تتوقف جودة المشروعات الحكومية على تطبيق رقابة الأداء (الإشراف)، والالتزام (المواصفات)، إلى جانب توفير الكوادر الفنية المؤهلة على تحمل المسؤولية، وتقديم الامتيازات لها، والخروج من نفق «الاجتهادات الفردية» إلى الرؤية المؤسسية المتكاملة، وتحديداً تقدير الاحتياجات للحاضر والمستقبل أثناء التصميم. نحتاج إلى دعم الإدارات الهندسية في الجهات الحكومية والحد من تسرب المهندسين إلى القطاع الخاص ومعايير الاستلام من المقاولين وعلى الرغم من حجم المشروعات التنموية التي تحققت في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية، وتوجت بأعلى ميزانية في تاريخها، إلاّ أن بعض هذه المشروعات لا تزال متعثرة، أو تُنفذ بمواصفات أقل، وربما دون المستوى المأمول، حيث نلحظ حجم الصيانة التي تطرأ عليها بعد أشهر من تشغيلها، وهو ما يكشف حجم المشكلة، وسوء التنفيذ، وغياب الرقيب -الذي فضّل أن يوقع على الاستلام من دون أن يتأكد من جودة المشروع-. ويفترض لتحقيق جودة تنفيذ المشروعات إعادة النظر في ترسية المشروعات على أساس الكفاءة والخبرة، من خلال معايير فنية يُتفق عليها، إلى جانب تعزيز الإدارات الهندسية في الجهات الحكومية بكفاءات قادرة على متابعة التنفيذ، وتحديد معايير «مقاول الباطن»، والحد من تسرب المهندسين الأكفاء إلى القطاع الخاص. «ندوة الثلاثاء» هذا الأسبوع تناقش تدني مستوى جودة كثير من المشروعات الحكومية. أعيدوا النظر في ترسية المشروعات على أساس الكفاءة والخبرة وفق معايير فنية.. مكاتب استشارية في البداية، أكد "سليمان الضويان" أن الجودة مطلوبة في كل مشروعات الدولة وليس مشروعات قطاع دون آخر، وتتوقف على المكاتب الاستشارية المعتمدة من قبل الدولة، مشيراً إلى أن بعض الجهات الحكومية تنقصها الجهات التنفيذية، وبعضها تنقصها إدارات مشروعات، أو تكون غير مستكملة وليست ذات كفاءة عالية بما يوازي حجم المشروعات المعتمدة لتلك الجهة الحكومية؛ فأغلب الجهات الحكومية على الرغم من أنها تسند مشروعاتها إلى استشاريين؛ إلاّ أنها بحاجة إلى إدارات هندسية تتابع مع الاستشاريين سير أعمال التنفيذ. وقال إن أغلب مخططات المشروعات تتم بواسطة شركات أجنبية يصعب فيها تأمين بعض مواد الخام التي تُطلب من دول معينة؛ بهدف توفر الجودة لكن في الحقيقة قد لا تتوفر فيها كامل الجودة المطلوبة، وبالتالي يجب أن تكون "الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس" هي الجهة المخولة فقط لتحديد جودة المواد الإنشائية أو المستخدمة في ما يدخل في تنفيذ المشروعات، ولذلك نجد أن أغلب المقاولين حينما يبدأون في تنفيذ مشروع ويرفعون طلب اعتماد عينات، فمن الممكن أن ينتهي المشروع ويحصل على موافقة مبدئية وهو لم يتحصل على الموافقة النهائية على العينات. «الرقيب النائم» وقع على استلام المشروع وبعد أشهر تبدأ أعمال الصيانة.. و«الشق أكبر من الرقعة» وأضاف أن تصميم بعض المشروعات لا يكون بمستوى الجودة المطلوبة؛ بسبب إمكانية الاعتمادات المالية للمشروع؛ لأن الجودة العالية يترتب عليها اعتمادات مالية كبيرة، وهذه قد لا يتوافر لدى الجهة المالكة أحياناً، كما أنه يتم أثناء