انتقد الحزب «الإسلامي العراقي» أمس بشدة مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري، واعتبره «مثيراً للطائفية». وهدد بطرح قانون سني، فيما رأى «التحالف الوطني» ان القانون المقترح يأتي استناداً إلى الدستور. وكان وزير العدل حسن الشمري أعلن الأربعاء الماضي إنجاز مشروعي قانون الأحوال الشخصية والقضاء الشرعي الجعفري. وأعلن «الحزب الإسلامي» في بيان أمس، أن «قانون الأحوال الشخصية يجب أن يراعي مبدأ التوفيق بين المذاهب الفقهية المعتمدة، ويغطي تسعين في المئة من الحالات الموجودة من دون الإشارة في عنوانه إلى المذهب». وأضاف أن «قانون 59 هو الأمثل لأنه راعى هذه الاعتبارات جميعاً، بعيداً من الانحياز إلى مذهب بعينه». وأوضح أن «الضجة الدائرة اليوم حول القانون تثار لأسباب انتخابية وتأخذ الشكل الطائفي وكأنما هو تغليب لمذهب على مذهب والأمر ليس كذلك لأن الدستور أعطى لكل عراقي الاحتكام إلى مذهبه». وتابع: «إذا أصر اليوم كما يذهب البعض على طرح قانون يمثل الفقه الجعفري تحديداً من دون مراعاة المذاهب الأخرى فلا يسع أصحابها إلا المطالبة بقانون خاص بهم وفق مذهبهم حصراً يتقاضون بموجبه بالاستناد إلى الدستور الذي يدعيه هؤلاء لأنه منحهم هذا الحق كذلك». وأوضح أن «هذا التوجه الخطير سيحدث المزيد من الانقسام في المجتمع العراقي المنقسم فعلاً، ويحتاج إلى من يعيد له التلاحم والتوحد الذي كان عليه سابقاً». وأبدى الحزب استهجانه «سلوك بعض السياسيين أو الأحزاب واستغلالهم عواطف الناس الدينية والمذهبية وإثارتهم لها من دون مراعاة عواقب ما يقومون به على المجتمع العراقي من افتعال للأزمات والمشكلات في حياة العراقيين وهم في غنى عنها». وزاد: «إننا لم نجد في السابق أي شكوى من قانون 59 لا من السنّة ولا من الإخوة الشيعة»، داعياً «من يريد تغييره إلى تقديم المواد التي تتعارض مع مذهبه وتمنعه من الالتزام به مما لم نسمعه من قبل إلا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وهو أمر له مغزاه من دون شك». إلى ذلك، قالت النائب عالية نصيف ل «الحياة»، إن «قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 جمع المذاهب وقرّبها، ما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كان الوزير الشمري قد قرأ ديباجة هذا القانون التي تقول: تراعى في تطبيق أحكام هذا القانون الأحكام الشرعية للمتقاضين، أي أن القاضي بإمكانه أن يسأل المتقاضين عن مذهبهم ليتم التقاضي وفق مذهبهم وحسب رغبة المتقاضين». وأضافت أن «طرح هذين القانونين جاء في وقت يسعى الجميع إلى رص الصفوف وتوحيد كلمة العراقيين، فأين المبادرات الرامية للحفاظ على السلم الاجتماعي إذا كنا قد قسمنا العراق إلى طوائف، سيما أن هذا يعني تشكيل محكمة خاصة للشيعة واخرى حنفية وشافعية وحنبلية ومالكية ومسيحية وصابئية وغيرها، ألم نتعلم الدرس من تجربة تقسيم الوقف إلى سني وشيعي لنأتي بقانون يقسم الشعب إلى مذاهب وطوائف». إلى ذلك، اعتبر ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي المنضوي في التحالف الشيعي، ان «منتقدي قانون الأحوال الشخصية الجعفري «جهلة بفحوى القانون أو يحملون آراء متعنتة». وقال النائب عن الائتلاف حسين الياسري، إن «قانون الأحوال الجعفري يستند في شكل كامل إلى الدستور الذي لا تزال بعض بنوده غير مقرة بالشكل الكامل في قوانين الدولة التي إما تقادم عليها الزمن أو جيء بها في عهد مجلس قيادة الثورة المنحل». وأضاف الياسري في تصريح صحافي أن «المادة 41 من الدستور العراقي نصت على أن العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية وهذه المادة يجب أن تنظم بقانون يكفل ما جاء فيها في شكل كامل للعراقيين كون المادة الدستورية متسمة بقدسية حتى يتم تعديلها». يذكر أن أول قانون للأحوال الشخصية في العراق يحمل رقم 188 صدر عام 1959، وقد استند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، مستمزجاً فقه المذاهب كلها من دون تحيز. وبعد إسقاط النظام السابق عام 2003، أصدر مجلس الحكم الانتقالي القرار 137 ألغى بموجبه هذا القانون وأعاد العمل بالقضاء المذهبي. ونصت المادة 41 من الدستور، على أن «العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، وفق دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون».