لطالما كانت النظرة إلى هوليوود على أنها قبلة الفن التي يقصدها الفنانون من أنحاء الولاياتالمتحدة وخارجها بحثاً عن الشهرة والأضواء لكن المخرج ديفيد كروننبرغ آثر أن يقدّم الوجه الآخر المظلم لحياة قاطني هذه البقعة المضيئة في فيلمه "خرائط إلى النجوم" الذي يشارك ضمن الدورة السادسة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. ويخوض الفيلم -الذي عرض مساء الخميس في القاعة الكبرى في "دار الأوبرا المصرية"- على مدى 111 دقيقة في عالم نجوم هوليوود وما جلبته الشهرة عليهم من مشكلات نفسية وإجتماعية دفعت البعض منهم لإدمان المخدرات والجنون وأحياناً إرتكاب جرائم قتل. ويقول كروننبرغ "يرى البعض في الفيلم رؤية ساخرة لعالم هوليوود لكن هذا ليس الحال. إنها رؤية واقعية". وأضاف "يعرف الجميع قصص نجوم انتحروا ببطء بتعاطي المخدرات لأنّ حياتهم المهنية تتدهور وينتابهم يأس وجودي حقيقي ويكون أكثر شراسة في حالة الممثلات خصوصاً بعد الأربعين". وقدّم كروننبرغ فيلمه في مساحة رمادية بين وهج شهرة عائلة من نجوم هوليوود تلهث وراء المال ولو على حساب إبنها الاصغر البالغ من العمر 13 عاماً وعتمة صراعها مع الماضي الذي تخجل منه ولو كان الثمن إنكار إبنتهم الكبرى. وتتشعّب خيوط القصة لتمتد إلى ممثلة أخرى، هافانا سيغراند التي تؤدي دورها جوليان مور لتكشف عن صراعاتها النفسية التي تعيشها بين ألم خفوت نجمها وانحسار شهرتها والندم على وفاة أمها في حريق. ثمّ يظهر الشاب جيروم فوندا الذي يؤدي دوره الممثل روبرت باتنسون وقد جاء إلى هوليوود بحثاً عن مكان تحت الأضواء لكنّه يجد نفسه يعمل سائقا للممثلين لعلّ أحدهم يقرأ نصوصه السينمائية ويقتنع بموهبته في التأليف. ووسط هذه الحكايات تقف قصيدة "حرية" للشاعر الفرنسي بول إيلوار، قاسماً مشتركاً يعبر بها أبطال الفيلم كل على طريقته عن تطلعه للخلاص من قيود الشهرة والبحث عن المعنى الحقيقي للحياة. وشهد الفيلم إقبالاً كبيراً من جمهور المهرجان في عرضه الأول بالعالم العربي وإفريقيا. ويتشارك بطولته جون كوزاك وميا واسيكوسكا وإيفان بيرد وأوليفيا وليامز إضافة إلى جوليان مور التي نالت جائزة أحسن ممثلة في مهرجان كان 2014 عن دورها في الفيلم. ويعرض الفيلم ضمن قسم "مهرجان المهرجانات" إلى جانب أفلام "دبلوماسي" و"حياة رايلي" و"أنشودة جان الفقير" و"الحزن الأبدي" و"لوس هونغوس" و"الضوء يسطع هناك فقط" و"أغنيات من الشمال" و"يوم صعب" و"الشجرة". ولد كروننبرغ في كندا عام 1943 لأب صحافي وأم عازفة بيانو وتخرج في "جامعة تورنتو" بعد أن درس الأدب. بدأ مشواره مع السينما في 1975 لكنه نال الشهرة في 1981 مع فيلم "سكانرز". حصل فيلمه "إغزستانس" على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين عام 1999 . وتعلن جوائز هذه الدورة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في حفل الختام في الثامن عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.