التنفيذ التدخل من الجهة المالكة إما بالإضافة أو الحذف، وهذه الأشياء لها تأثير مباشر على جودة المشروع. الحربي: نفتقد معايير واضحة لتصنيف المهندسين المناسبين لإدارة المشروع وأشار إلى أن بعض المشروعات البلدية مثلاً يُنظر لها أنها "تجميلية" وقد لا يلزم لها توافر عناصر الجودة وعدم تطبيق كود البناء المعتمد، كما يتم الحرص على سرعة الانجاز على حساب الجودة؛ لتتواءم مع اعتمادات الميزانية قبل نهاية السنة المالية، إلى جانب تأخر صرف مستحقات المقاولين واعتماد نسب قليلة لسيولة المشروع؛ مما كان له دور مباشر في تطبيق الجودة؛ لأن الجهة أحياناً تُقدّر ما يعانيه المقاول ولذلك قد تغض الطرف عن بعض معايير الجودة وتطبيق كود البناء. البليهي: ترسية المشروعات الكبيرة على شركات محددة أثر في جودة التنفيذ.. مشروعات متعددة وأرجع "م. منصور العرفج" أسباب تدني الجودة في كثير من المشروعات الحكومية إلى الطفرة التي تعيشها المملكة من ناحية العدد الضخم لمشروعات بمليارات الريالات، وبقاء العاملين في الإدارات الهندسية بنفس العدد والإمكانات؛ مما شكل عبئاً كبيراً على تلك الإدارات، مشيراً إلى أنه حينما تطرح إحدى القطاعات الحكومية مشروعاً بمليار ريال، ثم بنفس الكادر الهندسي مدعوما باستشاريين محدودين يسبب انخفاضاً في جودة تنفيذ المشروع، منوّهاً بالتجربة العالمية في تنفيذ المشروعات التي لم تنفذ في يوم وليلة، بل عبر مراحل طويلة خرج بعدها العمل بشكل متقن لوجود الوقت الكافي. وقال إن المشكلة لدينا في المشروعات تبدأ أولاً من فكرة المشروع، ثم من جودة التصميم وأسلوب طرحه، مشيراً إلى أن هناك إشكالية في كفاءة بعض المكاتب الاستشارية الذين ينفذون تصميم هذه المشروعات حيث أنها ليست مؤهلة بالقدر الكافي، إضافة إلى أن لديها حجما كبيرا من العقود؛ ما يجعلها تُخرج مشروعات بمواصفات أقل. م.العرفج:كثرة عقود المكاتب الاستشارية وقلّة تأهيل بعضها ساهمتا في تدني العمل وعلّق "الضويان" على ما ذكره "م. العرفج" حول ضعف الجهاز الإشرافي لدى الجهات المالكة للمشروع، وقال: "عندما يتم اسناد المشروع إلى استشاري فإن أغلب الأجهزة الفنية للمكاتب الاستشارية قليلي الخبرة، ولا تتوفر فيهم جميع التخصصات المطلوبة؛ وهذا يؤدي إلى تدني جودة التنفيذ، ولكن الجميع مسؤول عن تحقيق الجودة سواءً في القطاع العام أو في القطاع الخاص، وبالتالي على الجميع أن يعي مسؤوليته للجودة، حيث أنها إذا توفرت أدامت عمر المشروع وقللّت من تكاليف الصيانة في المستقبل". الضويان: مخططات المشروعات تتم بواسطة «شركات أجنبية».. والمواصفات أقل الجودة الشاملة وأوضح "م. خالد الغليقة" أن الجودة في العمل الحكومي لا تُعنى بالمشروعات فقط، بل تمتد إلى الخدمات، مبيناً أن تعريف الجودة في ثقافتنا يتمثل في الإحسان، كما أن الجودة والاهتمام بها بدأ منذ الثلاثينيات الميلادية، ثم مرت بمراحل متطورة في الخمسينيات الميلادية، ثم في السبعينيات والثمانينيات، حتى عام (1995م) بما يسمى إدارة الجودة الشاملة. وقال إن تدني جودة المشروعات بسبب الطفرة وعدم وجود كادر كاف لإدارة الجودة، منوّهاً أن أساليب العمل وإجراءاته والأعمال