عزا حميد دربندي، مسؤول الملف السوري في رئاسة إقليم كُردستان العراق، سبب منع دخول صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديموقراطي (القريب من منهجيّة العمال الكُردستاني) إلى العلاقة السيئة بين المجلسين الكُرديين (مجلس الوطني الكُردي، الذي انضم إلى الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السوريّة، ومجلس الشعب لغرب كُردستان الموالي للاتحاد الديموقراطي) الأمر الذي دفع بالإقليم الكردي لتغيير مسار وشكل علاقاته مع الأخير. وقال دربندي ل «الحياة»: «نحن ننطلق دائماً، لدى تعاملنا مع الجهات الكردية والكردستانيّة من الثوابت التي وضعناها في مقاربتنا للواقع الكُردي، والكُردستاني، وهذه الثوابت مستندة بالأصل إلى القيم الكُردية، والقيم الحديثة للعلاقات الديبلوماسيّة بين الأطراف الإقليمية والدولية، والقيم الحديثة لعلاقات الأحزاب في ما بينها... وما حصل بيننا وبين صالح مسلم رد فعل على ممارساته ضد الأحزاب الكُرديّة (في سورية). وقال دربندي: «نحن من حيث القيم التي نحملها، لا نمنع أي كُردي من دخول الإقليم، ولم نفعل ذلك، إلا أن ما جرى هو نتيجة طبيعية لعدم سماع الرأي الآخر ما أدى إلى تعكير صفو العلاقة بيننا وبين «ب ي د» (الاتحاد الديموقراطي)». يذكر أنّ صالح مسلم (رئيس ب ي د) منع من الدخول إلى إقليم كردستان بعد عودته من الزيارة التي قام بها إلى المناطق الكُردية السوريّة بغية حضور عزاء ولده شرفان الذي قُتل في المعارك الجارية في مناطق شمال شرقي سورية بين قوات الحماية الشعبية، وبين الكتائب الإسلامية المتواجدة بكثافة في تلك المناطق مثل «داعش» وجبهة النصرة وغيرهما، ولا سيما في منطقة تل أبيض القريبة من الحدود التركيّة والتابعة لمحافظة الرقة، وهي الآن تحت سيطرة تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» (داعش) ما انعكس سلباً أيضاً على العلاقة بين الحزبيين الكُرديين العراقيين، الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني بخاصة بعد تصريحات عادل مراد رئيس المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكُردستاني التي حمّل فيها الديموقراطي الكُردستاني مسؤولية عدم السماح لصالح مسلم بالدخول إلى أراضي كُردستان العراق. وقال حميد دربندي، وهو المسؤول المباشر ومستشار رئيس الإقليم للملف السوريّ: «لم نفرّق بين القوى الكُرديّة ولا نرى بأن «البارتي» قريب لنا وأنّ «ب ي د» يختلف بإيديولوجيته عن أفكارنا وإيديولوجيتنا، غايتنا هي الوفاق بين القوى الكُرديّة ولهذا السبب قبلنا بل وساهمنا في شكل جاد في إعلان اتفاقيّة «هولير»، ويستطيع الكُرد أن يحققوا وحدة الخطاب من خلال هذه الاتفاقيّة التي تم توقيعها تحت إشراف رئاسة الإقليم»، وتابع: «كيف لنا أن نكون منحازين ونحن مسؤولون في شكل مباشر عن الاتفاقيّة في الأصل؟» وأضاف: «إنّ من أشرف على الاتفاقيّة من مسؤوليته الأخلاقية والسياسية حمايتها وإنجاحها لذلك ولأجل أن لا يحرم الكُرد من فرصة تاريخيّة غضينا النظر عن بعض التجاوزات من قبل حزب «ب ي د». تجدر الإشارة إلى انه قبل عام تقريباً تم توقيع اتفاقيّة سميت (اتفاقيّة هولير)، وعلى أساسها تم توزيع الأدوار مناصفة بين المجلسين الكُرديين، أي 50 في المئة من الحضور بين المجلس الوطني الكُردي ومجلس شعب غرب كردستان، وحتى عائدات معبر «سيمالكا» بين المناطق الكردية السورية والإقليم الكُردي كان يجب توزيعها بالمناصفة إلا أن ثمة شكوى من قبل المجلس الوطني الكُردي بسبب عدم حصوله على العائدات المستحقة ولعل هذه الشكوى أحد أسباب الخلاف بين الكُرد. وأكد دربندي أن الطرف الكُردي في الإقليم مصرّ على إبقاء العلاقة الطيبة بين كل الأطياف الكُرديّة، وأن الكُرد في مرحلة حرجة من تاريخهم السياسي ما يستوجب توحيد الموقف. وقال: «مثلاً قيل إن حكومة الإقليم منعت صالح مسلم من السفر إلى جنيف لحضور المؤتمر عبر مطار أربيل فهل هناك موعد لعقد مؤتمر جنيف-2؟ وكيف نريد من الكُرد أن يتفقوا على صيغة تناسب مصلحتهم سواء كانوا مع المعارضة أو من خلال اتفاقية «هولير» أي الهيئة الكُرديّة العليا، ومن جهة أخرى نمنع الطرف الكُردي من الحضور؟» وأضاف: «نعم ثمة امتعاض من أداء «ب ي د» وهناك شتائم ظهرت في خطابهم الموجه ضدنا، مع أننا لم نقصّر في واجبنا تجاههم، وتغاضينا عما يقال ضدنا لأن مصلحة الكُرد تستدعي ذلك»، وتابع: «رغم كل ما جرى فإننا أعربنا عن تضامننا مع رئيس «ب ي د» عند مقتل ولده شرفان، والسيد الرئيس مسعود البرازاني قدم التعزيّة باسمه شخصيّاً». ووفق بعض الأوساط المتابعة لنشاطات «ب ي د»، فإنّ صالح مسلم هو أول من دشن معبر «اليعربيّة» بعد استيلاء قوات الحماية الشعبيّة عليه إثر معركة شرسة دارت لأيام بين الكتائب الإسلامية المسيطرة على «اليعربيّة» وقوات الحماية الشعبية الكرديّة، وسافر إلى بلجيكا من طريق مطار بغداد الدولي، الأمر الذي أوحى للكُرد بأنهم أصبحوا بين محورين: محور (القامشلي- بغداد - طهران) ومحور آخر كان شبه مسيطر قبل ظهور الخلاف بين الإقليم الكردي وبين «ب ي د» الكُردي السوري أي محور (القامشلي- أربيل- أنقرة وتالياً الغرب). وخفف دربندي من قيمة هذا التحليل وقال: «نحن سعينا منذ بداية الثورة ألاّ نكون من هواة بناء المحاور، سنكون إلى جانب كل من يتعامل مع قضايانا إيجاباً، فما زلنا في طور البناء لتوحيد الموقف الكُردي ليكون منسجماً مع تطلعاته سواء كان ذلك مع شركائهم في وطنهم السوري أو في مقاربتهم كُردستانيتهم، وهذا أمر مهم لأنّ الأنظار كلها تتجه نحو عقد مؤتمر دولي يشرف على العمليّة السياسية أو الانتقاليّة في سورية».