بدأ الموفد الدولي - العربي الى سورية الأخضر الإبراهيمي زيارة لدمشق أمس يُفترض أن تُحدد نتائجها إلى حد كبير مصير الجهود لعقد مؤتمر السلام السوري، أو ما يُعرف ب «جنيف - 2». لكن المؤشرات الصادرة من العاصمة السورية لا توحي حتى الآن بأن النظام مستعد للتنازل عن السلطة لمصلحة حكومة انتقالية، بحسب ما جاء في بيان «جنيف - 1»، وبحسب ما تُصرّ المعارضة السورية التي يؤازرها في هذا الموقف تحالف واسع يضم دولاً غربية وعربية فاعلة. وكان لافتاً أن الإبراهيمي قدّم ملامح تصوره لكيفية الوصول إلى تسوية، عشية وصوله إلى دمشق، إذ قال في تصريحات الى مجلة فرنسية إن الرئيس بشار الأسد يمكنه أن يلعب دوراً في المرحلة الانتقالية من دون أن يقودها بنفسه. ووصل الإبراهيمي إلى دمشق أمس براً عن طريق بيروت التي جاء اليها مباشرة من طهران حيث بحث مع كبار مسؤوليها الدور الممكن أن تلعبه ايران في جهود حل الأزمة السورية، بحكم أنها الداعم الأساسي لنظام الأسد من خلال إمداده بالأموال والسلاح والمقاتلين. وعلى رغم أن الموفد الدولي - العربي لم يعلن صراحة إنه تلقى تطمينات لجهة الدور الذي يمكن أن تلعبه طهران في تسهيل الحل، إلا أنه اعتبر أن مشاركتها في «جنيف - 2» تُعتبر «ضرورية»، مخالفاً بذلك رأي شريحة واسعة من المعارضة السورية التي رفضت حضور الإيرانيين مؤتمر السلام. ولم يكن واضحاً حتى مساء أمس طبيعة اللقاءات التي سيجريها الإبراهيمي في دمشق، لكن الأنظار ستكون مركّزة على الاجتماع الذي قد يجمعه مع الرئيس السوري، اضافة الى محادثاته مع مسؤولين سوريين آخرين. وهذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها الابراهيمي لدمشق منذ قرابة السنة عندما قطع الأسد مدة اللقاء معه كتعبير عن امتعاضه من «تجرؤه» على مفاتحته بإمكان عدم ترشحه للرئاسة مجدداً في انتخابات 2014. وكشف الأسد لاحقاً أنه قال للإبراهيمي إن هذا الأمر لا يناقش سوى بين السوريين أنفسهم، طالباً من الموفد الدولي أن يلتزم بحدود مهمته، وهي أنه مجرّد «وسيط». وعشية وصوله إلى دمشق، اعتبر الابراهيمي أن الرئيس الأسد يمكن أن يساهم في المرحلة الانتقالية نحو «سورية الجديدة» من دون أن يقودها بنفسه. وأوضح، بحسب ما أوردت وكالة «فرانس برس»، أن «الكثير من المحيطين به (الأسد) يرون في ترشحه (لولاية جديدة في العام 2014) أمراً محتماً. هو يرى الأمر حقاً مكتسباً... انه يرغب بالتأكيد في انهاء ولايته الحالية»، وذلك في مقابلة اجريت معه في باريس ونشرها الموقع الالكتروني لمجلة «جون افريك» الأسبوعية يوم أمس الإثنين. وأضاف الابراهيمي: «علّمنا التاريخ انه بعد أزمة مماثلة (في اشارة الى النزاع السوري) لا يمكن العودة إلى الوراء. الرئيس الأسد يمكنه إذاً أن يساهم بشكل مفيد في الانتقال بين سورية الماضي، وهي سورية والده (الرئيس الراحل حافظ) وسورياه، وما اسميه الجمهورية السورية الجديدة». واعتبر الدبلوماسي الجزائري أن الرئيس السوري «كان شخصاً منبوذاً» قبل الاتفاق حول السلاح الكيماوي السوري، و «تحوّل إلى شريك» بعده، مضيفاً «إلا أن بشّار لم يسقط ابدا... ومهما يقول الناس، فهو لم تساوره الشكوك على الاطلاق، لا لجهة ما يحق له، ولا لقدرته على حسم الأمور لصالحه». وأتى التصريح الأخير رداً على سؤال حول ما اذا كان الاتفاق الروسي - الاميركي حول نزع الترسانة الكيماوية السورية الذي تم التوصل اليه في ايلول (سبتمبر) بعد تهديد بضربة عسكرية اميركية، قد ادى الى تعويم الأسد. وأبدى الابراهيمي حذره حول مشاركة المعارضة في مؤتمر «جنيف - 2». وقال إن المؤتمر المزمع عقد في تشرين الثاني (نوفمبر) «هو بداية مسار. نأمل في ان تتمكن المعارضة من الاتفاق على وفد ذي صدقية وقدرة تمثيلية. لا يجب ان تكون لدينا أوهام: لن يحضر الجميع. المرحلة اللاحقة لهذا المسار يجب أن تشمل اكبر عدد ممكن». واعتبر أن «ما يهدد سورية ليس تقسيم البلاد. الخطر الحقيقي الذي يواجه هذا البلد هو نوع من الصوملة، يكون اطول واعمق مما رأيناه في الصومال».