البيئية الأخرى كالتي تنفذها البلديات أو الوزارات نجد فيها إجراءات لا تتعلق بالطفرة بشكل مباشر؛ ومع ذلك ما زالت الخدمة متدنية، وذلك لعدة أسباب روتينية ومن أهمها كسبب رئيس؛ هو نظام المشتريات الحكومية؛ لأنه يُرسّي على السعر الأقل، وكذلك عقود الباطن. وأضاف أن من الأسباب الجوهرية وليس الروتينية هو عدم وجود نظام الجودة الشامل في نفس القطاع، سواءً الوزارات أو بعض القطاعات الأهلية، فلو كان هناك نظام جودة شامل للقطاعات ككل؛ لوضعت إجراءات وأساليب معينة للاعتماد والاستلام والمواصفات وكود بناء معتمد والسير وفق إجراءات الجودة الشاملة؛ حتى يمكن الحصول على منتج مقبول للمستفيد الأخير. م.الغليقة: نفتقد «نظام الجودة الشامل» أثناء التنفيذ وتعزيز «رقابة الأداء والالتزام» عدم تأهيل ويرى "بدر الحربي" أن من أسباب غياب الجودة عن المشروعات البلدية يعود في المقام الأول إلى عدم تأهيل الطاقم المشرف على إدارة المشروع بالشكل المناسب، حيث تكاد تكون الدورات الفنية شبه معدومة، إضافة إلى عدم وجود معايير واضحة تستخدم لتصنيف المهندسين المناسبين لإدارة المشروع، داعياً إلى إيجاد معايير خاصة للمهندسين المسؤولين عن تنفيذ السفلته وذلك باشتراط الحصول على دورات معينة في إدارة المشروعات والأمور الفنية قبل تكليفه بالعمل، مشيراً إلى أن هناك ضعفا في الكادر الفني لدى المكاتب الاستشارية. مقاولون «مشّ حالك» وعمالة سائبة من «الشارع»! وقال إن بقية أسباب تدني الجودة يعود إلى عدم تأهيل أفراد وطاقم المقاول وجهل بعضهم بالنواحي الفنية، إضافة إلى تلاعب بعض المقاولين بطرق التنفيذ والمواد المستخدمة؛ مما يؤثر على جودة ومتانة المشروعات وعدم مطابقتها للمواصفات، إلى جانب عدم وجود -أو ندرة- مختبرات متكاملة يمكن من خلالها ضبط الجودة وكافة المعايير لتلك المشروعات، وهذا مما يسهم أيضاً في تدني الجودة المطلوبة. وأضاف أنه وعلى الرغم من وجود تلك الملاحظات على المقاولين المكلفين بتنفيذ المشروعات كمقاولين رئيسيين؛ فإن هناك عدم كفاءة أيضاً لدى المقاولين من الباطن الذين يسند لهم تنفيذ بعض مراحل تلك المشروعات من المقاول الرئيس؛ مما يزيد من رقعة الخلل في التنفيذ وفقدان التنفيذ للجودة. نفتقد ترسية المشروعات على شركات لديها إمكانات متقدمة سحب المشروعات ودعا "فهد البليهي" جميع الأجهزة الحكومية إلى الاهتمام بتطبيق المواصفات، مشيراً إلى أن جودة التنفيذ تخضع للمقاول وإلى مستوى الإشراف، حيث أن دخول كثير من المقاولين في تنفيذ المشروعات الحكومية الكبيرة أثر على الجودة كبير، منوّهاً أنه -كرئيس بلدية- يكون سعيداً عندما لا يتعثر المقاول في المشروع ولا يتوقف حتى ولو كان بدون جودة عالية؛ بسبب ما يترتب على تأخر المقاول في تنفيذ المشروع، ثم سحبه؛ لأن لدينا بيروقراطية كبيرة في سحب المشروعات -على حد قوله-. تشتيت وإرباك وعلّق "الحربي" قائلاً ان عدم وجود حد أعلى لعدد أو مبالغ المشروعات التي تُرسّى على المقاولين يؤدي إلى تشتيت وإرباك المقاول في عدة مواقع؛ مما يتسبب في تأخير التنفيذ وضعف جودة المشروع، ذاكراً أن آلية ترسية المشروعات على المقاولين الأقل سعراً ينبغي