كشف اقتصاديون وعاملون في مجال المقاولات تعثر مشاريع حيوية وتنموية في الملمكة بقيمة تريليون ريال، وحددوا في حديثهم إلى «الحياة» عدداً من الأسباب التي أدت إلى تعثر تلك المشاريع، منها: إسناد تنفيذ المشاريع إلى الوزارات الخدمية غير القادرة على المراقبة والإشراف على المشاريع لانشغالها بمهامها الأساسية، إضافة إلى تأخر صرف مستحقات المقاولين، وتذبذب أسعار المواد الأولية المستخدمة في الإنشاء والتنفيذ. وأوضحوا أن من أسباب التعثر: إسناد المشاريع الضخمة لشركات مقاولات ليس لديها إمكانات كافية لتنفيذها، مقترحين إنشاء هيئة مستقلة تتولى مراقبة والإشراف على تنفيذ المشاريع بحسب المواصفات والمقاييس والشروط المعتمدة في المناقصات الحكومية، واعتماد عقد «فيديك» الذي يضمن حق المالك والمقاول. وقدر رئيس الاتحاد العالمي للتجارة والصناعة والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط خلف العتيبي قيمة المشاريع المتعثرة في السعودية بنحو تريليون ريال، وقال: «إن السبب الرئيس في هذا التعثر الكبير للمشاريع يقع على عاتق ثلاثة جهات، هي: مالكة المشروع والمقاول والمكاتب الهندسية الاستشارية». وزاد: «عندما نتحدث عن إشكالية تعثر تنفيذ المشاريع الحيوية والتنموية في السعودية فحن ندخل في عدد من العوامل التي عملت مجتمعة في تعطل التنفيذ، فالجهة المالكة للمشروع لديها إشكالية عدم صرف المستحقات المالية للجهة المنفذة بحسب التواريخ المبرمة في العقود، وهذا التأخر في صرف المستحقات المالية يتسبب في تعثر المقاول عن التسليم في الموعد المحدد، إضافة إلى تذبذب أسعار المواد الأولية اللازمة لعملية البناء مثل الأسمنت والحديد التي تتغير بين فترة وأخرى، وعدم توافرها في فترات من العام». وأضاف العتيبي: «قطاع المقاولات يعاني من نقص العمالة المؤهلة داخل السعودية، ويتزامن مع هذا النقص في عدم الحصول على التأشيرات اللازمة للعمالة التي يحتاج إليها المشروع لتنفيذه في الوقت المناسب»، مؤكداً أهمية منح المقاول تأشيرات لاستقدام العمالة محدد إقامتها بمدة تنفيذ المشروع». ورأى العتيبي أن من الأسباب التي أسهمت في تفاقم مشكلة تعثر تنفيذ المشاريع المكاتب الاستشارية الهندسية التي تبرم العقود على أساس مدة المشروع، «وهذه النوعية من العقود تخول لتلك المكاتب مد فترة التنفيذ، وهو ما يعرقل التنفيذ السريع للمشروع». واقترح العتيبي تطيق عقد «فيديك» كحل يضمن للجهة المالكة والجهة المنفذة والمكاتب الاستشارية حقها، وقال: «نحن نطلب باعتماد العقد منذ 12 عاماً، لأن بنوده تضمن حقوق الجميع، وهو ما يسهم في حل أزمة تعثر المشاريع». من جهته، قال عضو الجمعية السعودية لعلوم العمران مستشار تخطيط المدن الدكتور حسين آل مشيط، إن تعثر تنفيذ المشاريع الحيوية في السعودية يعود إلى عدم وجود قاعدة كافية ومؤهلة من المهندسين والمتخصصين لدى الجهات التي طرحت تلك المشاريع، ووجود قصور في تسيير معاملات ومستخلصات المقاول من دون تأخير، وضعف التصاميم الهندسية وعدم اكتمالها بشكل جيد». وتابع آل مشيط في حديثه إلى «الحياة» أن من أسباب تعثر تنفيذ المشاريع عدم وجود جهاز إشرافي كفء يستطيع التغلب على المشكلات الهندسية وحلها في شكل عاجل وسريع، إذ يتم تكليف مكاتب استشارية غير ملتزمة بتوفير الكوادر المؤهلة القادرة على حل المشكلات الهندسية بشكل فعال». وأضاف أن المقاول تقع عليه مسؤولية هو الآخر في تعثر المشاريع، بسبب «عدم استعداده لتنفيذ المشروع إما لضعف إمكاناته أو خبراته، أو لوجود عقود لديه تفوق إمكاناته بسبب عدم توافر العمالة والكادر الكافي والمؤهل». أما الاقتصادي فضل البوعينين فأوضح في حديثه إلى «الحياة» أن أسباب تعثر المشاريع في السعودية يتمثل في إسناد تنفيذ المشاريع إلى الوزارات الخدمية، وقال: «إسناد تنفيذ المشاريع إلى الوزرات الخدمية يحمّل الوزارة مسؤوليات إضافية، وفي كثير من الأحيان تكون الوزارة ليس لها علاقة بمثل هذه الأمور، فعند الحديث عن وزارة التربية والتعليم فإن مهامها الأساسية تتمثل في تطوير والإشراف على العملية التعليمية، وهي بعيدة كل البعد عن تنفيذ المشاريع، وهو ما جعل الوزارة الخدمية تعطي أهمية لعملية الإنشاءات». وزاد: «الواقع يشير إلى أن الوزرات الخدمية تعطي أهمية لعمليات الإنشاء وتنفيذ المشاريع بمعدل 60 في المئة من جهدها، وهذا خطأ كبير، إذ من المفترض أن يكون كل جهدها منصباً على واقعها، سواء أكانت معنية بالتعليم أم بالصحة على سبيل المثال». وأشار إلى أن ضعف الوزارات الخدمية في مراقبة مشاريعها يتطلب إيجاد وزارة مستقلة معنية بتنفيذ تلك المشاريع، وهيئة مستقلة لمراقبة تنفيذ تلك المشاريع، بحيث تتتسلم الوزارة الخدمية مشروعها في وقته وبحسب المواصفات والشروط التي وضعتها، وهذا سيسهم في الحد من هدر الأموال وتعثر المشاريع.