دعا مجلس الأمن القادة السياسيين في لبنان إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، مبدياً «القلق من استمرار الفراغ في الرئاسة اللبنانية». وأكد المجلس، في «نقاط للصحافة» اقترحتها فرنسا وتلاها رئيس المجلس أمام الإعلاميين مساء أول من أمس، «ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته»، وشدد على «أهمية عمل البرلمان لضمان إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت». وشجع أعضاء المجلس «القادة اللبنانيين على التصرف بشكل عاجل وإظهار المرونة المطلوبة لفتح الطريق أمام تحقيق هذا الهدف من دون تأخير إضافي». وشددوا على «أهمية أن يحافظ كل الأطراف اللبنانيين على الوحدة الوطنية بما يتوافق مع إعلان بعبدا، وعلى أهمية احترام كل الأطراف اللبنانيين سياسة النأي بالنفس». وكان مجلس الأمن استمع في جلسة مشاورات مغلقة إلى منسق الأممالمتحدة الخاص في لبنان ديرك بلامبلي ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إدموند موليت. ولفت رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري السفير الأسترالي غاري كوينلن إلى خطورة «التهديد الذي يواجه لبنان جراء ازدياد نشاطات تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) و»جبهة النصرة» فيه وعلى حدوده، وإلى وجود 30 في المئة من السكان في لبنان من النازحين السوريين، إضافة إلى الوضع السياسي القائم وعدم الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي يتولى مهمة قائد القوات المسلحة». وأبلغ بلامبلي الصحافيين أنه خرج من جلسة مجلس الأمن «متشجعاًَ بالموقف الموحد لمجلس الأمن حول ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان والدفع قدماً نحو التطبيق الكامل للقرار 1701». وشدد بلامبلي على أهمية «الحفاظ على الهدوء على الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل»، مبدياً «القلق من استمرار الانتهاكات خلال الفترة الماضية». وقال إن أعضاء مجلس الأمن «ركزوا خلال جلسة المشاورات على تأثر لبنان بالأزمة السورية، وعلى مسألة تواجد عناصر «داعش» و»جبهة النصرة» في لبنان، وعلى الأحداث التي شهدتها عرسال ولاحقاً طرابلس الشهر الماضي». وأشاد بلامبلي بالاستجابة السريعة التي تولاها الجيش اللبناني في مواجهة الأعمال الإرهابية «والرد الموحد من الحكومة والقادة السياسيين على التهديدات». وقال إن «التركيز الآن هو على تقوية الجيش»، معتبراً أن «استجابة عدد من الدول لدعم خطة تقويته وخصوصاً المملكة العربية السعودية هي اعتراف من المجتمع الدولي بضرورة دعم الجيش والمؤسسات». وأكد بلامبلي أن أعضاء مجلس الأمن مجمعون على «ضرورة تقديم الدعم الكامل للقوى الأمنية اللبنانية»، آملاً بأن «يكون الدعم مماثلاً لبرامج المساعدات الإنسانية لكل من النازحين والمجتمع اللبناني المضيف». واعتبر أن إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان «شأن لبناني داخلي، حتى لو كانت لأطراف آخرين آراء في شأنه، إلا أنه مسألة يبتها اللبنانيون والقرار فيها عائد إلى اللبنانيين أنفسهم». وأوجز بلامبلي لمجلس الأمن التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تطبيق القرار 1701 الذي أبدى فيه تخوفه من تأثير الأزمة السورية على الوضع في لبنان لا سيما لجهة الهجمات التي تشنها «الجماعات المتطرفة وبينها تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» على الجيش اللبناني وتوغلها داخل الأراضي اللبنانية». وجدد بان في تقريره الدوري الذي وزع على أعضاء مجلس الأمن دعوة الأطراف اللبنانيين إلى وقف تورطهم في القتال في سورية، والعمل على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. القصف والتوغل من سورية وقال إنه بعد انقضاء أربع سنوات على بدء النزاع السوري، «لم يكن تأثير تلك الأزمة على لبنان أشد وطأة مما هو عليه اليوم». وأشار إلى أن نشاطات «داعش» و»النصرة» في لبنان انطلاقاً من الأراضي السورية واحتجازهما للرهائن وارتكابهما أعمال القتل الوحشي، تشكل تطورات مثيرة للقلق بشكل خاص». وأضاف أن «توغلَ الجماعات المتطرفة العنيفة في لبنان، والتقاريرَ عن اتجارٍ غير مشروع بالأسلحة، وحركةَ المقاتلين المسلحين عبر