أن تضاف لها عدة عناصر أخرى، مثل النظر إلى المشروعات السابقة المماثلة، والخبرة الفنية لدى المقاول، ومدى التزام المقاول بالجدول الزمني فيما مضى من مشروعات نفذها، ومدى جاهزية معدات وأفراد المقاول بما يتناسب مع حجم المشروع، وكمية المشروعات المفتوحة لدى المقاول، على أن يتم استبعاد المقاولين المتعثرين في تنفيذ المشروعات من التقديم على مشاريع جديدة. "تصنيف أون لاين" ولفت "م. الغليقة " إلى أن نظام تصنيف المقاولين يعتبر قديما، ولم يشهد أي تطوير بما يتناسب مع الطفرة التي تشهدها المملكة، مقترحاً أن يكون تصنيف المقاولين بشكل مباشر وفوري مع كل حالة، بمعنى أن أي مقاول سحب منه أي مشروع ففي هذه الحالة يتم تعميم الواقعة على جميع الجهات عبر شاشة الكمبيوتر "تصنيف أون لاين"، دون انتظار تعميم "وزارة المالية" الذي يستغرق وقتاً طويلاً لكي تصل المعلومة إلى الجميع، بحيث يتاح لكافة بلديات مدن ومحافظات المملكة معرفة أي مقاول تم سحب المشروع منه. غياب التنسيق وشدد "الحربي" على أن عدم وجود رؤية واضحة وعدم وجود مخططات استراتيجية لتنفيذ المرافق العامة؛ تسبب في ضرر الطرق والشوارع وحركة المرور بشكل كبير؛ مما يتطلب استكمال جميع المرافق، ومن ثم إجراء أعمال السفلتة والرصف وما شابه ذلك من أعمال، ولكن عدم وجود التنسيق مع الجهات الخدمية الأخرى، وعدم التخطيط المسبق، وعدم وجود إيرادات مناسبة؛ يؤدي إلى حدوث هذه المشاكل ويقلل من الجودة ويربك الحركة. وعلّق "الضويان" قائلاً إن التنسيق المسبق قد لا يكون بالمستوى المطلوب، أو شبه غير موجود، حيث يتم في أمور روتينية مثل فتح شارع أو غيره، دون وجود تنسيق مبرمج لجميع مشروعات الجهات ذات العلاقة، قبل التصميم والتخطيط، والنظر إلى معوقات الأعمال من قبل جهات المشروعات الخدمية الأخرى، والدليل على ذلك ما حدث في "بريدة" عندما تم قفل تقاطع طريق الملك فهد مع شارع الأربعين الذي نفذته "وزارة الطرق"، ونحن في "لجنة المقاولين بغرفة القصيم" أجرينا التنسيق مع "اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية" أثناء انعقادها بغرفة القصيم من أجل رفع مذكرة إلى سمو أمير منطقة القصيم بست نقاط تمثل عوائق المشروعات بالمنطقة، أبرزها عدم وجود تنسيق بين الجهات ذات العلاقة، رفعنا إلى الجهات المعنية عن عوائق وتأخر تنفيذ المشروعات. وطالب بالتنسيق مع الجهات الخدمية الأخرى قبل تكليف المكاتب الاستشارية الهندسية بالتصميم، وخاصة مع البلديات والطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والزراعة وبقية الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى تكاليف معالجة العوائق على اعتمادات المشروع، لافتاً أن بعض الجهات تعلن عن المشروع وترسيته دون معرفة العوائق الطبيعية والبُنية التحتية في موقع المشروع؛ مما يسبب تأخراً في تنفيذ المشروع، ويكون للميزانية دور في تأخر التنفيذ، إذا لم يؤخذ بالحسبان أثناء التصميم والتخطيط تكاليف العوائق؛ حتى لا تسند تكاليف إضافية إلى جهات غير معتمد لها في ميزانياتها. وعلّق "البليهي" على ما ذكره "الضويان" وقال: التنسيق فيما يخص تنفيذ المشروعات موجود حالياً بين