خسرت جماعة «الإخوان المسلمين» جولة جديدة في مواجهة الحكم المصري الموقت، بعدما رفض القضاء طعناً قدمته الجماعة ضد الحكم الصادر بحظر أنشطتها وحل جمعيتها ومصادرة أموالها، فيما حصلت «الحياة» على تفاصيل عن أول أيام الرئيس المعزول محمد مرسي داخل محبسه في سجن برج العرب المتاخم لمدينة الإسكندرية الساحلية (شمال غربي القاهرة) حيث يمضي فترة سجن احتياطي على ذمة قضية اتهامه ب «التحريض على قتل المتظاهرين» أمام قصر الاتحادية الرئاسي مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وأفادت المعلومات أن مرسي حصل على نزيل رقم 11253، وأنه ارتدى ملابس السجن الاحتياطي البيضاء، ورفض تناول طعام السجن، وزاره بشكل استثنائي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق رفاعة الطهطاوي الذي أحضر له ثلاث حقائب ملابس. وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة رفضت دعوى الاستشكال التي تقدم بها محامو جماعة الإخوان وطالبوا فيها بوقف تنفيذ الحكم السابق صدوره بحظر أنشطة الجماعة وحل الجمعية التابعة لها. وأمرت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم الحظر. وهذا الحكم ليس نهائياً إذ يحق للفريق القانوني ل «الإخوان» التقدم باستئناف جديد أمام محكمة جنح مستأنف القاهرة، والتي تبت في شكل نهائي في القضية سواء برفض الاستئناف أيضاً وتثبيت حكم حظر الجماعة، أو تقبله وبالتالي ترفع حال الحظر عنها. وتعد دعوى الاستشكال بمثابة دعوى فرعية تُقام من أجل إيقاف التنفيذ بصورة موقتة لحين الفصل في الاستئناف على حكم أول درجة. وكانت اللجنة القانونية في الجماعة أقامت استشكالاً لوقف تنفيذ الحكم الذي كان صدر في 23 أيلول (سبتمبر) الماضي وتضمن حظر أنشطة تنظيم «الإخوان المسلمين» في البلاد، وحل الجمعية التي كانت أسستها الجماعة مطلع العام الحالي، والتحفظ عن أموالها العقارية والسائلة والمنقولة. واتخذت الحكومة المصرية بالفعل قراراً بتعيين مساعد أول وزير العدل المستشار عزت خميس رئيساً للجنة إدارة أصول وأملاك الجماعة والجمعية. في موازاة ذلك كشف مصدر أمني مسؤول ل «الحياة» تفاصيل عن أول أيام يقضيها الرئيس المعزول محمد مرسي داخل إحدى الغرف المجهزة في مستشفى سجن برج العرب، مشيراً إلى أن مرسي ارتدى، أمس، الزي الأبيض الخاص بالمحبوسين احتياطياً، ووقّع على إقرار بالتزامه بتعليمات السجن، وهو الإقرار الذي يوقّع عليه أي نزيل جديد بالسجن، ومن بين تعليماته أن أول زيارة له يمكن أن تتم بعد 11 يوماً. كما تسلّم مرسي المهمات الخاصة بالمحبوسين احتياطياً وحصل على «نزيل رقم 11253». وكان مرسي تحدى محاكمته التي جرت أولى جلساتها الاثنين الماضي، حيث ظهر داخل القفص مرتدياً بدلته الرسمية، رافضاً الاعتراف بالمحاكمة، وظل يصيح أنه «الرئيس الشرعي للبلاد». وأفاد المصدر ل «الحياة» أنه تم السماح بشكل استثنائي بتلقي مرسي زيارة من رئيس ديوان الرئاسة السابق السفير رفاعة الطهطاوي، والذي أحضر له ثلاث حقائب ملابس، تم تفتيشها من قبل إدارة السجن. وأشار المصدر إلى أن الرئيس المعزول بدا