الحدود اللبنانية - السورية، تُبرز الحاجة إلى زيادة قدرات السلطات الأمنية اللبنانية على مواجهة هذه التهديدات ومراقبة الحدود» مع سورية. وشجب بان «أعمال القصف وإطلاق النار وعمليات التوغل الجوية في اتجاه المناطق الحدودية اللبنانية انطلاقاً من سورية»، داعياً الحكومة السورية وجميع الأطراف المتحاربين إلى الكف عن انتهاكات الحدود واحترام سيادة لبنان وسلامته الإقليمية». ونوه ب»تعزيز الجيش اللبناني انتشاره شمالاً وفي أجزاء من الحدود الشرقيةللبنان»، وشجع الحكومة اللبنانية «على توسيع نطاق هذا الانتشار على طول الحدود السورية - اللبنانية». ودان بان «مشاركة لبنانيين» في النزاع السوري «في انتهاك لسياسة الحياد والنأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة اللبنانية ومبادئ إعلان بعبدا الذي وافق عليه جميع القادة السياسيين في لبنان». ودعا «مرة أخرى «حزب الله» وغيره من العناصر اللبنانيين إلى التراجع عن المشاركة في النزاع السوري، انسجاماً مع تلك الالتزامات وحرصاً على الاستقرار في لبنان». وأبلغ بان مجلس الأمن أن استمرار احتفاظ «حزب الله وغيره من الجماعات بالسلاح خارج نطاق سيطرة الدولة اللبنانية، هو انتهاك للقرارات 1559 و1680 و1701، ويحد من قدرة الدولة على ممارسة سيادتها وبسط سلطتها بشكل كامل على أراضيها». سلاح «حزب الله» وقال إن «احتفاظ حزب الله بالسلاح خارج سيطرة الدولة يشكل عائقاً واضحاً أمام قدرتها على ضمان ممارسة كامل سلطتها على أراضيها ويتناقض مع التزامات لبنان بموجب القرارين 1559 و1701». وأعرب عن القلق البالغ من «جمود أعمال هيئة الحوار الوطني وعدم تطبيق قراراتها السابقة». وأشاد بان ب»جهود رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء في الحفاظ على استقرار لبنان»، معتبراً في الوقت نفسه أن «الوحدة الوطنية لا تكتمل من دون رئيس للجمهورية»، مشدداً على أن التحديات التي يواجهها لبنان «تستلزم وجود رئاسة للجمهورية ومجلس نيابي وحكومة فاعلة تحقق مصلحة جميع الطوائف اللبنانية». وحمل «القادة اللبنانيين مسؤولية» انتخاب رئيس للجمهورية، مشدداً على أن هؤلاء «لا يمكنهم تحمُّل انتظار ما ستفضي إليه التطورات الإقليمية الأوسع نطاقاً». وحض القادة اللبنانيين على «إظهار الإحساس بدقة المرحلة والتحلي بالمرونة من أجل تمهيد الطريق أمام انتخاب رئيس من دون مزيد من التأخير، وآمل في أن يشجعهم جميع أصدقائهم في المجتمع الدولي أيضاً على ذلك». وأكد بان «ضرورة تقديم الدعم إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية»، مبدياً التخوف من «التقارير عن تشكيل جماعات مسلحة للدفاع عن النفس وهي مدعاة للقلق». ودعا بان الدول كافة إلى «التقيد بالتزامها القرار 1701 بمنع بيع أو توريد الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى الكيانات أو الأفراد في لبنان». وبالنسبة إلى الوضع في منطقة عمل قوة «يونيفيل» الدولية شجب بان إطلاق الصواريخ من جنوبلبنان على إسرائيل في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) الماضيين «باعتباره خرقاً خطيراً» لوقف الأعمال العدائية وللقرار 1701. وقال إن «الرد الانتقامي لإسرائيل بإطلاق قذائف في اتجاه لبنان هو في الوقت نفسه عمل خطير ومناقض لتوقعات الأممالمتحدة في سياق وقف الأعمال العدائية». وقال: «على إسرائيل أن تمتنع عن الرد وتخطر اليونيفيل على الفور لدى تعرضها لإطلاق نار إلا إذا كان الوضع يستدعي بشكل واضح الدفاع عن النفس بشكل فوري، وأن تتيح أولاً لليونيفيل والجيش اللبناني التعامل مع هذه الهجمات». وكرر دعوة إسرائيل إلى الانسحاب من شمال قرية الغجر والوقف الكامل لانتهاك الأجواء اللبنانية «التي تزيد من حدة التوتر في منطقة عمليات اليونيفيل ويمكن أن تتسبب في حادث خطير». وأثنى بان على الجيش اللبناني لا سيما لجهة محاربته الإرهاب ورحب بالدعم الذي تلقته القوى الأمنية اللبنانية من الدول الأعضاء بما في ذلك «تعهد المملكة العربية السعودية بالتزامات إضافية». وقال إن «استغلال احتياطيات النفط والغاز أولوية وطنية لكل من لبنان وإسرائيل». ودعا الجانبين إلى «مواصلة بذل الجهود لتعيين المنطقة البحرية الحصرية لكل منهما تسهيلاً لذلك».