الإدارات الحكومية وكل بلدية، فمثلاً هناك تنسيق بيننا كبلديات مع المياه ومع المرور ومع جميع الجهات الحكومية المعنية بالخدمات، وكذلك الهاتف والكهرباء وغيرها. وتداخل "الحربي" داعياً إلى تجاوز إشكالية تقاطع المصالح والمهام مع القطاعات الأخرى التي تنفذ عددا كبيرا من الخدمات والمرافق الأرضية مثل خطوط الكهرباء ومجاري السيول وقنوات الصرف الصحي وشبكات المياه والطرق، بالتنسيق والرؤية الواضحة وفق استراتيجية بعيدة المدى لتنفيذ هذه الخدمات قبل الشروع الفعلي في مباشرة التنفيذ؛ حتى لا تتعرض للتأخير والتعطيل. ودعا الأمانات أن تحدد أولويات تنفيذ الخدمات، وكذلك الربط بشكل فاعل بين الإدارات الحكومية الأخرى، منوّهاً بضرورة إجراء دراسة لإيجاد أنفاق أو مواسير جاهزة لتمديد مجموعة من الخدمات مثل تمديد الهاتف والكهرباء، لكي تكون بنفس النفق وبمسار محدد لكل خدمة على حده. شدّد "فهد البليهي" على أهمية إعادة النظر في موضوع تصنيف المقاولين، وهو ما يفترض أن يكون منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن بعض المقاولين يدخلون في بعض المشروعات بخسارة من أجل الحصول على التصنيف، من خلال تنفيذ عدة مشروعات، داعياً "وزارة العمل" إلى التدخل في إشكالية عدم تطبيق الجودة بالنسبة للعمالة؛ لأن بعض المشروعات أصبحت تنفذ بأيدي عمالة سائبة من (الشوارع). وقال "م.منصور العرفج" إن المقاول الذي ينفذ المشروعات حالياً كان في السابق يُنفذ مشروعات بعشرة ملايين إلى خمسين مليون ريال، أما الآن فإنه ينفذ بمليار ريال في ظل وجود الصعوبات التي يواجهها المقاولون، سواءً من تأمين الكادر الهندسي، أو المعدات، أو العمالة، أو المواد، وعلى الرغم من ذلك يأخذون تصنيف درجات أعلى كمقاول مؤهل، وهم ليسوا أفضل من وضعهم السابق، منوّهاً أن المشكلة الأخرى تكمن في جودة الإشراف على التنفيذ، حيث إن الاستشاريين يعانون من تُخمة في الإشراف على التنفيذ، ويستخدمون مهندسين منخفضي الكفاءة، وحديثي التخرج؛ وبالتالي يتوقع هنا عدم الوصول إلى الجودة العالية في التنفيذ، وإنما يتم العمل بشكل مقبول لكن ليس بنسبة مائة بالمائة. مهندسون بلا امتيازات ويشرفون على مشروعات بالملايين! بيّن "م. منصور العرفج" أن الهيكل التنظيمي لدى بعض المؤسسات يعاني من ضعف في الكادر الفني بإعداد المواصفات أو استلام مشروعات، وعلى سبيل المثال يعتبر الكادر الفني في الوزارات متوسط الكفاءة؛ نظراً لهروب الكفاءات الهندسية المؤهلة إلى القطاع الخاص؛ نتيجة عدم توفر امتيازات للمهندسين أسوةً بالقطاع الخاص، ومع ذلك فإن حجم الأعمال المناطة بالمهندس لا توازي حجم الامتيازات التي يحصل عليها، ولذلك نجد مهندساً على المرتبة السابعة يشرف على مشروع بتكلفة نصف مليار ريال بدون أي ميزات، وكما هو معروف أن مشروعات بهذا الحجم تحتاج إلى ساعات عمل تمتد إلى ما بعد الدوام الرسمي، وتحتاج إلى جهد ومتابعة مستفيضة. وقال "م.