تتميز سويسرا عن الدول الأوروبية المجاورة بقدرتها السريعة على إنشاء صناديق مالية مهمتها الاستثمار لتعزيز البنية التحتية الخاصة بقطاعات تعتبرها الحكومة إستراتيجية، مثل قطاع النقل البري. ولاحظ خبراء أن التحركات السويسرية لتأسيس صناديق استثمارية هدفها دعم القطاعات الصناعية، تأتي في أعقاب إعلان مصرف سويسرا المركزي تحقيق أرباح جيدة في الربع المالي الرابع من العام الماضي. وتختار سويسرا عادة تخصيص أكثر من 70 في المئة من الفائض التجاري للاستثمار في الداخل، في حين يستحوذ قطاع النقل على أولوية الحكومة. وتختلف قوة الاستثمارات في البنية التحتية للنقل البري بين كانتون وآخر، إذ تكرس الكانتونات الناطقة باللغة الألمانية نحو 60 في المئة من موازناتها السنوية لتعزيز قطاع النقل الخاص بالطرق والأوتوسترادات وشبكات الترامواي والمترو، ما يعكس ثقة السويسريين بمستقبل تجاري أفضل. وعلى غرار دول أوروبية أخرى تتميز باستقرار مالي وسياسي، مثل لوكسمبورغ، قررت وزارة البيئة والنقل والطاقة والاتصالات السويسرية في خطوة غير مسبوقة منذ العام 1950، إنشاء صندوق لتعزيز شبكات النقل البري وتحديث شبكات النقل على السكك الحديد. ورأى خبراء أوروبيون هوساً سويسرياً واضحاً في تخصيص بلايين الفرنكات لدعم شبكات النقل البري التي تُعتبر الأحدث في العالم، بيد أن السويسريين يبررون موقفهم بالتأكيد أن الصيانة الدورية للطرقات وتأمين كل وسائل الحماية للعربات، أصبحت ضرورية نظراً إلى ارتفاع عدد عربات الترانزيت التي تعبر سويسرا من دون انقطاع. وبيّن بعض المحللين أن الطرقات إلى أوروبا الشرقية، التي تقطع سويسرا متجهة نحو تشيخيا وهنغاريا، هي السبب الرئيس الذي دفع حكومة برن إلى تخصيص صندوق استثمار وطني خاص بقطاع النقل البري. وسيُضخ في الصندوق نحو 5.2 بليون فرنك سويسري (5.6 بليون دولار) سنوياً لتغذية المتطلبات التجارية الوطنية والخارجية. وتسجل سويسرا منذ أكثر من خمس سنوات حركة نقل برية جيدة من أوروبا الغربية إلى أوروبا الشرقية لتفريغ أطنان من السلع الاستهلاكية. وأفاد خبراء نقل بأن تأسيس صندوق الاستثمار في بنية النقل التحتية سيدر على سويسرا أرباحاً جيدة، فرسوم عبور الأوتوسترادات السويسرية سترتفع، وستزداد أسعار بطاقات السفر على السكك الحديد نحو خمسة في المئة سنوياً. وفي حين ستستثمر الحكومة أكثر من خمسة بلايين فرنك سنوياً لدعم هذا الصندوق، فإنها ستجني في المقابل ضعف هذا المبلغ من السائقين وشركات النقل. فمثلاً، تهتم شركات نقل المنتجات النفطية من أوروبا الشرقية وإليها، بدرجة الأمان والصيانة التي تضمنها الأوتوسترادات مهما زادت رسوم العبور.