خلال مشاركتها في مؤتمر التصنيف العالمي الذي عقد في العاصمة الكورية الجنوبية قدمت جامعة القصيم ورقتين في ذلك المؤتمر، إحداها كانت للدكتور فهد المفضي وكيل كلية الهندسة الذي ذكر في ورقته أن نسبة الطلاب الأجانب في الجامعات السعودية تصل إلى حدود 4 في المئة، لكنه ذكر أن نسبة الأكاديميين الأجانب في الجامعات تصل إلى أكثر من 40 في المئة، وهذه نسبة مرتفعة جداً، وتوضح فشل وزارة التعليم العالي والجامعات في توطين الوظائف فيها، وللأسف يقتصر دور الوزارة على الخطابات والتوجيهات للجامعات، لاستقطاب الكوادر السعودية المؤهلة، لكن وللأسف النسب ترتفع في استقدام الأكاديميين الأجانب في جامعاتنا كل عام في ظل صمت من الوزارة، وكلنا يذكر مسلسل ال10 آلاف تأشيرة التي منحت للجامعات السعودية قبل أشهر، لاستقدام أكاديميين من دول عربية، وكلنا يتابع مواطنين ومواطنات من أصحاب الشهادات العليا وهم عاطلون عن العمل، والأبواب موصدة أمامهم من جامعاتنا الوطنية التي تضع شروطاً تعجيزيةً في استقطابهم، لكن تلك الشروط لا تطبق على هذه الكوادر المستقدمة من بعض الدول العربية، ونجد التبريرات الواهية في عدم استقطاب هذه الكوادر الوطنية مثل الندرة وعدم الاعتراف في بعض تلك الجامعات التي تخرج منها بعض أصحاب الشهادات العليا من مواطني المملكة في الوقت الذي تقوم الجامعات بالتعاقد مع أساتذة عرب من تلك الجامعات، فإذا كانت شروط معادلة شهادة الخريجين من تلك الجامعات مستوفاة ومعترفاً بها، فلماذا هذا التناقض الواضح ضد أبناء الوطن؟ مثل هذه النسب المرتفعة التي تزيد أكثر مما ذكر في مؤتمر التصنيف العالمي، كما رصد ذلك ديوان المراقبة العامة في أحد تقاريره الحديثة، والذي حدد نسبة الأكاديميين غير السعوديين في الجامعات التي قد تصل إلى أكثر من 48 في المئة من مجموع الأكاديميين في الجامعات السعودية، إن هذه باعتقادك أرقام فلكية وفضيحة بمعنى الكلمة، ولا يجب السكوت عنها، وتدل على أن جامعاتنا فشلت في وضع خطط لتوطين الوظائف الأكاديمية فيها، وقد يكون هذا مقبولاً مع بعض التحفظ في الجامعات الناشئة، لكن ماذا في شأن جامعاتنا العريقة التي تصدمنا كل يوم بمئات التأشيرات لاستقدام كوادر أكاديمية عربية، لكي نصدق جامعاتنا العزيزة بتعذر عدم وجود كفاءات أكاديمية وطنية في بعض التخصصات، نود مثلاً أن تنشر وزارة التعليم العالي ومن مبدأ الشفافية إحصاءات دقيقة عن التخصصات التي يعمل بها هؤلاء الأكاديميون الأجانب في جامعاتنا، لكن ما يمنع الوزارة من نشر مثل هذه الإحصاءات هو أن هؤلاء الأكاديميين يعملون في تخصصات يوجد الآلاف من الكوادر الوطنية يحملون المؤهلات الأكاديمية في تلك التخصصات، هل للقضية المالية علاقة بذلك؟ نريد من الجامعات توضيح الصورة لنا، فلا يعقل أن يوجد أكثر من 4000 عاطل سعودي وسعودية عن العمل، وهم يحملون شهادات عليا، ويحرمون من خدمة وطنهم. سمعنا عن قضيتهم ومطالبهم المستمرة وتصريحات من مسؤولي الوزارة لمقابلتهم وعلى رأسهم الوزير، لكن لا حل لمطالبهم المشروعة. لن أتحدث عن 4 آلاف الخريجين من مشروع الملك عبدالله للابتعاث الخارجي الذين لا يمكن أن تشكك جامعاتنا في مستوى الجامعات التي تخرجوا منها، فوزارة التعليم العالي هي من تشرف على البرنامج، وإذا رفضت استقطابهم في جامعاتها فهناك خلل ما في الوزارة. لا شك أن الجامعات تحظى بدعم غير متناهٍ من الدولة في مشاريعها الكثيرة، وهذا إيجابي، لكن الجامعات عليها أن تهتم بتنمية كوادرها الوطنية، فالمباني الضخمة التي تكلف البليونات هي صروح علمية، لكنها تبقى ناقصة، وبها خلل شرعي، إذا كان المواطن المؤهل محروماً منها، ويفضل الأجنبي عليه، علينا الابتعاد عن سياسة التعجيز والتبرير والواسطة في استقطاب الكوادر السعودية، ومن المهم برأي أن تشكل لجنة عليا لمناقشة هذه القضية الحساسة، وأن تكون وزارات العمل والخدمة المدنية والتعليم العالي ممثلة فيها، للخروج بقرارات سريعة لحل المشكلة. وإعطاء الكوادر الوطنية فرصتها للعمل في جامعات الوطن. [email protected] akalalakal@