لا يتعدى عدد اللاجئين السياسيين الذين تستقبلهم سويسرا، المستوى المسجل في دول أوروبا الجنوبية مثل ايطاليا واسبانيا ومالطا، فهو لا يزال محدوداً مقارنة بها، وعلى رغم ذلك تقدّم سويسرا لكل لاجئ سياسي الرعاية المالية المؤاتية التي تمتد ربما شهوراً. تخصص حكومة برن لكل طالب لجوء سياسي، يُدرس ملفه قبل صدور قرار فيديرالي باستقباله أو طرده، 6111 فرنك سويسري من دون احتساب المساعدات المالية التي تقرّها الكانتونات كل على حدة، وهي نجحت في ادخار ملايين الفرنكات لمواجهة أي حال طارئة خصوصاً بعد رصد دفعات من اللاجئين السوريين الذين تدفقوا إلى سويسرا عبر الحدود مع ايطاليا وأُوقفوا وأُرسلوا إلى معسكرات خاصة بطالبي اللجوء السياسي المنتشرة في الكانتونات. ويشير الخبراء في دوائر الهجرة في سويسرا، إلى أن إدارات الكانتونات أنفقت نحو 74 مليون فرنك سويسري هذه السنة، لتقديم سلة من الخدمات المتكاملة من ضمنها المالية والصحية والاجتماعية إلى اللاجئين السياسيين. في حين تلقت هذه الإدارات مساعدات مالية من حكومة برن المركزية بقيمة مئة مليون فرنك سويسري. ونجحت هذه الإدارات منذ مطلع عام 2008، في ادخار نحو 83 مليون فرنك باستثناء ثلاثة منها هي فادت وجنيف وزوريخ، إذ تسجل الموازنات الخاصة باللاجئين السياسيين عجزاً ملحوظاً نتيجة ارتفاع تكاليف الخدمات فيها. وعلى رغم ذلك يعتبر الخبراء أن الخدمات المقدمة لطالبي اللجوء السياسي في سويسرا أفضل «إنسانياً» من تلك المقدمة في الدول الأوروبية المجاورة. يُذكر أن الحائزين على حق اللجوء السياسي في سويسرا يتلقون في الفترة الأولى، دعماً مالياً يصل إلى نصف ما يتقاضاه العامل السويسري شهرياً، إضافة إلى وضع منزل في تصرفهم. وهذا ما تعجز عنه حتى الآن دول كثيرة في الاتحاد الأوروبي التي تفضل «إيواء» اللاجئين السياسيين في معسكرات بدائية. ويرصد خبراء فارقاً شاسعاً بين الخدمات المقدمة للحائزين على حق اللجوء السياسي وتلك المعنية بطالبي حق هذا اللجوء، الذين لم يتقرّر مصيرهم بعد. إذ تتلقى الفئة الأولى خدمات اجتماعية متكاملة، فيما تحوز الفئة الثانية أي طالبو اللجوء في سويسرا، على خدمات ضرورية مثل تأمين الطعام والألبسة والأدوية. ووصل عدد طالبي اللجوء السياسي إلى 15 ألفاً العام الماضي. وتستغرق فترة درس ملف كل طالب لجوء مئة يوم، تقرر بعدها سلطات برن استقبال اللاجئ أو إبعاده عن الأراضي السويسرية. ويشكل الرجال نسبة 80 في المئة من مقدمي طلبات اللجوء، وغالبيتهم يأتون من نيجيريا وتونس وصربيا. لكن ظاهرة الهجرة من أفريقيا الشمالية وسورية تفشّت بسرعة هذه السنة، وزادت أعداد طالبي اللجوء السياسي من هاتين المنطقتين نحو 25 في المئة منذ العام 2011.