عليه الانفعال الشديد، خصوصاً مع صغار الضباط، وقال لهم وفي حضور مساعد وزير الداخلية للسجون «يا ظلمة.. انتم مضحوك عليكم.. فأنا الرئيس الشرعي». كما رفض مرسي تناول وجبة السجن والمكونة من «عدس وخبز وثمرة برتقال»، وتم السماح له وعلى حسابه الخاص بتناول وجبه فراخ من «كانتين» السجن. ويحاكم مرسي و14 آخرون من قيادات الإخوان، بتهم تتعلق ب «التحريض على قتل المتظاهرين» أمام قصر الاتحادية الرئاسي في 5 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وأرجأت محكمة الجنايات النظر في القضية إلى جلسة 8 كانون الثاني (يناير) المقبل. وأكد المصدر الأمني أن الرئيس المعزول «يعامل في السجن كأي سجين عادي ويخضع لتعليمات ولوائح السجون، ولا توجد أي مجاملة أو تمييز له»، مشيراً إلى أن مساعد وزير الداخلية للسجون كان تفقد أمس مقر السجن وأعمال التأمين في الداخل والتي يقوم عليها ضباط وزارة الداخلية، فيما يتم تأمين السجن من الخارج بواسطة عناصر القوات المسلحة. في غضون ذلك، أمر النائب العام المستشار هشام بركات بإحالة 57 متهماً إلى المحاكمة الجنائية العاجلة بتهمة أنهم ارتكبوا، بحسب ما أوضح بيان للنيابة العامة، أحداث العنف والبلطجة وتعطيل المواصلات وإحراز الأسلحة البيضاء أمام مشيخة الأزهر وفي منطقة الأميرية، وأمام القصر الجمهوري في حدائق القبة أخيراً. وأضاف البيان أن النيابة أسندت إلى المتهمين «ارتكاب جرائم التجمهر بغرض التأثير على السلطات في ممارسة أعمالها، والبلطجة والترويع واستعمال القوة والتعدي على موظفي الأمن في مشيخة الأزهر وضباط شرطة وسرقة خزينة سلاح، وإتلاف الأملاك العامة وإحراز أسلحة بيضاء». وكانت النيابة باشرت تحقيقاتها في وقائع مختلفة تشمل قذف متظاهرين من «أنصار جماعة الإخوان» مبنى مشيخة الأزهر بكسر الرخام ومحاولة اقتحامه يوم 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ضبط منهم 14 شخصاً بينهم طفل، وكذلك واقعة تعطيل مرور واستخدام القوة والتلويح بالأسلحة البيضاء في منطقة الأميرية في القاهرة يوم 6 تشرين الأول، والاعتداء على أحد ضباط الدوريات الأمنية وسرقة ذخيرة سلاحه. وكان شيخ الأزهر حاضراً عندما أعلن قائد الجيش الفريق السيسي «خريطة الطريق» في مطلع تموز (يوليو) التي تقضي بانتخابات رئاسية جديدة، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا موقتاً لمصر، ما يعني عزل أول رئيس مصري منتخب بشكل ديموقراطي بعد احتجاجات شارك فيها ملايين المصريين طالبت بإسقاطه. وتواصلت احتجاجات أنصار مرسي منذ عزله وتزايدت حدتها عند فض اعتصامين لهما بالقاهرة ومقتل المئات منهم في مواجهة مع قوات الأمن في منتصف آب (أغسطس)، ومقتل مئات آخرين في احتجاجات عنيفة اندلعت عقب الفض، وقتل فيها معارضون لمرسي وأقباط ونحو مئة من رجال الشرطة، ودمرت 42 كنيسة وممتلكات أخرى لأقباط. وشملت التحقيقات أيضاً 11 شخصاً «تجمهروا أمام قصر القبة يومي 11 و24 تشرين الأول الماضي، قاموا بسب وإهانة السلطات العامة وأوقعوا الرعب في نفوس المواطنين واعتلوا أسوار القصر، وعطلوا المواصلات».