خالد الغليقة" إن البلديات مثلاً ظُلمت بإناطة المشروعات لها، بينما هي في الواقع أجهزة خدمية تهتم بصحة الإنسان وبيئته ونظافتها بشكل رئيس، إلى جانب تراخيص الأنشطة والفسوحات وتراخيص البناء والتخطيط العمراني وتحديد النطاقات، ولذلك ليس مناطاً بالبلديات تنفيذ المشروعات الضخمة والكبيرة التي تستهلك طاقة كامل جهاز البلدية، بدءاً من رئيس البلدية إلى أصغر موظف؛ ولذلك فإن المشروعات الكبيرة تحتاج إلى أجهزة مستقلة وتحتاج إلى دعم، وإذا كانت "وزارة الشؤون البلدية والقروية" تريد أن تتبنى مثل هذه المشروعات الكبيرة وتستمر في تنفيذها، فمن الضروري أن تُدعّم الكادر بهيكل جيد متكامل وتدعم القطاعات والأقاليم بمختبرات جودة للمواد والأرصفة والسفلتة وغيرها. وأضاف إن دور "وزارة الشؤون البلدية والقروية" -على سبيل المثال- ضعيف في دعم المشروعات الجوهرية، مثل "الاصحاح البيئي" حيث توكِل مثل هذه الموضوعات إلى جهود وإمكانات الأمانات، ولا تدرس المنطقة من خلال الإستعانة باستشاري متخصص لعمل دراسة، ثم يتم طرح المشروع من خلال الوزارة، بل إن الواقع أن كل بلدية تجتهد من نفسها في هذا الموضوع. أسباب «مهنية» و«فنية» و«إدارية» لتدني تنفيذ المشروعات -عدم تعزيز الجهات الحكومية بالكوادر الفنية والإدارية والمالية اللازمة؛ لإعداد المنافسات الحكومية وطرحها واستقبال العروض وتحليلها وترسيتها ومتابعة تنفيذها، حيث تعاني بعض الجهات الحكومية من النقص الحاد في هذه الكوادر نتيجة لتسرب الكثير من الكوادر الوطنية للعمل في شركات القطاع الخاص وإنهاء خدمات الكوادر الفنية الوافدة بقصد سعودة وظائفها. -عدم التزام معظم الجهات الحكومية قبل طرح المشروعات بإعداد قائمة لكافة الموردين والمصنعين للمواد والمعدات في كل منطقة من مناطق المملكة، أو حتى في كل محافظة، وتضم هذه القائمة ضمن وثائق المنافسة، وبالتالي يقوم المقاول باختيار الموردين من هذه القائمة ودون الرجوع للجهة الحكومية أو الاستشاري لطلب الاعتماد بقصد توفير الوقت. - عدم قيام المصمم أو الاستشاري غالباً بإجراء تحاليل واختبارات التربة قبل طرح المنافسة وبناء جداول الكميات على نتائج هذه التحاليل، ووضع هذه النتائج في وثائق المنافسة، وبالتالي توفر الوقت اللازم لذلك، خصوصاً للمشروعات التي تنفذ في المناطق النائية التي تتأخر المختبرات في الذهاب إليها لأخذ التحاليل والعينات لفحصها. - عدم تحديث المخططات والرسومات قبل طرح المنافسة، مما يؤثّر على جودة تنفيذ المشروع؛ نتيجة إجراء التعديلات والتغيرات أثناء التنفيذ، ونقصد هنا التعديلات الجوهرية كتغيير الواجهات أو التوسعات الكبيرة التي تزيد على 10٪ من قيمة المشروع والتي يتسبب إجراؤها تأخير المشروع وتكبيد المقاول خسائر نتيجة لتمديد المدة الزمنية، مما يدعو المقاول إلى المطالبة بفروق أسعار، أو على أقل تقدير تجري هذه التعديلات قبل استلام الموقع وفي مدة زمنية محدودة جداً لا تتعدى بأي حال من الأحوال 45 يوماً كحد أقصى. - ضرورة مراعاة أن يكون الاستشاري المصمم للمشروع هو المشرف على التنفيذ، وذلك لتفادي أي تعديلات قد يأتي بها استشاري آخر يُسند إليه الإشراف، فالمعلوم أن وجهات النظر الهندسية تختلف من استشاري إلى آخر وكذلك الأسس التصميمية (Criteria)، وأن يعطى الاستشاري في الموقع صلاحيات تامة للموافقة على المخططات واعتماد كافة المواد دون الرجوع إلى المركز