عمّ الشلل اليونان أمس بسبب الإضراب العام الممتد 24 ساعة والذي دعت إليه نقابات القطاعين الخاص والعام، احتجاجاً على إجراءات التقشف المفروضة من «ترويكا» الدائنين الدوليين (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد والبنك الدولي) التي تعمل في أثينا على التدقيق في الحسابات العامة. وهذا الإضراب هو الرابع منذ مطلع السنة، وتزامن مع تظاهرات شارك فيها أكثر من 4 آلاف شخص في أثينا استجابة لنداء نقابة «بامي» القريبة من الحزب الشيوعي، حتى ساحة «سنتغاما» التي شهدت تظاهرات كثيرة منذ بدء أزمة الديون اليونانية عام 2010. وساهمت الأمطار الغزيرة في خفض عدد المتظاهرين، وردد الناشطون شعارات قالوا فيها: «نناضل لعجزنا عن العيش ب 400 يورو» في الشهر. لكن المسيرة الكبيرة التي كانت نقابتا القطاعين الخاص والعام تتطلعان إليها لم تجمع سوى ألف شخص، وفق مراسلة وكالة «فرانس برس». ودعتا إلى إلغاء التظاهرة «بسبب الأمطار الغزيرة» بعدما تبين أن المشاركة ضعيفة. وفي تيسالونيكي ثاني كبرى المدن في شمال اليونان، شارك المتظاهرون بقوة، وأعلنت الشرطة أن عددهم «بلغ عشرة آلاف». وطاول الإضراب العام تحديداً وسائل النقل البحري بين اليونان وجزرها. وتوقف العمل ثلاث ساعات في شبكات الحافلات والترامواي في أثينا، بينما أقفل الأكروبوليس أكبر موقع سياحي يوناني في قلب العاصمة القديم لساعتين قبل توقيته المعتاد. وتسبب الشلل في حركة المواصلات العامة بأزمة مرور خانقة قبل الظهر في أثينا، لكن المترو عمل في شكل عادي كما جرت العادة أيام التظاهرات لتسهيل تنقل المتظاهرين، كما أقفلت المدارس. وفي مجال النقل الجوي، أعلنت شركتا «إيجيان» و «أولمبيك» الجويتان توقف مراقبي الجو عن العمل أربع ساعات ما تسبب في تعطيل بعض الرحلات الداخلية. وعملت المستشفيات بالحد الأدنى من الموظفين بينما توقف موظفو الوزارات والدوائر العامة عن العمل وفق وسائل الإعلام المحلية، احتجاجاً على خطة واسعة لنقل العاملين في هذا القطاع وفصلهم وكانت بدأت الصيف الماضي. ورفع المنتسبون إلى نقابة القطاع الخاص شعاراً قبل انطلاق التظاهرة يقول «كلنا معاً لا أحد ينجح بمفرده». وفي هذه الأجواء المتوترة وصل ممثلو «الترويكا» مطلع هذا الأسبوع إلى أثينا لمواصلة التدقيق في الحسابات والإصلاحات الجارية والذي بدأ في أيلول (سبتمبر) الماضي. وتنتظر الحكومة اليونانية من هذه الزيارة منحها شريحة جديدة من القروض بقيمة بليون يورو. لكن لا تزال نقاط الخلاف كثيرة، إذ في وقت وفت اليونان بأكبر قدر من التزاماتها المتعلقة بنقل 25 ألف موظف وتسريح أربعة آلاف آخرين، فإن الهوة في موازنة عام 2014 لا تزال تشكل اختلافاً كبيراً بين الطرفين. وتقدر «الترويكا» الفارق بنحو بليون يورو، داعية إلى مزيد من إجراءات التقشف. ورفض وزير المال يانيس ستورنراس «أي خصم جديد في الرواتب ومعاشات التقاعد»، مستنداً إلى زيادة في الموارد وفائض في الموازنة (من دون خدمة الديون) للمرة الأولى منذ سنوات. وقال نيكولاوس وهو عامل متقاعد: «يجب أن تنضم كل اليونان وجميع المواطنين وعندها فقط ستنجح هذه الإجراءات». ورأت سيلفانا ضرورة «تنظيم الإضرابات لأنّ على الحكام التفكير بجدية أكبر بكثير في القرارات التي يتخذونها، لأنها تؤثر فينا جميعاً». وأبدى مسؤولون من نقابات العمال خشية من «اضطرار اليونان إلى فرض مزيد من الخفوضات في الأجور والمعاشات لتلبية أهداف خطة الإنقاذ في السنوات المقبلة». وأكد عمال الموانئ في بيان أن «العاملين والمتقاعدين والعاطلين من العمل يشهدون كابوساً لا نهاية له». واعتبروا أن «الحكومة والترويكا يدمّران هذا البلد». وشهدت بلدان أوروبية أخرى حركات احتجاج اجتماعية، خصوصاً في البرتغال ورومانيا، إذ تظاهر في بوخارست خمسة آلاف مدرس أمس كي «لا يستمروا في العيش كمشردين»، وللحصول على رواتب مشرفة في بلد لا تزال فيه موازنة التربية متدنية. وفي البرتغال، تعطلت حركة سير القطارات بسبب إضراب يمتد 24 ساعة في قطاع السكك الحديد احتجاجاً على حسم طاول الرواتب المتوقعة في موازنة عام 2014.