تُعتبر الجزائر من الدول الغنية بما يُعرف ب"المياه الحموية"، التي صارت ركناً من أركان السياحة الداخلية بهدف الاستجمام والاستشفاء في الوقت نفسه. وتنتشر الحمامات التي تشتغل بهذه المياه في أكثر من منطقة، وأبرزها حمام الصالحين في مدينة بسكرة جنوبالجزائر، وحمام الدباغ في مدينة قالمة شرقاً، وحمام ملوان في البليدة وسط العاصمة، وحمام ريغة في عبن الدفلى غرباً. ومن بين الأماكن المشهورة أيضاً، المنبع الحموي- حمام قرقور شمالي غرب ولاية سطيف، على بعد نحو350 كيلومتراً من العاصمة. ويقصد ألوف الجزائريين والأجانب الحمام الحموي على مدار السنة للاستشفاء بمياهه التي يتردد أن لها فائدة طبية، وللإستمتاع بينابيعه الحارة ذات النشاط الإشعاعي، والتي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مياه ''برماخ'' في ألمانيا، ومياه ''جاشيموف'' في جمهورية التشيك حالياً، والمرتبة الأولى عربياً وأفريقياً، إذ تبلغ حرارتها عند المنبع 45 درجة مئوية. ويقع حمام قرقور في منطقة بين جبال قارف وجبال أولاد عياد، ويقطعها واد بوسلام بمياهه الغزيرة المتدفقة من باطن الأرض. وقدّرت السلطات المحلية عدد زوار هذا المعلم العلاجي- السياحي حتى نهاية صيف 2014، بما يزيد عن 800 ألف زائر، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى مليون زائر أو أكثر مع نهاية العام. وشيّد حمامان في المنطقة السياحية، الأول تقليدي للإستحمام الجماعي، ويعرف باسم حمام سيدي الجودي (ولي صالح)، والثاني عصري مخصص للإستشفاء. ويتردد أن مياهه تساعد على الشفاء من بعض الأمراض، كأمراض النساء والروماتيزم، والأمراض الجلدية وأمراض العيون وغيرها. وبحسب تقرير صادر سنة 1938 عن مهندس المناجم الفرنسي بازيلياك، بعد قياس النشاط الإشعاعي الخاص بالمياه الحارة، فإن ماء ''عين شوف''، وهو المنبع المائي لحمام قرقور، مصنّف الثالث عالمياً للينابيع الحارة ذات النشاط الإشعاعي. وتُعرف حمام قرقور أيضاً بصناعاتها التقليدية، كالفخار والزرابي. ولعل زربية القرقور التي تتفنن في حياكتها نسوة المنطقة خير دليل على ذلك، إذ ذاع صيتها ليصل الى العالمية، ويعود تاريخها بحسب المختصين إلى بدايات القرن التاسع. وعلى رغم الكنز الطبيعي الذي تزخر به المدينة من مناظر طبيعية خلابة على ضفاف الوديان والمياه العلاجية، إلا أن الإهمال الذي أصاب هذه الثروات أصبح يهددها بالزوال. وترجع السلطات المعنية عدم الإعتناء بهذا الموقع المناطق إلى نقص الموارد المالية. وبين العطاء الذي تقدمه الطبيعة والإهمال الذي تلاقيه، تبقى منطقة حمام قرقور متنفساً حقيقياً للباحثين عن الاستمتاع والاستشفاء.