الرئيسي له سواء كان في جدة أو الرياض أو أي مدينة أخرى. «المشرف الفني» غائب أو قليل خبرة! أوضح "سليمان الضويان" أن سبب غياب الجودة عن المشروعات الحكومية يعود إلى ظاهرة غياب الإشراف الفني على المشروعات؛ نظراً لعدم وجود جهاز فني متكامل لدى الجهة المعنية، فمثلاً أغلب الجهات في المدن الصغيرة قد لا يوجد بها مهندس واحد، وقد يوكل الإشراف على المشروعات لأشخاص ليسوا ذوي تخصصات هندسية فنية؛ على الرغم من أن لدى بعض هذه الجهات مشروعات بمئات الملايين، إضافة إلى أثر بعدها على المدن الكبيرة، كما أن أغلب الجهات الحكومية لا يوجد بها جهاز فني متكامل من المهندسين في مختلف التخصصات بسبب تدني رواتب المهندسين، وعدم وجود كادر وظيفي لهم، فتجد أن الجهاز الفني يتكون من مهندسين أحدهما مدني وآخر كهربائي على مشروعات أغلب عناصرها كهربائية والكترونيات وهندسة قوى، وقِس على ذلك باقي التخصصات. وأشار إلى أنه حتى لو اسندت الجهة مشروعاتها على مكاتب استشارية يغيب عنها عنصر المتابعة؛ بسبب ضعف الخبرة ومركزية الإدارة التي أضعفت دور الإشراف الفني، حتى التعميد بالصلاحيات يكون محدوداً، كما أن قلّة المكاتب الاستشارية الهندسية، وغيابها في بعض المدن، وعدم اكتمال عناصرها الفنية، وبُعد بعض المشروعات يسبب عائقاً للإشراف وزيادة أعباء إضافية على قيمة المشروع. وأرجع "بدر الحربي" سبب غياب الإشراف الفني عن تنفيذ المشروعات الحكومية إلى عدم وجود العدد المناسب من المهندسين والفنيين لإدارة المشروعات، وغياب خطة ضبط الجودة ومعايير محددة أخرى، مبيناً أن ما يعزز غياب ضبط الجودة هو عدم وجود مختبرات متكاملة لإدارة جودة المشروع بشكل كامل، ولكي نحقق أحكام الرقابة لجودة المشروعات فإن الوضع يتطلب توافر عدد من العناصر الهامة يأتي في مقدمتها وجود الخطة المناسبة لضبط أعمال الجودة توضّح فيها كامل التفاصيل، إلى جانب إيجاد العدد المناسب من المهندسين والمكاتب الاستشارية المؤهلة، إضافة إلى تقديم التدريب الفني والإداري المناسب لطواقم الإشراف والمتبعة لتلك المشروعات، التي تتطلب تنفيذ وفق جودة تحتاج إلى تخطيط وتنظيم وإدارة سليمة. وتساءل "سليمان الضويان" حول كيفية تكليف الجهاز المالك بالتقييم وهو ليس لديه معرفة فنية ولا خبرة ولا تخصص، لهذا من الطبيعي أن يحدث ضعف في الرقابة والتقييم، مبيناً أنه إذا كان هكذا حال المشروعات في مدن وأماكن نمو حضري، فكيف إذا كان في أماكن نائية، موضحاً أن رقابة الجهة المالكة والاستشاري المشرف مطلب مُلح فضلاً عن دور المواطن في المراقبة على المشروعات، وهو الدور المنتظر أن يكون ناشطاً وحاضراً. المشاركون في الندوة أكدوا على أهمية تنسيق ومتابعة المشروعات الخدمية من قبل متخصصين وخبراء (عدسة - بدر الفريدي) المشاركون في الندوة فهد البليهي رئيس بلدية محافظة المذنب م.منصور العرفج نائب مدير عام المياه للتشغيل والصيانة بالقصيم عضو المجلس البلدي بأمانة القصيم بدر الحربي مدير فرع هيئة الرقابة والتحقيق بمحافظة المجمعة عضو المجلس البلدي بأمانة القصيم سليمان الضويان رجل أعمال م.خالد الغليقة مدير مبيعات قطاع الأعمال في الاتصالات السعودية