكفيرية على هذا البلد والمنطقة. وبصراحة، ما دامت الأسباب قائمة فوجودنا يبقى قائماً هناك». واعتبر ان المشكلة في لبنان «أنهم يحولون النتيجة إلى سبب ويتجاهلون السبب. من يتحدث عن انسحاب حزب الله من سورية كشرطٍ لتشكيل حكومة لبنانيّة في المرحلة الحالية يطرح شرطاً تعجيزياً ويعرف أنه شرط تعجيزي. ويجب أن يعرف الجميع أننا لا نقايض وجود سورية ووجود لبنان وقضية فلسطين والمقاومة ومحور المقاومة ببضع حقائب وزارية في حكومة لبنانية قد لا تسمن ولا تغني من جوع». وقال: «لسنا في موضع المقايضة. عندما تكون هناك أخطار استراتيجية ووجوديّة تتهدد شعوب المنطقة ودولها وحكوماتها، هذا الأمر أعلى بكثير وأرقى بكثير من أن يُذكر كشرط للشراكة في حكومة لبنانية». ودعا «الفريق الآخر إلى الواقعية»، وقال: «دائماً يطرحون شروطاً تعجيزية. من زمان (قالوا عليكم) ترك سلاح المقاومة لنكون معكم سوية في الحكومة، نريد تعهداً ونريد ضمانة فنحن لا نشارك في حكومة تغطي السلاح، ونحن لا نطلب منكم أصلاً، لا غطاء للسلاح ولا غطاء للمقاومة، لم نطلب سابقاً ولا حالياً ولا في المستقبل. والآن يقولون لنا: لن نشارك معكم في حكومة لتغطّي وجودكم في سورية، وأقول لهم: لسنا بحاجة إلى غطائكم لوجودنا في سورية، لا سابقاً ولا حاضراً ولا مستقبلا. فليذهبوا إلى الواقعية ويضعوا الشروط التعجيزية جانباً ولنرَ كيف نعالج مشاكلنا في لبنان». ورأى نصر الله انّ «مشكلة التكفيريين هي مع المسلمين جميعاً، والدليل ما يجري في بلاد المسلمين، وما يتعرض له أهل السنّة أيضاً في العراق وباكستان وأفغانستان والصومال وتونس وغيرها على يَدَي هؤلاء. هذا الخطر يتهدّد الجميع، مسلمين ومسيحييّن، وبتعاون الجميع يمكن مواجهته ومحاصرته وعزله وإنهاؤه». وشدد على «وحدتنا الوطنية كلبنانيين وعيشنا المشترك ومصيرنا الواحد»، ودعا في الوقت نفسه «إلى كل أشكال التلاقي والانفتاح على رغم الانقسام والخلاف، لننجو ببلدنا ونحقق لشعبنا بعض ما يطمح إليه من حياة عزيزة وكريمة».